محمد الهاشمي الحامدي إعلامي تونسي صاحب قناة " المستقلة" التي تبث من لندن ،وهو مؤسس تيار "العريضة الشعبية " الذي حل ثانيا في انتخابات التأسيسي ، قبل أن يتحول الى " تيار المحبة "بعد هروب عدد من نوابه الى أحزاب أخرى وخلقهم لظاهرة السياحة الحزبية .

الحامدي سبق له الانتماء الى الاتجاه الإسلامي ( النهضة حاليا) وسجن من أجل انتمائه له في ثمانينات القرن الماضي ، وكان وقتها طالبا ، قبل أن يسافر الى الخارج لمواصلة لدراسته العليا ليمكث هناك الى الآن

كانت له علاقات وطيدة في فترة سابقة مع الرئيس السابق بن علي وخلافات شهيرة مع قيادات النهضة تتواصل الى اليوم .

الحامدي مصر على الترشح للرئاسية القادمة ويصرح دوما بأنه واثق من نجاحه بوابة إفريقيا الإخبارية حاورته من لندن عن مجمل الشؤون التونسية فكان الحديث التالي

س رفض حزبكم المصادقة على الدستور ووجه له انتقادات كبيرة ، ما هي مرتكزات هذا الرفض وهل هو حملة انتخابية مبكرة تتوجه أساسا الى التيارات الدينية المتشددة والشق الغاضب من حزب النهضة ؟

ـ لا أدري عن أي انتقادات تتحدث. موقفنا كان رصينا وموضوعيا، وعندما قرر نواب تيار المحبة الانسحاب من مناقشات الدستور حددوا أسباب هذا القرار بوضوح، وهي مقنعة لكل منصف، من أي اتجاه سياسي كان. احتج نواب تيار المحبة في المجلس الوطني التأسيسي بكل قوة على رفض المجلس جميع مقترحاتهم وهي:

  ـ مقترح اعتماد الإسلام مصدرا أساسيا للتشريع.

  ـ  مقترح ضمان حق الصحة المجانية لكل التونسيين.

  ـ مقترح منحة البحث عن عمل للعاطلين عن العمل.

  ـ مقترح تجريم الإساءة للذات الإلهية والقرآن الكريم والرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

5 ـ مقترح حماية أصوات الناخبين وتجريم الخيانة الحزبية وظاهرة بيع المقاعد النيابية لرجال الأعمال الأغنياء.

6 ـ وأدان نواب تيار المحبة بكل قوة رفض المجلس لتسمية الثورة التونسية باسمها الصحيح وهي ثورة 17 ديسمبر المجيدة.

عندما تتأمل في مبررات انسحابنا من مناقشات الدستور، ثم التصويت بلا في الجلسة الختامية، تجد أننا كنا أوفياء للديمقراطية، لأننا لم نتخل عن مبادئنا وبرنامجنا الإنتخابي، وأوفياء للطبقات الشعبية الفقيرة التي منحتنا ثقتها في انتخابات 2011 ومنحتنا المركز الثاني في من جهة الأصوات والثالث من جهة المقاعد، وأننا انتصرنا للحق وللفقراء والشباب المعطل عن العمل.

الفقراء والشباب التونسي المهمش المظلوم هم من ندافع عنهم ومن نتشرف بخدمتهم والدفاع عن توجهاتهم ومصالحهم في الساحة السياسية وخلال مناقشات الدستور. وقد فعلنا ذلك، وسنبقى دائما على العهد، عهد الدفاع عن الحرية والعدالة الإجتماعية، بمرجعية إسلامية، وبالاستفادة من حضارة العصر.

س : تنوي الترشح للرئاسة وسبقت أن صرحت بأنك ستكون رئيس تونس المقبل وستسكن حيا شعبيا ، كيف لك ذلك وأنت غائب عن الوطن منذ ثلاث سنوات ، هل ستدير حملتك عبر السكايب مثلما تفعل في إدارة حزبك من لندن؟

ـ أنا أعيش خارج تونس منذ عام 1986، أي منذ 28 عاما، وسأعود إليها بحول الله ومشيئته في الوقت المناسب. والوقت المناسب هو عندما يكون لي عمل مفيد وملموس أقدمه من خلال وجودي هناك، وتكون هناك بيئة سياسية وإعلامية تتحمل رأيي وحضوري، وليس بيئة تحتفل بإسقاط قوائمي الإنتخابية، وتمنع صوتي من الظهور في التلفزة الوطنية بقناتيها، وفي الإذاعة الوطنية، وفي أكثر الفضائيات والإذاعات العامة والخاصة في تونس.

