تواصل معركة طرابلس على أشدها وسط مؤشرات على اقتراب الحسم لا سيما بعد تمكن قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر من استعادة السيطرة الكاملة على معسكر اليرموك، أكبر المعسكرات جنوب طرابلس،فيما تتجه حكومة الوفاق الليبية الى محاولة الحصول على دعم دولي لقلب موازين القوى.

وتشهد معركة طرابلس تطورات متسارعة يتقدم فيها الجيش الليبي على الميليشيات،حيث وزعت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الوطني لقطات مصورة، تظهر جانباً من الاشتباكات التي خاضتها قواته ضد الجماعات الإرهابية في خلة الفرجان، وتقدمها في اتجاه منطقة صلاح الدين، مشيرة إلى أنه تم أسر كثير من أفراد هذه الجماعات الإرهابية، وكذلك مصادرة عدد من الآليات العسكرية والأسلحة والعتاد، ومن بينها صواريخ "سام 7" المضادة للطيران، وغيرها من الأسلحة المتطورة.

كما وزّعت الشعبة لقطات مصورة لمواطنين من منطقة قصر بن غشير، جنوب طرابلس، وهم يتهمون السراج، رئيس حكومة الوفاق، ووزير داخليته فتحي باش أغا، بقصف منازلهم بواسطة براميل متفجرة، محمولة بالمظلات.

ويتجه الجيش الوطني الليبي نحو تكثيف هجماته ضد المليشيات المسلحة في محاولة لحسم المعركة،حيث كشف آمر المركز الإعلامي لغرفة عمليات طوفان الكرامة العميد خالد المحجوب، أن قوات الجيش الليبي تسير بخطى ثابتة نحو القضاء على المجموعات المسلحة في كل أرجاء الوطن.

وقال المحجوب، في أول تصريح خاص لـ "بوابة أفريقيا الإخبارية"، إن عمليات الجيش الليبي تعتمد على استدراج المجموعات المسلحة خارج العاصمة، وذلك لإيجاد ميدان قتال بعيد عن مناطق ازدحام المدنيين قدر الإمكان، مشيرا إلى أن أسلوب إدارة القتال من قبل قوات الجيش يعتمد على اختيار أماكن على تخوم العاصمة في مناطق محددة، حيث تقوم قوات الجيش بضرب مخازن ذخيرة المجموعات المسلحة وغرف عملياتهم وتجمعات الأسلحة، واستنزاف العصابات الإرهابية، وافساح الفرص للشباب المغرر بهم للانسحاب، حتى يتم انهيار العصابات بالكامل، وعندها ستقوم قوات الجيش الليبي بدخول العاصمة طرابلس.

وكان اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش،قال في مؤتمر صحافي، عقده مساء أول من أمس، إنه "خلال الساعات المقبلة ستكون هناك أخبار مفرحة ومهمة للشعب الليبي كافة". مبرزاً أن القوات البرية استفادت كثيراً من الغارات الجوية، التي دمرت مخازن الأسلحة لقوات العدو، التي قال إنها "حاولت في المقابل امتصاص ضربات الجيش، وتجاوز الخسائر المادية والمعنوية في المحاور كافة".

وفي غضون ذلك،نفت القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم"، الأربعاء، الأنباء المتداولة حول عودة قواتها إلى الأراضي الليبية،وقالت أفريكوم عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر تعليقا على هذه التقارير "هذا ليس دقيق، وفقا لما نشر في السابع من أبريل الماضي تم نقل مجموعة من القوات الأمريكية التي تدعم القيادة الأمريكية في أفريقيا مؤقتًا من ليبيا استجابةً للظروف الأمنية على الأرض".

وكانت مهمة قيادة أفريقيا الأمريكية في ليبيا تتضمن الدعم العسكري للبعثات الدبلوماسية وأنشطة مكافحة الإرهاب وتعزيز الشراكات وتحسين الأمن في جميع أنحاء المنطقة، حسب البيان الذي أعلنته القيادة مطلع الشهر الماضي.

