تبدو تونس على أبواب أزمة جديدة بسبب الدستور بعد الإنتهاء من مناقشته والمصادقة عليه فصلا فصلا ، حيث ينتظر أن يواجه الدستور الجديد عقبة التصويت الجماعي حيث يحتاج الى نيل موافقة ثلثي النواب في المجلس الوطني التأسيسي ، وهو ما يبدو صعبا في ظل بروز أصوات من داخل حركة النهضة ذات الأغلبية ترفض بعض مضامين الفصول وخاصة الفصل السادس الذي يجرّم التطبيع ، وفي موقف لافت أعلن أربعة من نواب الكتلة إستقالتهم منها ، وهو ما إعترفت به قيادة « النهضة » كما قرر نواب تيار المحبة مقاطعة جلسات المناقشة والمصادقة على الدستور ، ولا يخفي نوب من حركة وفاء ومن المستقلين رفضهم لبعض مواد الدستور

وقال النائب  بالمجلس الوطني التأسيسي والقيادي في حركة النهضة الصادق شورو إّن  الدستور التونسي الجديدد ولد ميتا وأنه «جاء ليرضي أطرافا داخل البلاد وأطرافا خارجها ، إلاّ الشعب وبعض نوابه وإنه واحد منهم»، على حدّ تعبيره ، معتبرا أن هناك أطرافا من خارج المجلس تتدخل في ولادة الدستور تارة باسم الحوار الوطني وتارة باسم التوافقات لتدخل عليه تشويهات كثيرة وليولد في الأخير دستورا ميتا، على حد تعبيره

جاء ذلك بعد أن تمت  المصادقة على حذف الفصل 141 ضمن باب تعديل الدستور بموافقة 149 واحتفاظ 19 ورفض 10. وينص الفصل على أنه "لا يمكن لأي تعديل دستوري أن ينال من: الإسلام باعتباره دين الدولة، اللغة العربية باعتبارها اللغة الرسمية، النظام الجمهوري، الصفة المدنية للدولة، مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة في هذا الدستور، عدد الدورات الرئاسية ومددها بالزيادة"ويرى المراقبون أن حذف هذا الفصل أنهى وجود أي إشارة صريحة بأن الإسلام دين الدولة في الدستور الجديد ، ما عدا ما يشير إليه الفصل الأول المنقول حرفيا عن الدستور السابق من أن « تونس دولة مستقلة ، ذات سيادة ، الإسلام دينها والعربية لغتها والجمهورية نظامها »

وتعليقا عما قاله شورو أول أمس السبت بان الدستور ولد ميتا ، صرح  الحبيب اللوز عضو المجلس الوطني التأسيسي  والقيادي في حركة النهضة بأنه يتفهم منطق ماقاله زميله لكنه لايشاطره الرأي حول ولادة الدستور ميتا ، كما انه يعتبر ان التكبير عليه أربعا قويا بعض الشيء . وأضاف اللوز  أنه يعتبر أن الدستور يحتوي على نقائص عديدة وبعض بنوده " مقلقة للجماهير والأئمة والأوساط الإسلامية " على حد تعبيره  ، معتقدا ان الدستور سوف لن يحوز على موافقة الشعب إن لم يحصد ثقة ثلثي أعضاء المجلس وعرض في استفتاء .وختم  اللوز تصريحه بان عددا من الفصول لابد أن يشملها التعديل قبل عرضه في صيغته النهائية على أعضاء المجلس وإعتبر النائب عن حركة النهضة جمال بوعجاجة،أن  ما سمّاها أحزاب «الصفر فاصل» ، في إشارة الى نتائج الإنتخابات ، فرضت عليهم دكتاتورية الأقلية، واصفا اياها بالأحزاب الديمقراطية الكارتونية التي اعتبرت أن يوم المصادقة على تجذير الهوية العربية في الدستور يوما أسود، بحسب تعبيره.

وبالمقابل إنتقد رئيس كتلة حركة النهضة بالمجلس التأسيسي الصحبي عتيق تصريحات النائب صاق شورو القائلة بأن الدستور التونسي الجديد ليس توافقيا ولا يستجيب لطموحات التونسيين ،وقال أن " الدستور التونسي صيغ من خلال توافقات وطنية وهو سيشرف جميع التونسيين"،  مضيفا أن " تصريحات الصادق شورو لا تعبر عن موقف حركة النهضة وهي تلزمه شخصيا"كما إنتقد رئيس الكتلة الديمقراطية النائب محمد الحامدي التصريحات ذاتها وقال أن « الصادق شورو ليس نبيا حتى يعلمنا الإسلام ، والدين الإسلامي موجود في وجدان كل الشعب دون استثناء ونحن نرفض قضية المؤامرة الخارجية التي يريد البعض إقناعنا بها » وتابع الحامدي «أرجو من البعض ان لا يجعل من ديننا الذي هو القاسم المشترك بيننا محل مزايدة ومضاربة سياسية ».

وقال  النائب عن الحزب الجمهوري اياد الدهماني  «هنالك من يتهمنا باننا تنكرنا لمبادئ هذا الشعب وقيمه وهذه مزايدة باسم الدين » ،وأضاف : " لا احد يزايد علينا في انتمائنا للأمة العربية الإسلامية ،  ملاحظا أن" الصراع ليس بين من هو من رافض للإسلام وقابل به ،  بل الصراع الحقيقي بين الظلاميين الذين يريدون الانغلاق والتحجر وبين الحداثيين الذين يؤمنون باسلام متطور مع الزمان »

ويرى المراقبون أن المصادقة النهائية على الدستور الجديد بنسبة الثلثين ستكون صعبة ، نظرا لوجود أطراف عدة مناوئة لبعض مضامينه وخاصة للفصل السادس الذس يجرّم التكفير ، ومنها عدد من نواب حركة النهضة وحركة وفاء ونواب « تيار المحبة » وبعض المستقلين وكان أربعة من نواب حركة النهضة تقدموا بإستقالاتهم من كتلة الحركة بسبب رفضهم لعدد من فصول الدستور الجديد