في الظروف الحالية: ماذا سأفعل بالتحديد إذا تركت عملي الإعلامي هنا في لندن وعائلتي وعدت إلى تونس؟ هل تريد مني ان انخرط في المساجلات السياسية والإعلامية السائدة هناك؟ أنا لا أحبها، وأرى أن 90 بالمائة منها مساجلات كراهية وبغضاء؟ ثم هل سيسمحون لي بالحديث في وسائل الإعلام هناك؟ اشك في ذلك كثيرا.

وبعد ذلك: من بعد الله الحافظ سيحميني في البيئة الأمنية المضطربة؟ وكم تكلفة الحماية؟ وإذا تعرضت للإغتيال لا قدر الله مثلما حصل مع آخرين، فهل تظن أن التلفزة الوطنية والقنوات التونسية الأخرى ستخصص أكثر من ثلاثين ثانية لبث الخبر؟ تذكر أنك تتحدث عن بلاد الظلم والحقرة والكراهية.

وهناك معلومة أخرى: ليس لي حزب في تونس، ولم أؤسس حزبا. أسست تيارا شعبيا لا يحتاج أي تونسي لبطاقة خاصة ليكون عضوا فيه. هو تيار مبني على أفكار أساسية محددة: الحرية والعدالة الإجتماعية والمحبة، فمن ناصر هذه الأفكار وأيدها فهو من تيار المحبة، وعضويته في التيار تتجلّي في مناصرته بقلبه ولسانه، وفي التصويت له يوم الإنتخابات.

إذا منحني الشعب ثقته بالأغلبية الواضحة في الإنتخابات الرئاسية المقبلة، ومنح قوائم المحبة في الإنتخابات التشريعية أغلبية مماثلة، فسأترك عائلتي وعملي الإعلامي الذي أحبه وسأتفرغ لخدمة الشعب، وسأكون وسأسكن بحول الله قريبا من الطبقات الشعبية الفقيرة، وأخصص كل جهدي لبناء نظام الصحة المجانية، ونظام منحة البحث عن عمل لنصف مليون عاطل عن العمل، ونظام التنقل المجاني لمن أتم الخامسة والستين من العمر، وتعزيز الحريات السياسية، وبسط الأمن،  وتنمية البلاد بالعدل والوحدة الوطنية والمحبة.

أما إدارة تيار سياسي بالسكايب فتهمة لا أنفيها وشرف لا أدعيه. ما رأيك في كاتب وسياسي يدير تيارا سياسيا بالسكايب كما تقول ويحصل على المركز الثاني في الإنتخابات؟

إذا كان السر في السكايب فيجب على كل سياسي في تونس أن يلجأ إليه فورا!! أليس كذلك؟

إما إذا كان السر في أمور أخرى فيجب على الناقد أن يتحلى بالشجاعة ليراها ويعترف بها. الناس منحوني ثقتهم لأنني كنت صادقا معهم، وصغت برنامجا يعبر عن أشواقهم وهويتهم.

س: هل تتمسك بما يعرف بقانون الإقصاء أو العزل السياسي في الانتخابات القادمة ، وماذا تقولون عن تصريح حامد القروي القائل بان من يريدون حرمان الدساترة من الانتخابات يخشون منافستهم

ـ بالنسبة للإقصاء والعزل السياسي هذا أمر لم يكن لنا به دخل من قريب أو من بعيد قبل 2011 ولم نستشر فيه. ونحن أعلنا منذ أكثر من عام عن معارضتنا له عندما طرحه ساسة آخرون من داخل المجلس التأسيسي وخارجه. تذكر أخي: نحن راية المحبة.، واسم تيارنا: تيار المحبة.

وبمناسبة الحديث عن هذا الموضوع أرغب أن أرد مجددا على بعض خصومنا السياسيين الذين فوجئوا بالنتائج الباهرة التي حققناها في انتخابات 2011 فزعموا أننا فزنا بأصوات التجمعيين.