وجاء نفي الأفريكوم في أعقاب تأكيدات ساقتها حكومة الوفاق، على لسان الناطق باسمها، مهند يونس، أن التعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية في مجال مكافحة الإرهاب "مستمر ولم يتوقف"، موضحًا أنه يتم العمل حاليًا على تعزيز وتكثيف أوجه التعاون المختلفة، ومنها عودة فريق القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (أفريكوم).

وتتجه حكومة الوفاق مؤخرا للبحث عن الدعم ومحاولة لإقناع أصحاب القرار على المستوى الدولي بالوقوف في صفها، حيث يرى مراقبون أن السراج يُحاول الاستقواء بالولايات المتحدة لتغيير موازين القوى العسكرية في ليبيا، لصالحه وفق معادلات جديدة يُحدد الواقع الميداني اتجاهها بأبعادها السياسية المُختلفة.

وتأتي هذه المحاولات في وقت نجح فيه الجيش الليبي في اقناع القوى الدولية بعملياته العسكرية الهادفة لتحرير العاصمة الليبية من سيطرة المليشيات المسلحة.فمؤخرا خرجت الولايات المتحدة عن صمتها وأعلنت انحيازها للقوات المسلحة الليبية، وبعث الرئيس دونالد ترامب، عبر محادثته مع المشير حفتر الأسبوع الماضي، بإشارات سياسية وعسكرية عدة في هذا الاتجاه.

وبدورها تبدو روسيا أحد أبرز الداعمين للجيش الليبي في حربه ضد الارهاب في ليبيا،حيث سبق أن منعت موسكو صدور بيان عن مجلس الأمن الدولي يدعو قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر لوقف تقدمها إلى طرابلس،وهو ما مثل ضربة موجعة لدول أخرى تسعى لدعم المليشيات المسلحة والابقاء على حالة الفوضى في البلاد خدمة لمصالحها.

ويرى العديد من المتابعين للشأن الليبي بأن دعم عمليات تحرير العاصمة طرابلس مرده ظهور العديد من العناصر الارهابية والمطلوبين للقتال ضد الجيش الليبي،كما كشفت انخراط تركيا في دعم المليشيات المسلحة والذي وصل حد تهديد الرئيس التركي،بأنه سيسخّر كل إمكانات بلاده لمنع ما سماه بالمؤامرة على الشعب الليبي.

وجاء ذلك خلال مكالمة له مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق،وذكر بيان للمكتب الإعلامي لسراج،البيان إنه "في ختام المحادثة تم التأكيد على توثيق العلاقات الثنائية وتطوير التعاون وتفعيل الاتفاقيات المشتركة بين البلدين".وهو اعتبره مراقبون بمثابة تلميح إلى وجود اتفاقيات دفاع مشترك بين حكومة السراج وتركيا.

ولقيت تصريحات أردوغان تنديدا في الأوساط الليبية واعتبرتها وزارة الخارجية بالحكومة المؤقتة في شرق البلاد بمثابة تهديد لأمن المنطقة، وقالت في بيان لها: إن تدخل الحكومة التركية السافر في الشأن الليبي، بدعمهم الجماعات الإرهابية والمتطرفة والمطلوبة دولياً على السلطات الشرعية، التي تحظى بتأييد شعبي كبير، لن يثني الحكومة والجيش عن استعادة العاصمة إلى حضن الوطن وتخليصها من براثن الارهاب.

والجمعة الماضية،إعتقل الجيش الليبي مقاتلين من الجنسية التركية، وهما يقاتلان في صفوف الميليشيات أثناء المعارك الدائرة في العاصمة طرابلس.ونشرت بوابة أفريقيا الإخبارية صورًا لجوازي سفر المعتقليْن، ويُدعى أحدهما سويوك دمير، والثاني ألتينوك فولكان..

ولطالما أكد الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي اللواء أحمد المسماري على وجود دور تركيّ وقطري في دعم الميليشيات، بالتمويل والعتاد العسكري.كما كشف الجيش الليبي في وقت سابق عن وجود طيارين أجانب تستعين بهم حكومة الوفاق في طلعاتها الجوية، لمواجهة قوات الجيش، وعن مرتزقة منخرطين في صفوف الميليشيات.