يشهد الوضع الليبي منذ الرابع من أبريل الجاري تحولا كبيرا بعد تقدم الجيش الوطني نحو العاصمة الليبية طرابلس،في أعقاب نجاحه في بسط سيطرته على أغلب مدن الجنوب بعد دحر العناصر الارهابية والعصابات الاجرامية،وذلك في محاولة منه لانهاء نفوذ المليشيات المسلحة التي تسيطر على العاصمة منذ سنوات.

ومع دخولها أسبوعها الثالث،تواصل القوات المسلحة التقدم نحو تحرير العاصمة طرابلس وسط حديث عن بداية الحسم.وكشف مسؤول المركز الإعلامي للواء 73 مشاة التابعة للقيادة العامة للجيش الوطني الليبي المنذر الخرطوش، أن قوات الجيش الوطني الليبي بسطت سيطرتها على كوبري مطار طرابلس العالمي وكوبري وادي الربيع بالكامل، مشيرا إلى أن الجيش الليبي ينتظر البدء في المرحلة الثانية من معركة تحرير طرابلس.

ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية،عن الخرطوش قوله إن "الجيش الوطني الليبي يسيطر منذ بدء عمليات العسكرية على كوبري المطار وكوبري وادي الربيع بالكامل"، مشيرا إلى أن "قوات الجيش الليبي بانتظار تعليمات غرفة العمليات الرئيسية للبدء في المرحلة الثانية من الخطة.

وأوضح مسؤول المركز الإعلامي للواء 73 مشاة أن "الوحدات العسكرية المشاركة في عملية الفتح المبين لديها مهام محددة كل منها على حدا على صعيد الألوية العسكرية و الكتائب في مهام مشتركة والخطة ممتازة جدا".مشيرا إلى أن "هناك مجموعات إرهابية تقاتل في صفوف مليشيات حكومة الوفاق نتوقع منها أن تستخدم التلغيم والسيارات المفخخة لمواجهتنا ولا نستبعد استخدامها لمثل هذه الإعمال الإرهابية".

وكان المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي،أكد الجمعة،خلال اتصال هاتفي مع وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، أن قواته تسعى إلى إنهاء العملية العسكرية لتحرير العاصمة الليبية طرابلس من قبضة ميليشيات مسلحة خارجة عن القانون وغير نظامية في أقرب وقت.

ويعزو مسؤولون في الجيش الليبي بطئ التقدم الى محاولات حماية المدنيين،حيث أكد المشير للجهيناوي، على أنه حريص على إنهاء العمل العسكري لتحرير العاصمة الليبية في أقرب الآجال، لافتا إلى أنه بصدد محاربة جماعات مسلحة تسيطر على مناطق بطرابلس دون وجه حق.كما إن قواته حريصة على حقن الدماء والحفاظ على أرواح المدنيين. وفق ما جاء في بيان للخارجية التونسية.

وبدوره،قال أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش إن وحداته تتقدم نحو العاصمة طرابلس، وهو ملتزم بقواعد الاشتباك واحترام القانون الإنساني.وأضاف المسماري، "من أولويات قواتنا مراعاة المدنيين وممتلكاتهم والمحافظة على سلامة السكان في طرابلس ومحيطها وإنهاء المعركة الوطنية بشكل ناجح".

ويأتي تقدم الجيش الليبي بالتزامن مع تتالي مؤشرات دعم دولي لعمليات تحرير العاصمة والتي كان آخرها،اعلان واشنطن دعمها للعملية التي أطلقها الجيش نحو طرابلس من خلال اتصال هاتفي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والمشير خليفة حفتر والذي أقر من خلاله الرئيس الأميركي بالدور الجوهري لحفتر في مكافحة الإرهاب وتأمين موارد ليبيا النفطية، وتناولا رؤية مشتركة لانتقال ليبيا إلى نظام سياسي ديمقراطي مستقر.

واعتبر المتحدث باسم الجيش الليبي،أحمد المسماري، الجمعة، أن الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بقائد الجيش خليفة حفتر، يعبر عن قناعة واشنطن بالدور المحوري للجيش في الحرب ضد الإرهاب.وقال المسماري خلال حديث مع سكاي نيوز عربية:"إن التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تُظهر أن الولايات المتحدة لديها قناعة بالدور المحوري للجيش الوطني الليبي في الحرب على الإرهاب.

ويأتي إفصاح البيت الأبيض عن هذه المكالمة، بعد يوم من رفض الولايات المتحدة وروسيا تأييد قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف إطلاق النار في ليبيا في الوقت الحالي.وعبر المسماري عن الارتياح من الموقف الدولي الذي منع إصدار قرار من مجلس الأمن ضد عملية طرابلس.

