في جنوب أفريقيا، يلجأ بعض المعدمين المحبطين الذين لا مأوى لهم بعد انتظار سنوات من أجل الحصول على مساكن مجانية وقطع أراضٍ من الحكومة إلى الاستيلاء على الأراضي العامة من أجل بناء منازل مؤقتة تؤويهم.

وفي حديث لوكالة الأناضول، قال "إياندا كوتا"، وهو ناشط في مجال حقوق الإنسان،: "عندما يلجأ الناس إلى الاستيلاء على الأراضي، تنظر الحكومة لهم باعتبارهم خارجين على القانون".

لكن "كوتا"، وهو أيضا عضو في حركة "العاطلين عن العمل" (مستقلة)، اعتبر أن "الحكومة هي التي تدفعهم للقيام بذلك".

والشهر الماضي، استخدمت قوات الشرطة في العاصمة، بريتوريا، الرصاص المطاطي لتفريق بعض الأشخاص بنوا أكواخا مؤقتة على مساحة من الأراضي العامة، استولوا عليها كانت مخصصة لبناء مساكن منخفضة التكلفة.

غير أن "كوتا" ليس لديه اعتراض على الأشخاص الذين يأخذون الأراضي العامة، مشيرا إلى أن مثل هذه التحركات تعكس أيضا دلالات سياسية.

وقال إن الأغلبية السوداء في جنوب أفريقيا، الذين يعيش معظمهم في حالة من الفقر، كانوا يعطون أصواتهم لصالح نواب حزب "المؤتمر الوطني الأفريقي" الحاكم، في كل انتخابات، أملا أن تعمل الحكومة في لصالحهم.

وأشار "كوتا" إلى أن بعض الذين يستولون على أراضٍ لبناء أكواخ عليها يفتقرون إلى المرافق الصحية الكافية.

وارتأى الناشط الحقوقي أن "حقيقة وجود أشخاص يقررون الاستيلاء على قطع أراض، ويعيشون عليها بدون مرافق صرف الصحي تظهر مدى يأسهم وإحباطهم".

وفي الوقت نفسه، أدانت اللجنة البرلمانية لتنمية الريف والإصلاح الزراعي محاولة الاستيلاء على الأراضي من جانب بعض المواطنين المحبطين.

وقالت رئيسة اللجنة، فومزيلى نغوينيا مابيلا، في بيان، إن الاستيلاء غير المشروع على أراض تابعة لأطراف أخرى "غير دستوري" و"مؤسف".

وأضافت أن "اللجنة تنظر إلى الأعمال التي يزعم أنها ارتكبت على أيدي أعضاء من حزب (المناضلين من أجل الحرية الاقتصادية) باعتبارها أمر خطير".

ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من أحد مسؤولي حزب "المناضلين من أجل الحرية الاقتصادية"، بشأن ما ذكرته المسؤولة.

وأشارت إلى أن لجنتها تؤمن بالبرامج الحكومية الرامية إلى معالجة "التوزيع" لملكية الأرض، داعية المواطنين إلى التحلي بالصبر على برامج توزيع الأراضي الحكومية.

واختتمت المسؤولة بالقول: "اللجنة تشجع الناس على استخدام الإجراءات القانونية والمتاحة... للحصول على الأراضي، سواء كان ذلك لبناء للوحدات السكنية أو لأغراض زراعية، ولا يمكننا أن نترك بلدنا تتدمر ذاتيا بسب قضية حرجة مثل الأراضي".

وهو الرأي الذي وافق عليه المحلل السياسي "أندريه دوفينهاغ"، معتبرا أن الأراضي تمثل قضية حساسة في جنوب أفريقيا.

وقال في حديث لوكالة الأناضول: "يحاول بعض السياسيين استخدام قضية الأراضي لحشد الدعم، مشيرا إلى ما وصفه بـ"عدم المساواة" في ملكية الأراضي في جنوب أفريقيا، لكنه نفى المزاعم بأن 80% من أراضي البلاد كانت مملوكة لنحو 30 ألف من المزارعين البيض.

من جهته، دعا الخبير الدستوري "شادراك جوتو"، إلى وضع خط فاصل بين الشركات الأجنبية التي تنتزع الأراضي لأغراض تجارية، والأشخاص بلا مأوى الذين يستحقون أراضي يبنون عليها مساكن لهم.

وقال "جوتو" في حديث لوكالة الأناضول عبر الهاتف، إنه "من خلال الاستيلاء على الأراضي، يبعث الناس رسالة إلى الحكومة بأنهم قد انتظروا فترة طويلة بما يكفي للحصول على السكن"، لافتا إلى أنه على الرغم من ذلك يتعين على هؤلاء المواطنين المحبطين الالتزام بالسياسات والقوانين الحكومية.

بدوره، أشار الباحث في معهد جنوب أفريقيا لعلاقات الأعراق "كيروين ليبون" إلى تزايد الطلب على الأراضي والمساكن في المناطق الحضرية في جنوب أفريقيا، حيث يتم تحديد معظم تخصيصات الأرضي.

وأوضح في حديث لوكالة الأناضول أن "معدلات الإحباط أعلى في المناطق الحضرية، حيث يذهب الناس للبحث عن فرص عمل".

ولفت" ليبون" إلى أنه "ما بين عامي 1994 و2013، بنت حكومة جنوب أفريقيا ما يقرب من 2.6 مليون وحدة سكنية مدعمة لحوالي 8.8 ملايين شخص من إجمالي عدد سكان البلاد البالغ نحو 59 مليون نسمة.

وبين أنه على الرغم من هذا الإنجاز، ما زالت الحكومة عاجزة عن بناء 2.1 مليون وحدة سكنية لأولئك الذين لا يزالون على قائمة الانتظار