غلاء فاحش فى الأسعار وشح للسيولة النقدية إن لم يكن إنعداماً لها فى بعض مصارف البلاد خاصة فى المنطقتين الغربية والجنوبية رغم إن الحال الإقتصادي فى الشرقية ليس بأفضل منهما بإستثناء القيود التنظيمية المفروضة على المصارف ، كل ذلك يأتي تزامناً مع إقتراب عيد الأضحى.


** فوضى القرارات

فى 29 يوليو الماضي نشرت المرصد تقريراً تساءلت فيه عن ما إذا كانت ماعرفت بـ أضاحي الـ SMS ستصل فى وقتها المحدد وتناولت فيه الإحتمالات بعد قرار الرئاسي المتأخر بشأن فتح إعتمادات لشركات توريد المواشي إلى ليبيا الذي عارضه محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير وقال إنه جاء متأخراً ولا يمكن تنفيذه..

وعلى الرغم من ذلك أصدر رئيس الرئاسي قراراً آخراً بشأن توريد الأضاحي مع إعفائها من الرسوم الجمركية إلا أن تحقيق كل ذلك كان واضحاً منذ البداية بأنه ضرب من المستحيل نظراً لضيق الوقت كما إن إجراءات السماح بالتوريد جاءت قبل أقل من شهر واحد على موعد العيد وفى كل الأحوال كان سيكون وصولها – إن تم – مخالفاً لقوانين الدولة الليبية المعمول بها عند إستيراد الماشية وأهمها أن تبقى المواشي المستوردة فى حجر صحي لما يقل عن شهر بهدف التأكد من خلوها من الأوبئة والأمراض.


** الشركات تعتذر

ورغم فتح باب الحجز للأضاحي المستوردة عن طريق الرقم الوطني عبر الرسائل النصية القصيرة وفقاً للآلية التي إعتمدها الرئاسي وتسجيل عشرات الآلاف من المواطنين لأرقامهم الوطنية على أمل الحجز والحصول على أضحية مستوردة ، إلا أن تعطيل القرار من قبل المحافظ دفع بعشرات الشركات التي فتحت باب الحجز إلى الإعتذار للمواطنين فى اللحظات الأخيرة الأمر الذي شكل خيبة أمل كبيرة لهم بينما قامت بعض الشركات بالاستيراد على طريقة مستندات برسم التحصيل بعد حصولها على موافقة وزارة الإقتصاد.

وككل مرة قال ديوان المحاسبة فى طرابلس برئاسة خالد شكشك إن عرقلة الموضوع بات محل تحقيق فى إشارة منه إلى قرار الصديق الكبير ضمن التراشق الإعلامي والصراع المحتدم بينهما كانعكاس لخلاف الإخوان مع حليفهم السابق الصديق الكبير ، يقول البعض ، بينما يقول أعضاء فى مجلس النواب ان كل هذه الاجراءات غير شرعية لأن المحافظ ينتحل الصفة ومعزول من منصبه منذ سنوات.

فيما أعلنت الهيئة الوطنية للنزاهة فى طرابلس برئاسة نعمان الشيخ أمس الأحد بأنها أيضاً فتحت تحقيقاً  فى شركات تحصلت على إعتمادات مستندية ولكنها لن تتمكن من توريد الماشية فى وقتها المطلوب الأمر الذي أثار تكهنات حول شبهات فساد وإختلاس تحقق فيها الهيئة.

** إصلاحات إقتصادية دون المأمول

فى الأثناء ، برز الحديث عن برنامج الإصلاحات الإقتصادية المتعثر والذي يتهم كل طرف الآخر بعرقلته أو يحاول نسب الفضل فى تحقيقه إلى نفسه إن حدث أملاً فى كسب مكاسب سياسية أو إنتخابية ، ولعل حزب العدالة والبناء برئاسته وبكتلته فى مجلس الدولة الإستشاري من أبرز هؤلاء.

