تشهد محاور الاشتباكات جنوبي العاصمة طرابلس ومنطقة العزيزية، اشتباكات عنيفة منذ أيام بين قوات الجيش الوطني وقوات حكومة الوفاق.وتستمر هذه المواجهات للشهر السابع على التوالي منذ اعلان الجيش الوطني اطلاق عملية عسكرية للسيطرة على العاصمة طرابلس وتخليصها من الجماعات المسلحة والمتطرفة حسب ما أعلن عنه.
ومع تصعيده لضرباته الجوية واصل الجيش الليبي تقدمه الميداني في عدة محاور،حيث أعلنت غرفة عمليات الكرامة التابعة للجيش،الأحد، أنه تزامناً مع الضربات الجوية لمقاتلات سلاح الجو، نجحت الوحدات العسكرية بالجيش الليبي في تنفيذ عمليات واسعة بمحاور القتال في العاصمة طرابلس توغلت من خلالها وقامت باقتحام مواقع مهمة لقوات الوفاق، في كل من محاور "اليرموك والعزيزية".
وأكد المركز الإعلامي للجيش الليبي، في بيان، أن الضربات الجوية، شملت تجمعات الميليشيات في مناطق معسكر حمزة ومحيط خلة الفرجان ومزرعة بشارع السدرة، بها آليات عدة وأفراد، وتضم غرفة عمليات أمامية جنوب وشرقي العاصمة.ورصد المركز "تحويل ميليشيات طرابلس بعض المؤسسات المدنية إلى مناطق عسكرية، مثل مصنع التبغ في طرابلس، الذي أصبح ورشة لتركيب الأسلحة على الآليات ومخزناً للذخيرة في وسط حي سكني".
وتحدثت تقارير اعلامية عن مقتل عدد من قوات الموالية لحكومة الوفاق في غارات جوية للجيش الليبي على محمية صرمان التي تستعمل كغرفة لتسيير الطائرات التركية، وفق ما أكده مصدر عسكري من مدينة صرمان.ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن المصدر قوله "إن 6 مسلحين قتلوا أثناء الغارة، من بينهم ضابط في قوات الوفاق برتبة عقيد يدعى محمد سويسي الزنتاني".
وأشار المصدر إلى أن "قوات الجيش رصدت رتلًا مسلحًا يتكون من مليشيات محلية وكذلك المرتزقة، تحرك من منطقة كاباو باتجاه المحمية، وتمت متابعته من قبل الاستخبارات العسكرية وعند وصوله تم التعامل معه بعد أن حدد موقعه بدقة".فيما أشار مصدر صحي في مدينة يفرن إلى أن المستشفى المركزي في المدينة استقبل القتلى والجرحى إثر الغارة التي نفذها الجيش الليبي على محمية صرمان، التي تتمركز فيها قوة تابعة لحكومة الوفاق.
وتأتي هذه التطورات في وقت تواصل فيه قوات الجيش الليبى الدفع بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى محاور القتال فى طرابلس،وقال المسؤول الإعلامي في اللواء 73 التابع للجيش الليبي، المنذر الخرطوش، إنّ "اللواء 73 مشاة الذي يقوده اللواء علي القطعاني، دعم ميادين القتال بـ5 سرايا قتالية".
وأضاف الخرطوش في تصريح عبر صفحة اللواء الرسمية، أنّ "السرايا التي دعمت بها قوات اللواء تتكون من سرية هاوزر تابعة للكتيبة 302 مدفعية وسرية دبابات تابعة لكتيبة 298 دبابات بالإضافة إلى 3 سرايا مشاة".مشيرا إلى أنّ "قوات اللواء 73 مشاة مجحفل، خاضت معارك شرسة في المحاور المكلفة بها في الأحياء البرية، ومحور كزيرما وصولًا إلى كوبري المطار“، نافيًا أنّ ”تكون قوات اللواء تراجعت عن أي نقطة تتمركز بها".
وبين الخرطوش، أنّ "الأوامر صدرت لكافة القوات بالتقدم في الساعات الماضية في نقاط مختلفة ولكافة القوات التابعة للجيش بمختلف المحاور ووفق الاستراتيجية المرسومة من القيادة العامة".مضيفا إنّ "سبب التكتم الإعلامي الذي أتبع من قبل الجيش الليبي، حول التحركات الأخيرة، يأتي حتى لا تفقد قوات الجيش عنصر المفاجأة، وأيضًا لتجنب ضربات الطيران المسير التركي الذي لا تزال بعض طائراته تعمل في تخوم طرابلس".
