يلملم عام 2014 أوراقه، ويحمل أمتعته تاركاً خلفه أحداثاً مهمة تصدرت الساحة المصرية، ورغم التباين الواضح تجاهها بين مؤيد ومعارض إلا أن تأثيرها سيمتد إلى خلفه 2015، ورغم آلام 2014 يرنو المصريون إلى العام الجديد بآمال يتمنون تحقيقيها على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

وتبدأ أحداث العام المنصرم ومصر تجدف نحو بر الاستقرار وكان لابد من مجاديف تقود السفينة إلى الشاطئ وتمثلت تلك المجاديف في دستور يتفق عليه غالبية الشعب..

الاستفتاء على الدستور بدأ بتصويت المصريين في الخارج من 8 إلى 12 يناير 2014، ثم يومي 14 و15 من يناير داخل مصر، وشارك في الاستفتاء 38.6% من المسموح لهم بالتصويت، وأيد الدستور منهم 98.1% بينما رفضه 1.9%.

ورغم اتجاه البلاد نحو حالة من الاستقرار الدستوري إلا أن يد الإرهاب والتخريب كانت تتحرك في الخفاء أملاً في بث الرعب في قلوب المصريين، ففي صباح يوم الجمعة 24 يناير 2014، استيقظ المصريون على تفجير هائل بسيارة مفخخة، استهدف مديرية أمن القاهرة، ما أدى إلى استشهاد 4 أشخاص وإصابة 76 آخرين، حسب تقرير أصدرته وزارة الصحة، فضلا عن التلفيات التي أصابت واجهة مبنى مديرية الأمن بالكامل وتدمير واجهة متحف الفن الإسلامي وبعض الآثار الموجودة بداخله.

استمر مسلسل الإرهاب في ضرب أوصال الدولة المصرية بغية تركيعها فشهد محيط ميدان النهضة، بجامعة القاهرة في 2 أبريل 2014، 3 انفجارات في يوم واحد بعد قيام مجموعة من الإرهابيين بزرع قنابل وعبوات ناسفة، أسفل شجرة بالميدان بجوار قوات أمن الجيزة والأمن المركزي، المكلفة بتأمين الميدان وجامعة القاهرة، ما أسفر عن إصابة 5 من قوات الشرطة، واستشهاد رئيس مباحث قطاع غرب الجيزة.

وبعد إقرار الدستور الذي يعد بمثابة المجداف للسفينة المصرية كان لابد من اختيار ربان ماهر قادر على التحكم في الدفة ليغير وجهة مصر نحو المستقبل، فأعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية الفترة من 15 إلى 19 مايو لاقتراع المصريين في الخارج، والفترة من 26 حتى 28 مايو لإجراء الانتخابات في الداخل، لاختيار رئيس جديد للبلاد، وقد تمكن من الترشح كلٌ من المشير عبد الفتاح السيسي وحمدين صباحي، مؤسس التيار الشعبي، وكما هو متوقع اكتسح المشير السيسي الانتخابات، وأكدت اللجنة العليا للانتخابات فوز السيسي بحصوله على 23 مليوناً و780 ألفاً و114 صوتاً بنسبة 96.91% من اجمالي الاصوات الصحيحة بعد استبعاد الاصوات الباطلة.

وحصل زعيم التيار الشعبي حمدين صباحي على نسبة 3.07% من اصوات الناخبين المشاركين بالتصويت في الانتخابات الرئاسية، ليتسلم الربان الماهر دفة القيادة رسمياً من الرئيس المؤقت عدلي منصور.

أدى الرئيس عبد الفتاح السيسي اليمين الدستورية في الثامن من يونيو كثامن رئيس يعتلي عرش السلطة في مصر، منذ إعلان الجمهورية في عام 1952، أمام أعضاء الجمعية العمومية للمحكمة البالغ عددهم 12 عضوا، بالإضافة إلى رئيس هيئة المفوضين، وأقيم حفل تنصيب مهيب للرئيس المنتخب من الشعب حضره لفيف من ملوك ورؤساء العالم.

ويأتي قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي في اجتماعه الاستثنائي برئاسة أوغندا، في 17 يونيو 2014، إلغاء تجميد عضوية مصر بالاتحاد الأفريقي، بعد دراسة التقرير الذي قدمته لجنة حكماء أفريقيا برئاسة ألفا عمر كوّنارى حول الأوضاع في مصر في أعقاب الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، والذي أوصى بعودة مصر للاتحاد الأفريقي، جاء القرار الصائب لتعود مصر إلى الحضن الإفريقي بعدما نزغ الشيطان بينهما.

شهد يوم 5 أغسطس افتتاح الرئيس عبد الفتاح السيسي مشروع حفر قناة السويس الجديدة، والتي تبدأ من الكيلو 61 حتى الكيلو 95، بترقيم القناة لتقليل زمن العبور من 18 ساعة لـ11 فقط، وأعلن الرئيس آنذاك أن الانتهاء من حفر القناة الجديدة سيكون خلال عام واحد، ليفتح المجال لمزيد من الاستثمارات الخارجية وتشغيل الآلاف من الشباب العاطلين عن العمل.

مع بدء العام الدراسي الجديد بالجامعات، عادت العقول المخربة للعمل ضد مبادئ الإنسانية فراحت تخطط للتخلص من المزيد من الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى تواجدهم بالقرب من مكان مخططهم الشيطاني فشهدت جامعة القاهرة في 22 أكتوبر، أول تفجير إرهابي في العام الدراسي الجديد، بميدان نهضة مصر أمام جامعة القاهرة، والذي أسفر عن وقوع 10 مصابين بينهم 6 من قوات الأمن.

وتبقى جريمة كرم القواديس التي حصدت أرواح ما يقارب 31 مجنداً مصرياً أبشع ما اقترفته يد الإرهاب الآثمة خلال هذا العام عندما فُجّر "كمين كرم القواديس" جنوب غرب مدينة الشيخ زويد بشمال سيناء يوم الجمعة 24 أكتوبر،.

واختتم عام 2014 كراسته مدوناً حدثاً لن يقف الجدال حوله على مدى الأعوام القريبة لما تركه من آثار لن تزول بسرعة ألا وهو قرار براءة الرئيس المخلوع حسني مبارك من تهمة قتل المتظاهرين الذي صدر في 29 نوفمبر 2014 وقضت محكمة جنايات شمال القاهرة برئاسة المستشار محمود الرشيدي، بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية ضد الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك في قضية قتل متظاهري ثورة25 يناير.

ومع الساعات الأولى ترتفع أعناق المصريين ترنو إلى مستقبل يحمل في طياته أملاً في غدٍ أفضل وتطوي صفحة عامٍ مُلء ألماً رغم بقع الضوء الخافتة..