حيث قال رئيس الكتلة عبد السلام الصفراني إن كتلتهم مارست ضغوطا على مصرف ليبيا المركزي للإسراع في برنامج الإصلاح الاقتصادي، أنشأ المصرف على إثرها لجانًا لدراسة الأمر وإن الأخير طلب مهلةً للبدء في تنفيذ الإصلاحات، مؤكدا أن القرارات المتعلقة بها جاهزة وموجودة أمام المصرف المركزي والمجلس الرئاسي، آملا أن تصدر قريبًا  وفقاً لتصريح له

أما رئيس المجلس وعضو الحزبة خالد المشري قال عقب إجتماع جمعه فى طرابلس مع السراج والكبير إن المطلوب في المرحلة الحالية فرض رسوم على شراء العملة الأجنبية ضمن خطة لمعالجة سعر صرف الدينار، ومعالجة دعم المحروقات، وزيادة مخصصات الأسر السنوية من الصرف الأجنبي.

المشري أكد خلال استضافته عبر برنامج لقاء خاص الذي يذاع على قناة ليبيا الاحرار الاربعاء الماضي على أنهم قد وصلوا إلى مراحل خطة الاصلاح النهائية ، كاشفاً على وجود خلافات بسيطة في بعض النصوص والقرارات  وأنهم أنجزوا ما يقارب الـ 98 % في تفعيل هذه القرارات.


** معاناة متواصلة

مع تزامن قدوم عيد الأضحى الذي فاقت فيه أسعار الأضاحي الحد المعقول ومع توزيع المصارف لجزء قليل من مرتبات المواطنين بما لايمكن معه شراء أضحية يظل المواطن في حيرة أمام هذا الوضع الذي وجد نفسه فيه نتيجة عجز الحكومات المختلفة وعلى مدى أعوام عن إيجاد حل جذري لأزمة نقص السيولة وارتفاع سعر العملات الأجنبية الدولار واليورو التي تمر بها البلاد إضافة إلى الغلاء الفاحش.

يقول الحاج عبدالرحمن الفيتوري متقاعد "تتراكم علينا الهموم إلى جانب أزمة نقص السيولة و ارتفاع الأسعار للمواد الغذائية والسلع التموينية، زد على ذلك الوضع الأمني زاد تعقيدا وتدهورا و الانقسام السياسي الذي زاد على كاهل البلاد ؛ حيث ارتفعت معاناة المواطن مع تفاقم الأزمات وتأخر صرف الرواتب التي أصبحت من العيد إلى العيد الآخر ، والتي أنتجت أوضاعًا مأساوية"

وفي السياق نفسه تقول آمنة منصور معلمة وتعول أربعة أطفال "ذقنا الأمرين في بلادنا جراء نقص السيولة والظروف المعيشية الصعبة ما ذنب أطفالي الأيتام في هذا العيد كيف أقسم نفسي ما بين ملابس وألعاب وأضحية والمصروفات الأساسية حيث تحصلت على 300 دينار فقط من المصرف".

وتضيف قائلة "ابنائي صغار لا يدركون شيء، وكل ما يروه يطلبوه، إضافة إلى أن العام الدراسي على الأبواب فكيف سنستقبله ونتحمل مصاريفه من كتب وقرطاسية ورسوم وغيرها".

من جهة أخرى، قال محمد عيسى متقاعد من شركة ليبيا للتامين "لقد استفحلت أزمة السيولة في المصارف الليبية خلال العامين الماضيين وألقت بثقل كبير على المواطنين وأصبح علاجها بحاجة إلى سياسات اقتصادية من خبراء اقتصاديين دوليين معتمدين دوليا".

ويضيف عيسى "الوضع كل يوم يزداد سوء ارتفاع أسعار ونقص سيولة نخاف في الفترة القادمة تنتشر ظواهر سلبية كالسرقة والاعتداءات وبيع الأعضاء البشرية وغيرها من الأمور لتوفير لقمة العيش". 


** الفرحة المنقوصة

وحيث إن العادة بين الليبيين جرت على تفضيل الأضاحي المحلية عن تلك المستوردة من عدوة وجهات خارجية أبرزها أسبانيا ورومانيا وبلغاريا وذلك لما للمحلية من سمات يفضلها المواطن عن الأخرى ، إلا إن حتى هذه المستوردة وبفضل هذا التخبط وتلك الصراعات بين المتنازعين على الشرعية أو منتحلي الصفة ومنتهيو الولاية ،  باتت أملاً بعيداً عند الكثيرين ولسان حالهم كما المثل الشعبي الليبي القائل رضينا بـ الهم والهم مارضاش بينا.