بدأ الجيش الوطني الليبي حملة في الرابع من أبريل/نيسان الماضي، لأجل انتزاع السيطرة على العاصمة الليبية من الميليشيات المسلحة والعناصر الارهابية التي ترسخ وجودها فيها والمسؤولة عن زعزعة الاستقرار والأمن في ليبيا،منذ سنوات.وتصاعدت حدة المعارك خلال الأيام القليلة الماضية وسط تصاعد المؤشرات حول اقتراب حسم المعركة وتحرير المدينة.

الى ذلك،يواصل الجيش الليبي تحركاته بهدف التقدم نحو وسط العاصمة الليبية،والحاق الخسائر في صفوف المليشيات المتحالفة ضده حيث نقلت وكالة أنباء البيضاء عن  شعبة الإعلام الحربي  القول إن الجيش الليبي تمكن من غنم ثلاثة دبابات واثنان سلاح 23 من مليشيا الردع الخاصة التابعة لوزارة داخلية الوفاق غير الشرعية. 

وأوضحت المصادر أن طلائع القوات المسلحة تمكنت من دحر مليشيا الردع إلى ما بعد مبنى جوزات صلاح الدين مشيرة الى أن قوات المدفعية التابعة للقوات المسلحة تدك هذه اللحظات تمركزات وتجمعات مليشيات حكومة الوفاق التي تحاول منع تقدم القوات المسلحة إلى وسط العاصمة الليبية طرابلس.

ويؤكد المسؤولون في الجيش الليبي أن حسم المعركة اقترب وأن دخول الجيش للعاصمة لا مفر منه،وهو ما أشار اليه آمر اللواء 73 مشاة اللواء علي القطعاني،الذي أكد استعداد القوات المسلحة لدخول قلب طرابلس وذلك بعد نجاح الوحدات العسكرية في استنزاف الميليشيات المسلحة بضواحي طرابلس.

وأوضح اللواء القطعاني أن القوات المسلحة ستدخل العاصمة لتحريرها من الميليشيات خلال أيام معدودة.وأشار إلى أن تركيا وقطر دعمت المليشيات التابعة لجماعة الإخوان بإرهابيين تم نقلهم من مدينة إدلب السورية ، لافتاً إلى أن الإرهابيين يتمركزون في مدينة الزاوية لدعم ميليشيات أبوعبيدة التي تحركها قطر وتركيا حسب مصالحهما.

وشهدت معركة طرابلس خلال الساعات الأخيرة تطورات هامة،حيث شن الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر هجوما جويا استهدف لأول مرة مواقع استراتيجية في مدينة مصراتة.وأكد الجيش أن الضربات الدقيقة استهدفت بصفة خاصة الكلية الحربية الجوية بمدينة مصراتة وكذلك غرفة التحكم بالطيران التركي في المدينة التي تتحالف بشكل صريح مع أنقرة.

ومثل قصف القاعدة الجوية بمصراتة بحسب المراقيين،منعرجا جديدا في مسار العمليات العسكرية، يشير الى نية الجيش الليبي توسيع رقعة المعارك الدائرة في ليبيا،والدخول في مرحلة الحسم، لاسيما وأن هذا القصف جاء بعد إعلان اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي، عن مفاجآت مُرتقبة على مستوى العمليات العسكرية في محيط العاصمة طرابلس.

وفرض الجيش الليبي،السبت،سيطرته على مناطق جديدة حيث أكدت شعبة الإعلام الحربي عبر صفحتها بموقع "فيسبوك" أن قوات الجيش أحرزت تقدمات عسكرية في محاور العاصمة طرابلس.فيما أعلنت قوات اللواء التاسع التابع لقوات الجيش الليبي، سيطرتها على كوبرى القره بوللى الاستراتيجى بالطريق الساحلى الواقع شرقى العاصمة طرابلس، في وقت تردّدت أنباء عن تواصل التقدم باتجاه منطقة بوسليم أحد أكبر الأحياء السكانية جنوب غرب العاصمة طرابلس.

كما فرض الجيش الليبي سيطرته، السبت، على معسكر النقلية جنوبي العاصمة،وهو ما أكدته مليشيا لواء الصمود بقيادة المطلوب محلياً ودولياً صلاح بادي،التي وصفت سيطرة القوات المسلحة على الموقع بـ"الاختراق".وأوضح لواء الصمود بحسب مكتبه الاعلامي بأن من وصفهم بـ"العدو" (القوات المسلحة الليبية) حققت إختراق نسبي في منطقتي الاحياء البرية ومعسكر النقلية ، مبيناً بأنه يعمل على معالجة ما وصفه بـ"الاختراق".

تطور آخر تشهده المعارك في العاصمة الليبية،ياتي مع رفض الجيش الليبي مطالب بعض الوجهاء والأعيان من مدينة "غريان" بدخول الجيش مرة أخرى للمدينة بدون معارك.حيث قال مصدر في مجلس أعيان ووجهاء مدينة غريان،إن اتصالات تجري منذ أكثر من 10 أيام مع قيادات عسكرية للتفاوض حول إعادة تمركز الجيش بالمدينة.

ونقل موقع "ارم نيوز" الاخباري عن المصدر قوله أن المجلس الاجتماعي لأعيان ووجهاء "غريان" اقترح دخول الجيش للمدينة بدون قتال على أن يسبقه خروج كافة المسلحين منها، وللجيش اتخاذ أي إجراءات يراها مناسبة.وذكر المصدر أن رد الجيش كان عن طريق آمر غرفة عمليات المنطقة العسكرية الغربية، اللواء المبروك سحبان، الذي أكد أن الجيش ليس له شروط سوى أن يسلم المسلحون أنفسهم وأسلحتهم للجيش.