وفي غضون ذلك،يتواصل سقوط ضحايا مدنيين وط تبادل للاتهامات بين الأطراف المتصارعة،حيث أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ بطرابلس، اليوم الاثنين، انتشال 3 جثث عقب سقوط منزل جراء قصف جوي استهدف منطقة الفرناج بالعاصمة طرابلس. وقال الجهاز، في تدوينة نشرها عبر حسابه بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، "قصف جوي منذ قليل على منزل بمنطقة الفرناج بالعاصمة طرابلس، وفِرق الإنقاذ والطوارئ تقوم بانتشال 3 جثامين وتقوم بنقل مصابين جراء سقوط المنزل بالكامل".
واتهمت حكومة الوفاق قوات الجيش الليبي بتنفيذ القصف،حيث دان المجلس الرئاسي القصف متهما  الطيران الحربي التابع لقوات الجيش التابعة للقيادة العامة بتنفيذ الهجوم.وقال المجلس في بيان، تلقت "إن هذا العمل الإجرامي الذي ارتكبه طيران (...) حفتر يضاف إلى سلسلة من الاعتداءات المتكررة على المطارات والممتلكات العامة". وحمّل المجلس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا المسؤولية، ودعاها إلى العمل على حماية المدنيين وفقًا لقرارات مجلس الأمن.
وبدورها اعتبرت وزارة الداخلية التابعة لحكومة الوفاق في بيان لها إن استهداف المدنيين يعتبر جرائم حرب وانتهاك للقوانين والأعراف الدولية والتي تهدف لزعزعة الأمن والاستقرار داخل العاصمة.وطالب البيان "بعثة الأمم الأممية ومجلس الأمن وكافة المنظمات الدولية بتحمل مسؤولياتها تجاه هذه الأعمال الإجرامية والعمل على توثيقها ومحاسبة مرتكبيها وتقديمهم للعدالة".
وفي المقابل،نفى الجيش الليبي قصف المدنيين متهما المليشيات المسلح  باستهداف منطقة الفرناج بالعاصمة طرابلس.وقال الناطق باسم الجيش الليبي أحمد المسماري،عبر صفحته بموقع "فيسبوك" "تؤكد القيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية أن غاراتها الجوية وعملياتها البرية تخضع لحسابات تعبوية دقيقة جدا وتختار الأهداف بعناية بالغة" نافيا استهداف أي هدف مدني".
واتهم المسماري جماعة الاخوان بمحاولة تشويه الجيش الليبي لعرقلة تقدمه في المعارك،قائلا  "إن ما تدعية العصابات الضالة ما هي إلا اكاذيب وادعاءات لا اساس لها من الصحة".وأوضح المسماري أن "فبركة الاخبار الكاذبة والمضللة أصبح اختصاص اصيل للإخوان ومن يسير في ركبهم بعد الخسائر الفادحة التي تلقتها مليشياتهم أمام القوات المسلحة العربية الليبية ودقة الضربات البرية والغارات الجوية والتي من بينها غارات اليوم الاثنين على معسكر المخابرة بالفرناج والذي تتخذه غرفة عمليات" موضحا أن الاستهداف أدى لخسائر كبيرة في الارواح والعتاد.
ويشير الكثير من المتابعين للشأن الليبي أن اتهام الجيش الليبي بقصف المدنيين لا يعدو أن يكون محاولة من المليشيات المسلحة لتشويه الجيش الليبي في وقت مازال يحضى فيه بدعم محلي واسع.ويتجلى ذلك واضحا في اعلان 17 مدينة ومنطقة من الجبل الغربي والساحل الغربي،الأحد،تجديد دعمها وتأييدها للقوات المسلحة في عملياتها العسكرية بالعاصمة طرابلس.
جاء ذلك خلال اجتماع موسع اعقد،الأحد، في مدينة الزنتان وشارك فيه أعيان ومشائخ غدامس وسيناون والحرابة والرحيبات والرجبان وظاهر الجبل ومزدة والقريات وباطن الجبل والأصابعة والمشاشية وشكشوك والقواليش ومن مناطق الساحل الغربي   صرمان وصبراته والعجيلات.وأصدر المشاركون في الاجتماع بيانا أكدوا فيه وحدة التراب الليبي وعدم الإصغاء إلي نداءات التقسيم التي تدعو لها جماعة الإخوان المسلمين.
