دعا المشاركون في ملتقى تمويل المدن الأفريقية، الذي اختتم أشغاله أول من أمس بإصدار «إعلان مراكش»، إلى إحداث «صندوق تنمية المدن الأفريقية»، بغية «المساهمة في تأهيل الاستثمارات لتمكين المدن الأفريقية من رفع تحدي التعمير المتسارع بالقارة». ويعول على الصندوق في أن يساعد على تحسين أداء وحكامة البلديات، خاصة في مجال التدبير ومصداقية الممارسة المالية، وكذا المساهمة في توحيد وانسجام تدخلات الدول والشركاء في التنمية لدعم المدن الأفريقية.
وطالب المشاركون في الملتقى الذي تواصل على مدى يومين، بضرورة انخراط المدن والبلديات الأفريقية والدول والمؤسسات في هذا الصندوق ودعمه والمشاركة في أنشطته، كما دعوا إلى وضع لجنة للقيادة من أجل ضمان تحقيق ريادة وتوجيه السياسات لترجمة هذا الصندوق إلى واقع.
وشكل الملتقى، الذي عرف مشاركة نحو 300 من الوزراء والمسؤولين الحكوميين، وممثلي البلديات، والفاعلين الاقتصاديين، والمؤسسات المالية الجهوية والوطنية بالمدن الأفريقية، فرصة للوقوف على واقع تدبير المدن الأفريقية، خاصة فيما يتعلق ببرامج التأهيل في علاقتها بالتطور المتسارع الذي تعرفه، من أجل الوقوف على العقبات التي تعوق مسلسل التمويل.
وأبرزت تدخلات عدد من المسؤولين الأفارقة المشاركين في الملتقى، الذي نظم في موضوع «تمويل المدن الأفريقية: أجندات وتحالفات وحلول»، أن مستقبل القارة يتحدد اليوم من خلال التنمية المستدامة للمدن التي تمددت بشكل كبير، وأضحت أكثر كثافة سكانية.
وقال محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية المغربي، إن مختلف برامج تأهيل المدن تهدف إلى التوزيع العادل لتجهيزات القرب والنهوض بالتشغيل وخلق الثروات وضمان إحداث انسجام سوسيو مجالي وتحسين ظروف عيش الساكنة. ولاحظ الوزير المغربي أن ساكنة المدن تضاعفت 3 مرات على ما كانت عليه قبل 5 عقود، إضافة إلى أن هذه المدن تحتضن ما يفوق 75 في المائة من الثروات، وتستقطب 70 في المائة من الاستثمارات الخارجية، وبالتالي فمواكبة هذا التطور تقتضي توفير الأمن والحماية البيئية وتسهيل التنقل الاقتصادي لدعم فرص الشغل والنهوض بها؛ فيما شدد الشرقي اضريس، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية المغربي، على أن المدن مدعوة إلى المساهمة في الجهود الرامية إلى محاربة كل أشكال الإقصاء الاجتماعي الناجمة عن التطور العمراني المتسارع.
وفيما شددت فاطمة الزهراء المنصوري، عمدة مدينة مراكش، على أن تنمية الدول الأفريقية تتطلب إرادة قوية وقدرة على التفكير والابتكار والعمل بشكل جماعي؛ دعا خليفة أبا باكار سال، عمدة مدينة دكار السنغالية ورئيس منظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بأفريقيا ونائب رئيس الصندوق العالمي لتنمية المدن، إلى ضرورة تشجيع التنمية المحلية ورفع التحدي، بابتكار طرق جديدة لتمويل مشاريع الإعمار، حتى تصير أفريقيا الغد قاطرة للتنمية المستدامة.
وشكل الملتقى، الذي نظم تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، بمبادرة من بلدية مراكش، وشراكة مع شبكات البلديات للصندوق العالمي لتنمية المدن ومنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بأفريقيا، فرصة للفاعلين في مجال التنمية الأفريقية للتفكير واتخاذ قرار بشأن نموذج مبتكر في مجال تمويل تعمير شمولي ومستدام.
وتضمن برنامج الملتقى جلسات عمومية وموائد مستديرة ركزت على التخطيط للاستثمارات الحضرية، وتثمين وتعبئة الموارد الضريبية والعقارية، والولوج إلى قروض الممولين الدوليين والجهويين والمؤسسات المالية المختصة والبنوك الخاصة الموجودة بالقارة الأفريقية، وإلى أسواق رؤوس الأموال، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، والآليات المالية المتجددة. كما ركز الملتقى على أهمية التنويع في مصادر التمويل وإدارة الموارد المالية للحكومات المحلية الأفريقية في تحقيق التنمية الحضرية المستدامة.
وشهد الملتقى عرض حالات وشهادات من الدراسات المحلية والفاعلين في مجال التنمية الحضرية، وتسليط الضوء على الآليات القائمة على تنويع الموارد المستدامة والإدارة الفعالة للتنمية الحضرية المحلية وإيجاد وسائل وطرق تمويل جديدة بديلة ومبتكرة، تقوم مقام الطرق التقليدية التي أضحت متجاوزة بعد أن لم يعد بإمكانها تلبية الاحتياجات المتزايدة للمدن.

*نقلا عن الشرق الأوسط