هؤلاء الإخوة لنا في الدين والوطن يكابرون ويعاندون ولا يريدون الإعتراف بعبقرية الفكرة التي يمثلها تيار المحبة والتي جلبت له تأييد الشعب ومحبته. نحن لم ننجح بأصوات التجمعيين أو غيرهم من التيارات السياسية، وإنما بأصوات التونسيين والتونسيات الأحرار، الذين وجدوا في برنامجنا أشواقهم للعدل الإجتماعي والكرامة، وهويتهم العربية الإسلامية الأصيلة.

وقد قلت في العديد من تصريحاتي الصحفية أن بلادي تونس بلاد فيها كثير من الظلم والحقرة والكراهية. بهذا العامل فقط تفسر إصرار كثيرين على التقليل من شأن إنجازات تيار المحبة وإصرارهم غير المبرر وغير المجدي أيضا على إقصائه وحجب صوته سياسيا وإعلاميا.

وبقيت إضافة أخيرة مهمة في هذا الموضوع: الحركة الدستورية قادت كفاح تونس من أجل الإستقلال، ثم بنت دولة الإستقلال فنجحت في مواضع وأخفقت في أخرى، أخفقت خاصة في مجالي الحريات السياسية والعدالة الإجتماعية. اليوم وبعد ثورة 17 ديسمبر ظهر تيار المحبة كعنوان جديد لأشواق التونسيين وأولوياتهم، وتبنى تيار المحبة ببرنامج طموح وواقعي مهمة معالجة إخفاقات المراحل السابقة وتصحيح مسيرة التنمية والتقدم في تونس براية المحبة والعدل الإجتماعي والحرية. لذلك أدعو التونسيين كافة، بمن فيهم الدساترة، للمراهنة على تيار المحبة والتصويت له بكثافة في الإنتخابات المقبلة.

بصراحة شديدة، العالم كله سيتساءل باستغراب شديد: لماذا ثار الشعب التونسي أصلا إذا كان ينوي التصويت لرموز العهد السابق وإعادتهم للحكم بعد ثلاث سنوات من الثورة؟

لذلك فإن تيار المحبة هو عنوان المرحلة الجديدة وملتقى أشواق التونسيين للعدل والتقدم.

س : عرف حزبكم خلال السنوات الماضية التي تلت الانتخابات الماضية بظاهرة السياحة الحزبية فهل تعتقد أن حزبكم فقد من حجمه وهل من تأثير لذلك على حظوظكم في الاستحقاق الانتخابي؟

ـ حاول أن تتجرد للحظة واحدة، وتتحرر من ثقافة تقاليد الظلم والحقرة والكراهية السائدة في تونس للأسف الشديد، واسأل نفسك: لمن أعطى أنصار قوائم تيار المحبة (العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية سابقا) أصواتهم في انتخابات 2011: هل أعطوها لمحمد الهاشمي الحامدي أم لرؤساء القوائم التي رشحتها؟

أنت تعرف أن الناس منحوا أصواتهم وثقتهم لي. ولم يتخلوا عن دعمهم لي بعد أن غيرت اسم التيار من العريضة الشعبية لتيار المحبة. هؤلاء هم، بعد عون الله وتوفيقه، رأس مالي في السياسة التونسية، وهم من أتعهد بخدمة مصالحهم على الدوام أنا ونواب ونشطاء تيار المحبة، حسب البرنامج المعلن والمعتمد بيننا: برنامج الحرية والعدالة الإجتماعية والمحبة.

وبقراءة موضوعية للساحة السياسية اليوم، أرى أن شعبيتنا زادت، وأن حظوظنا في الفوز بأغلبية مريحة في الإنتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة قوية ومرجحة. والله تعالى أعلم.

س: هل تحبذون البدء بانتخابات رئاسية ام برلمانية أو مزدوجة ولماذا؟

ـ لا فرق عندي. تيار المحبة جاهز لأي نظام انتخابي يعتمده إخوتنا المنافسون لنا في الساحة السياسية. ونتوقع الفوز بالأغلبية مهما كانت طبيعة النظام الإنتخابي المعتمد.