وتكررت محاولات اتهام الجيش الليبي بالقصف العشوائي واستهداف المدنيين في محاولة لتأليب الرأي العام المحلي والدولي ضده.وتتزامن محاولات التشويه هذه مع تحركات تركية لدعم مليشيات الاسلام السياسي المسيطرة على العاصمة الليبية والدفع بشحن الأسلحة ناهيك عن نقل المقاتلين من سوريا الى طرابلس وهو ما يشكل خطرا كبيرا على ليبيا ويلقي الضوء على التحالفات التي أقامتها حكومة الوفاق.
وتجدد الحديث عن نقل تركيا لعناصر داعش بالتزامن مع الهجوم العسكري الذي تشنه أنقرة على الشمال السوري بزعم محاربة الارهاب.وقال الناطق باسم القيادة العامة للجيش الليبي، اللواء أحمد المسماري،إنّ تركيا تقوم بغزو في سوريا وتقتحم أراضي عربية، مشيراً إلى أنّ أعداداً كبيرة من الإرهابيين أطلق سراحهم من السجون وباتوا في أيدي الأتراك، محذراً من أنّ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد يعمل على إرسال الإرهابيين الموجودين في سوريا إلى ليبيا عبر موانئ ومطارات طرابلس ومصراتة وزوارة.
وأضاف المسماري، إنّ تركيا سبق لها نقل إرهابيين لدعم الميليشيات المرتبطة بغرف العمليات التركية، وإنها لن تتردد في التخلص من إرهابيي داعش بعد إخراجهم من سجون قوات سوريا الديمقراطية عبر إرسالهم إلى الغرب الليبي لمساندة حلفائها في محاور القتال.ورجّح المسماري أن تتولى تركيا إطلاق آلاف الإرهابيين، ما يمثل خطراً على الأمن والسلام في المنطقة، ولا سيما في ظل وجود عائلات إرهابية ليبية تسكن في تركيا ستساهم في نقل الإرهابيين من سوريا إلى الغرب الليبي، وأبرزها عائلة علي الصلابي، عضو التنظيم الدولي للإخوان.
ومنذ انطلاق عملية "طوفان الكرامة" التي أعلنها الجيش الليبي في الرابع من أبريل/نيسان الماضي،تقدمت العناصر والجماعات المتطرفة والإرهابية من تنظيمي "القاعدة" و"داعش" الصفوف الأمامية للمليشيات التي تتصدى للقوات المسلحة،وظهرت العديد من العناصر المعروفة بانتماءاتها الارهابية في المعركة.
ومنذ انطلاق عملية "طوفان الكرامة" التي أعلنها الجيش الليبي في الرابع من أبريل/نيسان الماضي،تقدمت العناصر والجماعات المتطرفة والإرهابية من تنظيمي "القاعدة" و"داعش" الصفوف الأمامية للمليشيات التي تتصدى للقوات المسلحة،وظهرت العديد من العناصر المعروفة بانتماءاتها الارهابية في المعركة.وكانت دول كبرى عدة ومنظمات دولية عبرت في وقت سابق عن قلقها من صدور تقارير إعلامية تشير إلى انضواء بعض الإرهابيين والمطلوبين للعدالة بصفوف القوات الموالية لحكومة الوفاق الليبية في معاركها ضد الجيش الوطني الليبي في العاصمة طرابلس.
ويرى مراقبون،أن مليشيات طرابلس التي تحضى بدعم من تركيا وقطر،يمكن أن تسعى لجلب عناصر "داعش" إلى الأراضي الليبية لتوسيع رقعة الفوضى والأعمال الإرهابية التي يحاول الجيش الوطني الليبي القضاء عليها.ويشير هؤلاء الى تواجد قادة مليشيات تابعة لتنظيم "داعش" في المنطقة، بإمكانهم توفير شتى السبل له لخوض حرب أخرى طويلة في المنطقة الممتدة من ليبيا على البحر الأبيض المتوسط، وحتى إلى أقصى الساحل الصحراوي حيث ينشط التنظيم الإرهابي.