أثار دور البعثة الأممية في ليبيا العديد من علامات الاستفهام خاصة بعد تصريحات مبعوثها غسان سلامة التي أكد فيها أن المواقف بين أطراف الخلاف بليبيا أصبحت أكثر واقعية إلا أن وسائل الإعلام المحسوبة على تيار الإخوان حرفت التصريحات وزعمت أن قائد الجيش خليفة حفتر يبحث عن منصب.. للحديث حول دور البعثة الأممية في المشهد الراهن التقينا الكاتب الصحفي عبد الحكيم معتوق.

كيف تتابع دور بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا؟

دور البعثة الأممية في ليبيا ناتج عن تدخلها في البلاد عام 2011 وتبنيها للحالة الليبية مستندة إلى تقارير مزعومة حيث سارعت في إسناد مهمة لمجلس الأمن الذي نسق مع حلف شمال أطلس "الناتو" بشأن التدخل في ليبيا ومنذ ذلك الوقت أصبح هناك تواجد لما عرف بالمبعوثين الأمميين إلى ليبيا الذين لا يسعون لحل الأزمة الليبية وإنما إدارتها.

لماذا ترى أن المبعوثين الأمميين لا يسعون لحل الأزمة الليبية؟

لو أرادت البعثة الأممية حل الأزمة الليبية لفعلت بواسطة مندوب لها أو أثنين لكنها تريد تدويرها فقط حتى المبعوث الذي حاول حلها وأقصد هنا برناردينو ليون أشرك في الحل الخصوم وساوى بين الجلاد والضحية (تيار الإخوان) كما أن الليبيين لم يكن لهم رأي في اختيار من يدير شؤون البلاد وجرى اختزال الأمر في تيار الإخوان المسلمين الذي انقلب على مجلس النواب ورفض تسليمه السلطة.

لكن تيار الإخوان موجود في الساحة ويفترض إشراكه في الحوار مثل غيره من التيارات؟

نعم يحق للجميع النقاش ولكن دون استخدام السلاح فجماعة الإخوان تلجأ للعنف للوصول للسلطة وهنا نتذكر انتخابات المؤتمر الوطني عام 2012 التي أوصلت الإخوان لسدة الحكم وجعلتهم يسيطرون على مفاصل الدولة وكانت أولى قراراتهم تفريغ البلاد من قدراتها عبر قانون العزل السياسي والذي كان بمثابة اجتثاث لكل من لا يدين لهم بالولاء ثم ألحقوه بالقانون رقم 7 الذي جرى بموجبه الاعتداء على مدينة بني وليد بذلك أنهو وجودهم السياسي والشعبي وعندما أرادوا أن يمددوا لأنفسهم خرجت مظاهرات عام 2013 تقول لا للتمديد فتم مواجهتها بالسلاح وبعد انتهاء ولايتهم رفضوا تسليم السلطة لمجلس النواب الذي اضطر للعمل في المنطقة الشرقية.

كيف تابعت تصريحات سلامة الأخيرة التي أكد فيها أنه قبل أشهر كانت الظروف السياسية مغلقة تماما أما الآن فأصبحت المواقف أكثر واقعية؟

إنها تصريحات للاستهلاك فقط فالمبعوث الأممي غسان سلامة في كل مرة يصرح ويقول إن تصريحاته حرفت وأعتقد أن الأمر في ليبيا في ظل الاقتتال القائم بالعاصمة طرابلس دخل مرحلة مفصلية في معركة كسر العظم وأعتقد أن الأمم المتحدة تنتظر نتيجة المعركة.

في أي سياق قرأت تحريف وسائل الإعلام المحسوبة على تيار الإخوان لتصريحات سلامة؟

تحريف التصريحات جاء نتيجة لشعور تيار الإخوان بالضيق والحرج والضعف عسكريا بالإضافة إلى اهتزاز دورهم السياسي لذلك يبحثون عن مخرج عبر فبركة الأخبار فهم محترفون في قلب الحقائق حيث أنهم بدأوا بغسل أدمغة الناس ثم انتهوا بقتلهم والسير في جنائزهم.

ما الدور الذي يفترض أن تلعبه البعثة الأممية؟

المبعوث الأممي يفترض أن يكون مقيما كما أنه يمكن حل الأزمة الليبية عن طريق الجدية في تنفيذ قرارات مجلس الأمن بشأن ليبيا لكن الواقع أنه لم يتم تنفيذ سوى قرارين فقط من قرارات مجلس الأمن الأول الذي كان بدعوى حماية المدنيين وأدى إلى اسقاط ليبيا وقتل زعيمها وتشريد شعبها والثاني الذي حصن المجلس الرئاسي وفرضه على الليبيين رغم أنه لم يحصل على ثقة مجلس النواب المنتخب من الشعب كما أن الاتفاق السياسي لم يضمن في الإعلان الدستوري.

كيف تنظر إلى الموقف الدولي من ليبيا؟

هناك انقسام حاد في نظرة المجتمع الدولي لليبيا فهناك صراع قوى وتوزيع أدوار بين مختلف الدول كما أن ليبيا أصبحت سوق للسلاح ويجري نقل مجموعات مسلحة إليها بالإضافة إلى أن هناك دول تستفيد من النفط الليبي بأسعار رخيصة وأخرى لديها أحلام تريد أن تنفذها في البلاد وهنا لابد من التفريق بين الدور والتدخل فبعض دول الجوار تسعى للعب دور إيجابي في ليبيا نظرا لأهميتها وتأثيرها عليهم ولكن هناك دول أخرى مثل تركيا تتدخل في الشأن الليبي بإرسال جنود ومعدات في انتهاك صارخ لسيادة الدولة.

برأيك هل مازال للبعثة الأممية دور منتظر في ليبيا؟

لا أتصور ذلك فالبعثة الأممية تحركها الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التي تتصارع لتحقيق مصالحها في ليبيا.