س :قال الكثيرون أن برنامجكم شعبوي ولا يمكن تطبيقه على أرض الميدان لانه يتطلب تمويلات كبرى فوق طاقة الدولة ، فمن أين ستأتي هذه الاستثمارات الثقيلة؟

ـ يمكن الإجابة على سؤالك بسؤال من نوع: ما الفائدة من ثورة 17 ديسمبر إذن والإنتفاضات السابقة لها؟ ولماذا قامت أساسا؟ وهل قدم الشعب تضحياته الجسيمة لإعادة تكرار ذات السياسيات الإقتصادية والإجتماعية القدمية التي عانى منها لعقود وثار ضدها ,اسقطها؟

أنا أكلمك بما تعلمته في بريطانيا، بنقاط القوة الحقيقية في الحضارة الغربية وليس بالقشور التي يتعلق بها بعض الساسة في تونس، واقول: الثورة قامت لتغيير السياسات وليس الوجوه، وتونس تحتاج لحكومة تلتزم بالعدالة الإجتماعية، ولها خطة عمل ثورية وواقعية في نفس الوقت لترجمة وتجسيد شعارات الثورة التونسية. وهذه هي رسالة تيار المحبة، وهنا سر جاذبيته وأسباب فوزه بالمركز الثاني في انتخابات 2011 وبالمركز الأول بحول الله في الإنتخابات المقبلة.

تيار المحبة يتعهد للشعب بتأمين التغطية الصحية المجانية لكل المواطنين، في جميع ولايات الجمهورية، بميزانية إضافية لوزارة الصحة قدرها 650 مليون دينار سنويا، وتخصيص ميزانية قدرها مليار واحد و200 مليون دينار لتمويل برنامج اسمه منحة البحث عن عمل يستفيد منه نصف مليون عاطل عن العمل من جميع ولايات الجمهورية، بحيث يحصل كل واحد منهم على منحة شهرية قدرها 200 دينار (مائتا دينار). وسيتولى ديوان التشغيل وضع برنامج تنفيذي لهذه الآلية يشمل توظيف المستفيدين من هذه المنحة يومين لصالح الدولة، أو تدريبهم على مهن جديدة، وتسهيل توظيفهم في القطاعين العام أو الخاص.

وقد تعهدنا أيضا بتخصيص مبلغ 150 مليون دينار سنويا لتأمين خدمة التنقل المجاني لمن أتم الخامسة والستين من العمر، وستكون الأولوية طبعا للمستحقين لهذه الخدمة، وليس للأثرياء الذين لا يحتاجون إليها.

بالنسبة لكيفية تمويل هذا البرنامج: نحن سنعطيه الأولوية في الميزانية، كما أننا سنعتمد بعض الإجراءات الضريبية التي يقصد منها المساهمة في تحقيق التوزان المالي للدولة والمساهمة في تمويل هذا البرنامج الإجتماعي العادل الطموح. في هذا السياق، قلنا أننا سنعتمد ضريبة بنسبة أربعين بالمائة على الدخل السنوي للأفراد الذي يتجاوز ستين ألف دينار، وضريبة بنسبة خمسين بالمائة على الدخل السنوي للأفراد الذي يتجاوز مائة ألف دينار.

وبوضوح وصراحة، لا يمكن للدولة التونسية أن تضمن تعافي توازناتها المالية، وتوفر الشروط الضرورية للتنمية، من دون تعديل النظام الضريبي بما يضمن مساهمة أكبر من الطبقة الأعلى دخلا في تمويل خزينة البلاد، ومساعدة الحكومة على تلبية الإحتياجات المتزايدة لصندوق الدعم وصندوق التقاعد، وضمان التمويل المطلوب للرعاية الصحية ومنحة البحث عن العمل. وبالإضافة إلى ذلك، ستبدأ الدولة فرض رسم دخول على جميع الأجانب الذين يدخلون البلاد بدون تأشيرة، قيمته عشرون دولارا أو ما يعادلها. أما الذين يدخلون البلاد بتأشيرة فسيتم استخلاص هذا الرسم منهم ضمن رسوم إصدار التأشيرة.

هذه رؤيتنا التي نعرضها على الشعب، والتي سنطبقها بحول الله إذا فوضنا الشعب ومنحنا الأغلبية في الإنتخابات المقبلة.