من أقاصي شرق قارة آسيا وتحديدا من دولة الفلبين قدمت الممرضة (س)قبل نحو 3 سنوات إلى ليبيا، للعمل ضمن طاقم التمريض في أحد المستشفيات الليبية، وذلك على أمل منها في تحسين ظروف أسرتها المعيشية من خلال تحويل جزء من مرتبها إليهم كل شهر. لكن تدهور الوضع المالي واستمرار أزمة السيولة المالية ووقف التحويلات منذ منتصف سنة 2015، حال بينها وبين فعل ذلك لتصبح بالكاد قادرة على إعالة نفسها.


تقول الممرضة التي نرمز لها بـ(س)، "إنني عاني جراء نقص السيولة المالية.. لا مال ولا غاز هنا كل شيء أصبح مكلف الآن". وطلبت الممرضة التي تواصلت معها بوابة أفريقيا الاخبارية عبر الانترنت بعدم نشر اسمها أو مكان إقامتها خوفاً على نفسها، "أعاني منذ أيام من المرض وأنا غير قادر على شراء الدواء.. أشعر بالسوء حيال ذلك".
 وكشفت (س)، أنها منذ 10 أشهر لم تسطع تحويل أموال لعائلتها، التي تعتمد بشكل كامل عليها وذلك جراء استمرار أزمة نقص السيولة النقدية التي تضرب بالمصارف الليبية منذ عدة أشهر إضافة إلى توقف التحويلات للعاملين الأجانب.


وقالت، إن عدم تمكنها من تحويل أموال إلى أهلها يخلق لديها شعور "قاتل". وأوضحت أن كل ما تحصلت عليه من قيمة مرتبها طيلة المدة الماضية، هو فقط مبلغ (1500) دينار، أي ما يعادل (150) ديناراً شهرياً.
وتساءلت الممرضة، "كيف يمكن لشخص أن يبقى على قيد الحياة في ظل هذا الوضع.. كل شيء أصبحت أسعاره مرتفعة.. أنا لا أكل بشكل صحيح.. مؤسف أن يحدث هذا لي؟!".
 وأعربت الممرضة عن حزنها الشديد جراء ما تتعرض له أحياناً وزملائها، من معاملة خلال تأديتهم لعملهم، حيث قالت، "لدي قلب كبير، لكن الناس أحياناً يكونون غاضبين ويوجهون إلينا عبارات اللوم الشديد".


وأضافت «قد يصرخ أحدهم في وجهك داخل المستشفى، بسبب عدم وجود الأدوية والمستلزمات، التي عليهم شرائها من الصيدليات الخارجية".
 وقالت، "هذا ليس خطأنا.. إنهم يثيرون غضبي أحياناً". وأضافت، "نحن هنا للمساعدة وليس لتقبل اللوم والصراخ". وتابعت تقول، "نحن لا نحصل على مساعدة.. هذا يجعلني محبطة كثيراً.. وأحياناً أتسائل لماذا أنا لازلت هنا؟!!
وأضافت، "أعرف أنني لا أملك شيئاً هنا، لكنني ضد العنف". وأعربت عن حزنها الشديد جراء الأوضاع التي تمر بها ليبيا عموماً.


وقالت، "الناس يقتلون بعضهم بعضاً، لما هذا؟.. لماذا هم غير قادرين على الجلوس والتحدث عن الأمور التي من شأنها تعمل على تحسين أحوال ليبيا؟!" 
وأضافت، "الناس تعاني هنا، وبالأخص أولئك الذين لم يتلقوا تعليماً جيداً". 
وأنهت حديثها تقول:"لم أعد أفهم ماذا يحدث هنا.. لست أدري إن كان هناك أمل في أن تُحل الأمور وتعود الأوضاع إلى طبيعتها".
 وتنص العقود الموقعة مع الأطقم الطبية الأجنبية العاملة في ليبيا على تحويل ما نسبته 70 في المئة من قيمة مرتباتهم إلى بلدانهم.


وتسبب توقف تحويل مرتبات الأجانب في مغادرة الكثير من العناصر الطبية الأجنبية، الأمر الذي أثر بشكل سلبي على سير العمل داخل المستشفيات الليبية. 
وقالت مجموعة من المصارف الليبية التي تواصلت معها بوابة إفريقيا، إن أغلب العمال الأجانب لم يقوموا بتحويل مرتباتهم إلى بلدانهم الأصلية منذ بداية عام 2015.
وغالباً ما طالبت إدارات المستشفيات في ليبيا إلى حل أزمة التحويل، حيث كان مدير عام مركز طبرق الطبي فرج الجالي، قد دعا في يوليو الماضي، إلى ضرورة وضع حلول جذرية وسريعة فيما يخص تحويلات المصرفية للعناصر الطبية والطبية المساعدة الأجنبية العاملة بالمركز والتي تعاني من مشكلة توقف التحويلات منذ بداية عام 2015.


وقال مدير مصرف التجارة والتنمية فرع طبرق، في اجتماعه آنذاك مع مدير المركز الطبي طبرق،"إن المصرف لا يمتلك تغطية خارجية"، في حين وضح مدير المصرف التجاري الوطني طبرق بأن المصرف يقوم بجميع إجراءات التحويل وإحالتها، وأن التعطيل ليس من الفرع بل من مصرف ليبيا المركزي".
 كما دعا مستشفى مصراتة المركزي في 27 يوليو الماضي،إدارات فروع المصارف التجارية، بتسهيل وتسريع الإجراءات الإدارية المتعلقة بتحويل مرتبات ومستحقات العناصر الأجنبية العاملة لديها إلى بلدانها الأصلية.
وأكد المستشفى على ما تواجهه العناصر الطبية والطبية المساعدة من عراقيل في تحويل مرتباتها ومستحقاتها المالية مع ارتفاع أسعار الصرف في السوق الموازي، مما أدى لعزوف هذه العناصر عن العمل بالمستشفى.