ودخل الجيش الوطني الليبي الى مدينة غريان منذ بداية انطلاق العمليات العسكرية لتحرير العاصمة،ولم تكن هناك مقاومة لدخول الجيش الليبي، حين وصل إلى المدينة، بعد أن عقد مجلس أعيانها اتفاقًا لدخولها بدون حرب، وتعهد لقيادة الجيش بأن المسلحين المتواجدين في المدينة لن يتعرضوا لقوات الجيش.

وبعد أن سيطر الجيش على المدينة، تراجع إلى تخوم المدينة وترك مسألة تأمينها للقوات الأمنية من أبناء غريان وضباطها في المؤسسات الأمنية، غير أن من تعهد مجلس الأعيان بحياديتهم، نقضوا العهد وهاجموا المقرات الأمنية وبدأوا في إثارة الفوضى؛ استجابة لتحرك ميليشيات أسامة الجويلي في منطقة القواسم المتاخمة لمدينة غريان.

وأكد مصدر عسكري مسؤول تابع للقوات المسلحة العربية الليبية،حينها في تصريح لـ "بوابة أفريقيا الإخبارية، "إن غريان لم تسقط نتيجة معركة ولكن للثقة العمياء في تعهدات المليشيات وأعيان المنطقة وخيانتهم للعهد".وتابع "القوات المسلحة احترمت المدينة ولم يسقط بها أي شخص ولم يتم تمشيط المدينة بناء على الاتفاق، ولكن اموال الاخوان وحكومة الوفاق هي من جندت المليشيات والعصابات واغرت الشباب على الانتفاض ضد الغرفة وكان لزاما الانسحاب منها".

وقال طلال الميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان الليبي، إن ما وقع في مدينة غريان خيانة من بعض أهالي غريان مقابل الأموال.وأضاف في تصريحات خاصة لوكالة "سبوتنيك" الروسية، أن الجيش الليبي حين دخل إلى مدينة غريان دون قتال أعطى الأمان للجميع، خاصة أن ليبيا مبنية على النسيج الاجتماعي، وأنهم وعدوا الأهالي بأن الجيش لن يستهدف أي مواطن ما لم يتعرض للجيش.

وشهدت مدينة غريان انتهاكات جسيمة على يد المليشيات المسلحة،وتداول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي فيديو لعملية تحقيق "مهينة" مع جرحى الجيش الوطني في مستشفى غريان العام، مشيرين إلى تصفية العديد من الجرحى والتنكيل بالجثث من قبل عناصر متشددة من ضمن مجلس شورى بنغازي وتنظيم أنصار الشريعة وميليشيات مصراته.وداهمت عناصر ميليشياوية مستشفى غريان العام بعد السيطرة على المدينة وانسحاب قوات الجيش منها، وأقدمت على تصفية الجرحى والتنكيل بالجثث عبر ضربها بالأحذية وإلقائها في حاويات القمامة.

وتأتي هذه التطورات بعد خمسة أيام على إعلان القيادة العامة للجيش الوطني الليبي بدء ساعة الصفر لدخول مدينة طرابلس من قبل وحداته،ويبدو أن بعض نتائج هذه العملية العسكرية الموسعة بدأت تظهر على أرض الواقع،حيث يرى متابعون للشأن الليبي أن الجيش غير من استراتيجيته القائمة على استنزاف المليشيات وانتقل الى مرحلة الزحف نحو قلب العاصمة ودحر المليشيات وتضييق الخناق حولها.

ودخلت حكومة الوفاق العاصمة الليبية طرابلس في يناير 2016 وتولى رئاستها فائز السراج، وعلى الرغم من وجود اتفاق مبدئي بينه وبين الأطراف الفاعلة في الأزمة الليبية، فإنه اتجه بعد ذلك للتحالف   مع تيار الاسلام السياسي وعلى رأسه جماعة "الإخوان"، إضافة إلى تعويله على الميليشيات المسلحة المتطرفة كافة الموجودة على الأراضي الليبية،لحماية مقرات حكومته لكنه بحسب المراقبين وضع نفسه رهينة لهذه المليشيات.

وقال رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح،الأربعاء، في مقابلة صحفية مع "العربية": إن جماعة الإخوان هي التي نصبت فايز السراج رئيسًا للمجلس الرئاسي؛ لذلك لا يرفض لهم طلبًا، وأضاف بأنهم طلبوا مرارًا من السراج ترك الإخوان وميليشيات طرابلس، ولكنه رفض ذلك،مشيراً إلى أن تدخل تركيا في ليبيا لصالح الإخوان أصبح واضحاً.

ويصر الجيش الوطني الليبي على مواصلة معركة تحرير طرابلس الى حين انهاء نفوذ المليشيات المسلحة فيها.وقال القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، الأربعاء الماضي، إن الجيش يهدف إلى تحرير كافة أراضي البلاد من الإرهاب، مؤكدا أن الشعب والجيش سيرفعان "راية النصر" في قلب طرابلس "قريبا"، لتستعيد دورها كـ"عاصمة لكل الليبيين".

ويأمل الليبيون في التخلص من الميليشيات المسلحة، التي إستغلت إنتشار السلاح في البلاد لتكون لنفسها مناطق نفوذ تحت سلطة الرصاص، وهو ما أدخل البلاد في دوامة من العنف والفوضى،وزاد من قتامة الأوضاع الاقتصادية في بلد يصنف على أنه من أغنى بلدان المنطقة.ويرى مراقبون أن أي تسوية سياسية أو مبادرة مصالحة أو استحقاقات انتخابية لن تنجح في ظل وجود المليشيات المسلحة التي يبقى القضاء عليها بوابة ليبيا الوحيدة نحو الاستقرار.