قررت مصر الانسحاب من أحدث جولة من المفاوضات الثلاثية مع إثيوبيا بشأن سد النهضة، الذي تشيده أديس أبابا على النيل الأزرق، بتكلفة تبلغ مليارات الدولارات، فيما هدد السودان بمقاطعة المفاوضات، وتحدث عن "مخاوف جدية" بشأن مسيرتها. 

وأكدت وزارة الري المصرية في بيان، في وقت متأخر أمس الثلاثاء، أنها قررت تعليق المفاوضات لإجراء مشاورات داخلية، بعد مخالفة الجانب الإثيوبي لما كان قد تم الاتفاق عليه الاثنين. 

وذكر البيان أن الاجتماع كان معدا لأن "تقوم اللجان الفنية والقانونية بمناقشة النقاط الخلافية الخاصة باتفاقيه ملء وتشغيل سد النهضة خلال يومي الثلاثاء والأربعاء". 

وأضاف البيان "قبل موعد عقد الاجتماع مباشرة، قام وزير المياه الإثيوبي بتوجيه خطاب لنظرائه في كل من مصر والسودان مرفقا به مسودة خطوط إرشادية وقواعد ملء سد النهضة لا تتضمن أي قواعد للتشغيل ولا أي عناصر تعكس الالزامية القانونية للاتفاق، فضلا عن عدم وجود آلية قانونية لفض النزاعات".

ويقترح الخطاب الإثيوبي أن يكون هناك اتفاق مبدئي على الملء الأول فقط لسد النهضة؛ بينما يربط اتفاق تشغيل السد على المدى البعيد بالتوصل لمعاهدة شاملة بشأن مياه النيل الأزرق، وذلك في فترات لاحقة. 

وقال وزير الموارد المائية والري الإثيوبي، سيليشي بيكيلي، على حسابه على تويتر، أمس الثلاثاء، إن "إثيوبيا تود خلال المفاوضات المستمرة، التوقيع على أول اتفاق ملء في أقرب وقت ممكن، وكذلك مواصلة المفاوضات لوضع اللمسات النهائية لاتفاق شامل في فترات لاحقة". 

لكن وزارة الموارد المائية المصرية قالت في بيانها، إن مصر والسودان طلبتا تعليق الاجتماعات "لإجراء مشاورات داخلية بشأن الطرح الإثيوبي الذى يخالف ما تم الاتفاق عليه خلال قمة هيئة مكتب الاتحاد الأفريقي في ٢١ يوليو الماضي، وكذلك نتائج اجتماع وزراء المياه الاثنين". 

في الوقت نفسه، اعتبر وزير الري والموارد المائية السوداني، ياسر عباس، في بيان منفصل، أن الرسالة التي تلقاها من نظيره الإثيوبي، الثلاثاء، "تثير مخاوف جدية فيما يتعلق بمسيرة المفاوضات الحالية والتقدم الذي تحقق والتفاهمات التي تم التوصل إليها". 

وأشار عباس إلى أن "ذلك يمثل تطورا كبيرا وتغييرا في الموقف الإثيوبي يهدد استمرارية مسيرة المفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي، وخروجا على إعلان المبادئ الموقع بين مصر وإثيوبيا والسودان في ٢٣ مارس ٢٠١٥"، بحسب تصريحات نقلتها وكالة الأنباء السودانية. 

وأكد عباس أن السودان لن يقبل برهن حياة ٢٠ مليونا من مواطنيه يعيشون على ضفاف النيل الأزرق بالتوصل لمعاهدة بشأن مياه النيل الأزرق.

ورهن الوزير استمرار مشاركة السودان في المفاوضات التي يقودها الاتحاد الإفريقي، بعدم الربط ما بين التوصل لاتفاق بشأن الملء والتشغيل من جهة، والتوصل لمعاهدة حول مياه النيل الأزرق، من جهة أخرى.

ويأتي الطرح الإثيوبي الجديد، على خلاف ما ذكر بيان نشر على صفحة وزارة المياه والري والطاقة الإثيوبية على فيسبوك، الثلاثاء، من أن "الحكومة الإثيوبية ملتزمة بالعمل من أجل إنهاء المفاوضات بطريقة تعود بالفائدة على جميع الأطراف". 

وأعلنت إثيوبيا فجأة الشهر الماضي أنها أكملت المرحلة الأولى من ملء سد النهضة، في حين كانت المفاوضات مستمرة، وهو ما اعترضت عليه مصر، وقالت إن هذه الخطوة "تلقي بدلالات سلبية توضح عدم رغبة إثيوبيا في التوصل لاتفاق عادل كما أنه إجراء يتعارض مع اتفاق إعلان المبادئ"، بحسب بيان لوزارة الموارد المائية والري المصرية، الاثنين. 

ويعد سد النهضة الكبير مصدر توتر بين إثيوبيا من جهة ومصر والسودان من جهة أخرى منذ 2011. ويتوقع أن يصبح السد أكبر منشأة لتوليد الطاقة الكهربائية من المياه في إفريقيا، وتقوم إثيوبيا ببنائه على النيل الأزرق الذي يلتقي مع النيل الأبيض في الخرطوم لتشكيل نهر النيل.

وترى إثيوبيا أن السد ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية، في حين تعتبره مصر تهديداً حيوياً لها، إذ يعتبر نهر النيل مصدرا لأكثر من 95 في المئة من مياه الري والشرب في البلاد.

وخلال الأشهر الأخيرة، تصاعد الخلاف بشأن السد مع مواصلة إثيوبيا الاستعداد لملء الخزان، الذي يستوعب 74 مليار متر مكعب من المياه.

ورغم حض مصر والسودان إثيوبيا على تأجيل خططها لملء خزان السد هذا الشهر حتى التوصل لاتفاق شامل، أعلنت أديس أبابا في 21 يوليو أنها أنجزت المرحلة الاولى من ملء الخزان البالغة 4,9 مليارات متر مكعب، والتي تسمح باختبار أول عنفتين في السد.