"سمعت طرقا على باب المنزل؛ ففتحت الباب لأجد دمية كبيرة وبالونات وفانوس كبير؛ وعقب دقائق من الانتظار أفاجأ بقريبات محمد خطيبي يقولون لي: دي (هذه) هدية من محمد".

بهذه الكلمات عبرت الشابة المصرية، سمر البكري، أحد مسؤولي العمل الجماهيري بجبهة طريق الثورة (تجمع شبابي سياسي)، عن فرحتها بالهدية التي أرسلها لها خطيبها محمد عباس، العضو السابق للمكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة (25 يناير/ كانون الثاني 2011) والمقيم في قطر، في الوقت الراهن، خشية ملاحقته أمنيا من السلطات المصرية الحالية.

وما هي إلا ساعات قليلة حيث تداول العروسان على مواقع التواصل الاجتماعي صور عقد قرانهما في أحد مساجد القاهرة، لكن المفاجأة كانت أن عقد القران تم عبر برنامج "البامبيوزر" للتواصل بالصوت والصورة عبر الإنترنت، أمس الجمعة، بعدما أعلن العروسان، منذ فترة غير بعيدة، خطوبتهما عبر "إسكايب"، وهو برنامج مماثل.

العروس دخلت قاعة عقد القران بصحبة والدة عريسها التي تولت إلباسها خاتم الزواج وشبكتها (حلي ذهبية مهداه من العريس)؛ وكان حولها هالة من الأصدقاء المقربين أبرزهم عبدالله الشامي، مراسل الجزيرة القطرية المفرج عنه مؤخرا، وزوجته جهاد خالد.

في نفس الوقت كان العريس في العاصمة القطرية يجلس أمام جهاز الكمبيوتر الخاص به مرتديا حلة الفرح  لإتمام مراسم الزفاف ومن حوله الأصدقاء يصفقون ويرقصون، وكان أبرزهم عبدالرحمن فارس رفيقه في الثورة والمقيم أيضا في قطر.

 العروس أكدت أن الثورة والحب معا يصنعا المعجزات، وقالت في تصريحات للأناضول: "لا يوجد ظرف مهما بلغت صعوبته وقسوته قادر على أن يباعد بين اثنين اختارا طريق الحب والثورة بكامل إرادتهما".

وعن الطريقة التي تمت بها الخطبة وعقد القران، أوضحت سمر: "بسبب الظروف الأمنية الحالية فكرت مع محمد في طريقة تمكننا من إعلان خطبتنا لنكمل مشوارنا سويا دون أن نعرضه للخطر فجاءت فكرة أن تجتمع أسرته وأسرتي في منزلنا وأن يكون هو حاضرا عبر إسكايب معنا لإتمام الخطبة وإشهارها".

وبخصوص فكرة عقد القران عبر برنامج "البامبيوزر"، قالت: "أنا ومحمد معروفان وسط الأصدقاء بأفكارنا غير التقليدية والقادرة على تخطي العادات والحدود الضيقة؛ ففكرنا في طريقة جديدة لمقاومة النظام الحالي ورفض قمعه بعيدا عن التظاهر والوقفات الاحتجاجية ؛ مقاومته بالفكرة و الفرحة و الأمل رغم كل الألم و اليأس الذى عانيناه طوال الشهور الماضية".

سمر أكدت أن ترتيبات عقد القران عبر "البامبيوزر" في المسجد لم تصادف أي تعقيدات. واستطردت: "محمد المأذون الذى تولى عقد القران، عضو في حزب التيار المصري، ويتمتع بفكر ثوري خالص وكان في يوم ما أحد الأسباب الرئيسية في التقريب بيني و بين خطيبي".

العروس لم تخف ضيقها من عدم وجود عريسها إلى جوارها، وأعربت عن ذلك قائلة: "كل الأهل والأصدقاء التفوا حولي ولم يتركوني لحظة واحدة لكن أحدهم لم يعوضني عن غياب زوجي لحظة عقد قراننا؛  ثمة شيء كان مكسورا بقلبي و آمل في جبر هذا الكسر أواخر أغسطس/آب المقبل حينما أسافر إلى تركيا لألتقيه ونقيم حفل زفافنا بعيدا عن العالم الافتراضي ومواقع الإنترنت هذه المرة".

وبلهجة يملؤها التحدي أضافت سمر: "سنظل مصرين على إعلاء إرادتنا، وإرادتي وخطيبي كانت أن نكون سويا وقد كان ما أردناه بالفعل رغم كل ما وضعوه في طريقنا من معوقات وسدود ؛ وهذه هي الرسالة التي أردنا أن نصل بها للعالم أجمع: جيل الشباب في مصر لن يقف عند أي عقبة و لا يمكن لأحد أن يتنبأ بإبداعاته في فنون المقاومة و النجاح في التصدي لها أو حتى مجاراتها ."

وكان محمد عباس، العريس، قال، في تصريحات سابقة للأناضول، إن " الفرحة بحفل خطوبة أون لاين تؤكد أن هناك من يريد شيئا جديدا يكسر به الإحباط والظروف السيئة التي تعيشها مصر".