تصاعدت أمس مطالبات لقوى سياسية وشخصيات مصرية مرموقة تطالب الإعلام بعدم نشر الأخبار والمواد المصورة التي تخص الجماعات الإرهابية العاملة على الأراضي المصرية، وخاصة تلك التي يجري فيها استهداف القوات العسكرية والنظامية. ورغم معارضة البعض لحظر النشر، فإنهم أكدوا أن المعركة صارت معركة الشعب، وأنه هو الآن من سيسحق الإرهاب، وليس الجيش المصري وحده، نظرا لما تمارسه جماعات الإرهاب من «غباء سياسي» وحد جبهة المصريين بأكملها ضدهم.
وطالب سياسيون مصريون أمس بحظر نشر ما يصدر عن الجماعات الإرهابية من مقاطع مصورة لعملياتها، مشددين على تأثيرها السلبي في الشارع، بينما يحتاج المصريون للتكاتف لتجاوز المرحلة. كما ناشدت وسائل إعلام محلية نظيراتها حجب بيانات الجهات التي تتبنى الإرهاب، والتي تهاجم الجيش الوطني المصري، من أجل التأثير على البسطاء، وكذلك ما يجدونه من رواج إعلامي يرفع من قدرهم في وسائل الإعلام.
وقال السفير محمد العرابي، وزير خارجية مصر الأسبق لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمر متروك للعقل والمهنية الإعلامية، وهو ما يتطلب توثيق المعلومات من الصحافيين قبل النشر، ثم للإعلام حرية التعامل مع مواده»، متابعا أنه ضد فكرة حظر النشر في المطلق، لأنه أصبح معروفا لدى الجميع من يروجون لجهات الإرهاب ومن يمولونهم ممن يسعون لنشر الحقائق، وأنه «أصبح لدى الشعب قدر كبير من الوعي، ولا داعي للوصاية».
ويضيف السفير العرابي أنه «في النهاية، فإن القضية أن تلك الجهات الإرهابية لم تعد تفهم أن المواد التي تطرحها هذه الأيام تعمق الفجوة بينها وبين الشعب المصري»، واصفا تلك الجهات بالغباء السياسي، وداعيا إياها إلى «الزحف إلى مصر حتى يجري سحقهم بأقدام المصريين، الشعب وليس الجيش وحده».
وشدد العرابي على أن العداوة مع الإرهاب أصبحت من قبل الشعب المصري كله الآن، وأن الشعب هو من سيقف ضد تلك الجماعات الإرهابية، وأن الشعب كفيل بالقضاء على تلك العناصر، مؤكدا أنه «لا يوجد خط رجعة لتلك الجماعات، ولا مكان لهم في المجتمع المصري».
وحول الدور السياسي المنتظر من قادة الرأي والساسة في مصر، في مجال مكافحة الإرهاب، قال السفير العرابي: «السياسيون رفعوا شعار (لا للإرهاب)، لكن الوضع الحالي يتطلب أن نقول بعلو الصوت إن المصريين ضد الإرهاب، ولا نكتفي بالاستنكار، بل يجب أن نكون جبهة مستعدة لفرم هذا الإرهاب.. فالمصريون اليوم في جبهة واحدة تقف ضده بكل حسم».
من جانبه، طالب مساعد رئيس حزب المؤتمر، تامر الزيادي، القائمين على وسائل الإعلام والمواقع الإخبارية بعدم نشر فيديوهات الجماعات الإرهابية التي تستهدف الجيش المصري. وقال الزيادي أمس تعليقا على فيديو جرى بثه لعمليات استهداف قوات الجيش في سيناء إن «تأثيراته سلبية على الشارع.. في وقت نحتاج فيه لتكاتف كل أطياف المجتمع لتجاوز هذه المرحلة، فنشر هذه الفيديوهات يزيد من التأثير السلبي على المجتمع، وهو أمر يصب في صالح الإرهاب والمتربصين بمصر».
وأضاف الزيادي: «الإرهاب سيندحر، والجيش الذي صمد على مدار التاريخ لن تكسره مجموعة من المرضى النفسيين والعملاء، ومن يستخدمون دين الله الحنيف والآيات القرآنية لتبرير القتل».
من جهته، يقول حاتم زكريا، أمين عام اتحاد الصحافيين العرب لـ«الشرق الأوسط» إن المطلوب في مثل هذه القضايا هو «النشر الواعي»، وليس «حظر النشر»، وإن «الحنكة في الصياغة الإعلامية الصحيحة هي الفارق»، مضيفا أن «النشر الواعي بمعنى أنه في عملية مثل عملية البحرية الأخيرة أمام سواحل دمياط، فالمضمون الحقيقي للخبر عنها يعطي للبحرية المصرية العلامة الكاملة في التعامل، حيث نجحت في إجهاض المهمة وتدمير القوة المهاجمة والقبض على العناصر المنفذة، لكن النشر الخاطئ هو ما يركز على الإصابات بين القوات والخسائر، متناسيا النجاح الذي تحقق في مجملها».
وأوضح زكريا أن النشر بأسلوب يفتقر إلى المهنية أو الخبرة الصحافية هو ما يساعد على ترويج وجهات نظر الجهات الأخرى، ولكن النشر المنضبط مطلوب لإيصال الحقيقية، وهو رسالة الإعلام الحقيقية لمصلحة المواطنين.
وحول وجود مساحة من «الاجتهاد» في بعض الأخبار نتيجة غياب بعض المعلومات أحيانا، أكد زكريا أن بيانات الجيش فيما يتعلق بعملياته دقيقة، ولا يوجد فيها أي تأخير، بل يكمن الخلل في سوء النقل الخبري والصياغة غير المنضبطة، موضحا أن بعض القنوات الجديدة على وجه الخصوص تفتقر إلى الخبرة الكافية في التعامل مع بعض «الأخبار الدقيقة»، مما يؤدي إلى اختلال المحتوى الإعلامي، داعيا إلى تأسيس مركز اتصال رسمي للجهات الرسمية، يقوم عليه متخصصون، من أجل وقف تلك التجاوزات والهفوات.

*نقلا عن الشرق الأوسط