وحضي الجيش الوطني الليبي باشادات دولية خلال المعارك السابقة التي تمكن خلالها من دحر التنظيمات الارهابية في شرق وجنوب البلاد وهو ما يمكن أن يتكرر في معركة طرابلس.وفي مطلع الشهر الجاري نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية نقلت عن دبلوماسيين أجانب أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قريبة من دعم حفتر، مؤكدة أن ذلك سيعزز موقف قائد الجيش الليبي على الساحة الدولية.

وبالتزامن مع الدعم الدولي،تتالى بيانات التأييد من مكونات المجتمع الليبي بجميع شرائحها،وآخر هذه البيانات أعلن عنه حراك كتاب وأدباء ومثقفي ليبيا الذي أصدر بيانا خص بوابة افريقيا بنسخة منه، قال فيه، إن الحراك الذي يضم العشرات من كتاب وأدباء ومثقفي ليبيا من المنطقة الغربية والشرقية والجنوبية من ليبيا والذين لديهم إنجازات ثقافية وأدبية وفكرية على المستوى المحلي والدولي والعالمي يؤيد ويساند تقدم الجيش الوطني نحو المنطقة الغربية من ليبيا لانقاذها من أوضاعها البائسة، ويؤيد مسيرته الوطنية في توحيد ليبيا بعد تشتتها.

وفي المقابل،يزداد ارتباك حكومة الوفاق في ظل عجزها عن تأليب المجتمع الدولي ضد الجيش الليبي،وبدا ذلك واضحا عقب مطالبة وزير الداخلية المفوض فتحي باشاغا بإيقاف التعاون الأمني مع فرنسا في موقف وصف بأنه محاولة للضغط على الحكومة الفرنسية بهدف تغيير موقفها الداعم للجيش الليبي.

وكان رئيس مجلس الدولة الاستشاري خالد المشري القيادي في حزب العدالة والبناء الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين،إنتقد في مؤتمر صحفي،الثلاثاء الماضي،مواقف الاتحاد الافريقي والجامعة العربية بشأن ما يحدث في طرابلس وقال أن مندوب الجامعة العربية إلى ليبيا صلاح الدين الجمالي منحاز لمن وصفهم بـ"العسكر".

وبدوره،لجأ رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، إلى "سلاح" المهاجرين من أجل تحذير أوروبا ودفعها للتحرك ضد الجيش الليبي،وحذّر السراج في مقابلتين مع صحيفتين إيطاليتين من أن الحرب في بلاده قد تدفع أكثر من 800 ألف مهاجر نحو السواحل الأوروبية.

وتعكس تحركات حكومة الوفاق المأزق الذي باتت تعيشه بعد أن كشفت الحرب الدائرة في العاصمة الليبية تعويل السراج على المليشيات المسلحة.وقال مصدر ديبلوماسي بالعاصمة التونسية ل"بوابة افريقيا الاخبرية"،في وقت سابق،أن حكومة فائز السراج بطرابلس تشعر أنها باتت تعيش عزلة دولية،وأن هناك قرارا إقليميا وعالميا بدعم الجيش الليبي في معركة تحرير طرابلس خصوصا بعد أن تبين للجميع أن مئات من عتاة الإرهابين المطلوبين للقضاء  في الداخل والخارج يقاتلون اليوم في صفوف الميلشيات الخارجة عن القانون.

وفي تقرير لها،قالت صحيفة "العرب" اللندنية أن اقتناع الكثير من الدوائر بأن الجيش الوطني الليبي يقود معركة ضد المتطرفين والميليشيات المتحالفة معهم،أدى إلى تخفيف حدة الضغوط الواقعة على قائده المشير خليفة حفتر، لأن الدول المتحفظة عليه لن تجرؤ على الإدانة الصريحة لعمليات الجيش الجارية تحت شعار مكافحة الإرهاب في طرابلس، ففي هذه الحالة سيتم تصويرها على أنها متناقضة، فهي تعلن أنها تخوض حربا ضد الإرهاب، وفي الوقت نفسه ترفض دعم من يعملون على كبح جماحه.

وأضافت الصحيفة،أن قيادة القوات المسلحة الليبية تراهن على تحقيق المزيد من التقدم على جبهات طرابلس الوعرة قريبا، ونجاحها في تقليل الخسائر البشرية، لكسب تأييد أوسع من المجتمع الدولي، خاصة أن الطرف المقابل، أي المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق ومجلس الدولة والقوى الداعمة لهما، يتم النظر إليهم على أنهم متعاونون وربما متحالفون مع عناصر إرهابية، الأمر الذي انعكس على تراجع الدعم السياسي للحكومة التي أخفقت في إدارة المرحلة الماضية.