أعطي اليوم برنامج التأهيل الحضري المندمج لمدينة سلا المغربية الممتد على ثلاث سنوات، وهو مشرع يهدف إلى الحفاظ على الموروث التاريخي لهذه المدينة العريقة، وتحسين إطار عيش ساكنتها، وبعث حركية جديدة في قاعدتها السوسيو- اقتصادية.

البرنامج الجديد التي أعطى انطلاقته الملك محمد السادس يهدف إلى تطوير النسيج الحضري لمختلف المدن المغربية وفق رؤية متناغمة ومتوازنة، وقد رصدت له استثمارات بقيمة  نحو 100 مليون أورو، يندرج في إطار مقاربة تشاركية منهجية تشمل مختلف أنشطة المدينة.

 ويرتكز البرنامج الممتد على ثلاث سنوات، حول أربع محاور أساسية، هي الحفاظ على ثقافة وتراث المدينة، وتعزيز البنيات التحتية الأساسية، وتطوير قطاعي السياحة والصناعة اليدوية، ومحاربة السكن غير اللائق.

 ويتوخى برنامج التأهيل الحضري المندمج للمدينة، إعادة تأهيل جزئها العتيق، والفنادق والبنايات المهددة بالانهيار، والنهوض بالحرف اليدوية ، وتأهيل بعض الشوارع فضلا عن تأهيل الأحياء ناقصة التجهيز.

كما يروم برنامج تأهيل مدينة سلا، عند الانتهاء من أشغال إنجازه، بلوغ توزيع متكافئ لتجهيزات القرب بين مختلف المكونات الحضرية للمدينة، والنهوض بالتشغيل وإنتاج الثروة، وضمان التناغم الاجتماعي والمكاني، وتحسين ظروف عيش الساكنة.

مدينة سلا المغربية، مدينة عريقة،  تقع المدينة على الضفة الشمالية لنهر أبي رقراق، على اليمين من مصبه في  المحيط الأطلسي بالقرب من العاصمة المغربية الرباط سميت ميت قديما  باسم شالة.

وتعود بدايات المدينة، حسب المؤرخين، إلى العهد الموحدي في القرن الحادي عشر، وشهدت المدينة عنفوانها وازدهارها في تلك الحقبة.

عرفت المدينة تطورا حضاريا عكسته مجموعة منجزات يأتي في مقدمتها المسجد الأعظم الذي أنشأه يعقوب المنصور الموحدي سنة 1196م، ويعتبر عهد المرينيين في القرن الرابع عشر فترة ازدهار عمراني وحضاري لا نظير له.

وكانت مدينة سلا طيلة التاريخ الإسلامي نقطة عبور مهمة بين مدن وعواصم إسلامية حكمت المغرب، مثل فاس ومراكش.

وبفضل وجود ميناء على سواحل المدينة الذي غدا مركزا للتبادل التجاري بينالمغرب وأوروبا، أدى بدوره إلى استقرار واستمرار النشاط التجاري والصناعي إلى حدود القرن التاسع عشر الميلادي.

خلال العهد السعدي  في القرن السابع عشر تلاحقت هجرة الأندلسيين من شبه الجزيرة الإيبيرية، وأسسوا كيانا مستقلا عن السلطة المركزية بمراكش عرف باسم جمهورية أبي رقراق، وكثفوا نشاطهم البحري الشيء الذي أعطى نفسا جديدا للمدينة أهلها لمنافسة جارتها مدينة الرباط اقتصاديا ،وتعد هذه الفترة من تاريخ مدينة سلا فترة الأوج والازدهار.

 في غضون القرن التاسع عشر الميلادي،  تضررت أمور المدينة إذ عرفت نوعا من الركود والانعزال بسبب تراجع نشاطها التجاري، فأبدت اهتمامها بالجوانب الدينية والثقافية حتى فترة الحماية الفرنسية، أصبح معه مصير المدينة ونظامها مرتبطين بالأحداث التاريخية التي مضت.