في الوقت الذي تخوض فيه قوات الجيش الوطني الليبي معركة العاصمة طرابلس، وفي ظل المد والجزر العسكري بينها وبين قوّات حكومة الوفاق، اندلعت المعارك جنوبًا في مدينة مرزق التي كان الجيش قد دخلها منذ أشهر في إطار حربه ضد الجماعات التشادية المسلحة التي تتخذ من مناطق الجنوب قواعد ومخيمات تدريب ومراكز عسكرية، مستغلة الوضع الأمني لإنعاش مواردها المالية بالتهريب وتجارة البشر والسلاح دعم المنظمات الجهادية الإرهابية.

هذه المعارك التي اندلعت جنوبا، تربطها تصريحات قادة الجيش الليبي بمحاولة قوات حكومة الوفاق التنفيس على جبهات العاصمة بفتح جبهات أخرى جنوب البلاد، مستعينين بقوّات المعارضة التشاديّة وحتى الجماعات الإرهابية المسلحة التي تتقاطع كلّها مع حكومة الوفاق في الحرب ضد قوّات الجيش الليبي.

هذه المواجهات العنيفة التي اندلعت منذ بداية شهر أغسطس الماضي، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 90 مدنيا، وإصابة أكثر من 200 شخص، بحسب بيانات نشرها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط (أوتشا)..



** حربٌ معلنة و"احتلال": 


النائب طلال الميهوب، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي في البرلمان الليبي، قال إن عصابات تشادية معارضة احتلت مدينة مرزق في الجنوب الليبي.

مضيفًا، في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" سبوتنيك الروسية أن "العصابات التشادية التي احتلت المدينة وقامت بالتطهير العرقي فيها، مدعومة من حكومة السراج، وأنها أمدتها بالسلاح والعتاد للقيام بالجرائم التي ارتكبتها في ليبيا" بحسب تعبيره.

وشدد الميهوب على أن لجنة الدفاع والأمن القومي ستخاطب مجلس الأمن والمجتمع الدولي بشأن ما أعلنته المليشيات في الجنوب الليبي، وأن سيادة ليبيا غير قابلة للتقسيم أو إعلان أية مدن مستقلة بذاتها، وأن الأمر يعد انتهاكا للسيادة الليبية.

وشدد على المطالبة برفع حظر التسليح عن الجيش الليبي للدفاع عن السيادة الليبية، خاصة أن الجيش يعمل على بسط السيطرة الكاملة على التراب الوطني الليبي.

وفي وقت سابق طالب مجلس النواب الليبي القيادة العامة للقوات المسلحة ووزارة الداخلية بالتصدي لمن وصفهم بـ"العصابات المارقة" في مرزق جنوب غربي البلاد.

وقال المجلس، في بيان له، إنه "يدين بأشد العبارات الهجوم الإرهابي الذي تتعرض له مدينة مرزق وتشارك فيه عدد من التنظيمات الإرهابية وعصابات المرتزقة من المعارضة التشادية الذي راح ضحيته عدد من الشهداء والجرحى".

وطالب المجلس القوات المسلحة الليبية بالضرب بيد من حديد لمن تسول له نفسه المساس بأمن ليبيا وشعبها، داعيا الحكومة الموقتة إلى تقديم الدعم الكامل بشكل عاجل لأهالي المدينة التي تشهد توترا أمنيا منذ أسابيع.


** تهجير وأوضاع إنسانية صعبة: 


وفي ذات السياق نقلت الوكالة عن حامد الخيالي، عميد بلدية سبها الليبية، قوله إن الأوضاع في مدينة مرزق الليبية وصلت إلى مرحلة كارثية، حيث هجر معظم أهلها بعد دخول المليشيات إليها، حسب وصفه.

مؤكدا بالقول  "الآن يسيطر على المدينة مجموعة من المرتزقة المدعومين من حكومة الوفاق التي دفعت لهم الملايين من أموال الشعب الليبي، حيث احتلت تلك المجموعات المدينة وقتلت الكثير من أهلها، وقد اعترفت حكومة الوفاق بأن المليشيات هي قوات شرعية تتبعها" على حدّ تعبيره.

وتابع "نطالب المجتمع الدولي بالنظر إلى الجريمة التي حدثت في مدينة مرزق، ونؤكد أن سببها حكومة الوفاق، خاصة أن تلك المجموعات تضم مليشيات تشادية، كما أن العناصر الليبية الموجودة بينهم هي عناصر مطلوبة على ذمة قضايا إرهابية وقانونية" بحسب وصفه.



** المسماري يتهم حكومة الوفاق بالتحالف مع داعش: 


وفي المقابل قال النّاطق الرّسمي باسم القائد العام للقوّات المسلّحة العربية الليبية اللّواء أحمد المسماري، إن ميليشيات الوفاق شنت هجومًا على مدينة مرزق بجنوب ليبيا، بالتّعاون مع تنظيم داعش الإرهابي.

وأضاف اللواء أحمد المسماري – خلال مؤتمر صحفي – أن غرفة عمليات الكرامة بالمنطقة الجنوبية، تراقب الميليشيات وتقوم بعمليات استطلاع وإعطاء المعلومات أولاً بأول للقيادة العامة للقوات المسلحة العربية الليبية.

وأكد المسماري، أن عمليات الاستطلاع وفرت كمًا معلوماتيًا كبيرًا عن تحركات هذه الميليشيات، وسهلت تتبعها واستهدفتها.

وأكد المسماري أن هذه العصابات دمرت منازل المواطنين في مدينة مرزق ومحيطها، كما تم تهجير سكانها إلى مناطق في وادي عتبة وتراغن وسبها.

وكشف المسماري إن بقايا تنظيم داعش  يوجد في مدينة مرزق، وكوّنت ما أطلقت عليه “جيش الصحراء”، إلى جانب تنفيذها في وقت سابق عددًا من العمليات في الشمال الشرقي للمنطقة، بالإضافة لتحالفها مع العصابات التشادية التي يدعمها السراج  لتحقيق أهدافها.