خلال أولى جلسات مجلس نواب الشعب التونسي المنتخب مؤخرا، حاز محمد الناصر على أصوات أبناء حزبه نداء تونس. ولكنه بالمناسبة حاز أيضا على أصوات منافسيه وعلى رأسها حزب حركة النهضة. بهذا الاجماع أصبح رئيس البرلمان التونسي الجديد.

بفضل 176 صوتا من اجمالي الـ 217، نال محمد الناصر شرف ترأس السلطة التشريعية في تونس. هذا الرقم جعل من صاحب الـ80 عام يصرح أنه "رجل جاء ليجمع التونسيين". انه يشير بأنه يستطيع أن يتجاوز الأزمات السياسية التي تعيشها تونس من جراء عدم وجود نقاط تلاق بين مختلف القوى السياسية المهيمنة على المشهد.

لم يكن حدث انتخاب الناصر مفاجئا بالمرة، فالاسم مطروح لهذا الموقع منذ الاعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية والذي حاز فيها حزبه نداء تونس على أكبر عدد من المقاعد. يتردد اسم محمد الناصر في أوساط أخرى، فهو مثلا مؤسس المهرجان الدولي للموسيقى السمفونية الذي تحتضنه سنويا مدينة الجم الأثرية في الوسط التونسي والتي ينحدر منها. وحين نضيف لذلك تقلده لعدد من الحقائب الوزارية في عدد كبير من الحكومات منذ ما يقرب الأربعة عقود سنجد رجلا مؤهلا لتحمل مسؤوليات جسيمة في مرحلة دقيقة.

مثله مثل رئيس حزبه الباجي قائد السبسي، استفاد محمد الناصر من الثورة حيث عرف هو الآخر دفعة غير متوقعة لمسيرته السياسية التي ظن الكثيرون – وقد يكون هو نفسه منهم - أنها صفحة طواها التاريخ إلى الأبد. تبدو وزارة الشؤون الاجتماعية مثل الفضاء الطبيعي لمحمد الناصر، فقد تولى المنصب الأسمى فيها في عهد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة، ودعي لها من جديد في حكومات محمد الغنوشي والباجي قائد السبسي.

يعتبر الناصر من أنجح الوزراء في تخطي العقبات التي وضعتها النقابات أمام السير العادي للمرفق العمومي من خلال مرونته في التفاوض مع مختلف الأطراف. طرح اسمه في نهايات سنة 2013 ليكون رئيسا للحكومة المؤقتة، ولكن بعد أن ذهب المنصب إلى المهدي جمعة، تخلى محمد الناصر عن استقلاليته وانتمى لحزب نداء تونس الذي رشحه في قائمة ولاية المهدية بمناسبة الانتخابات التشريعية الأخيرة.

التقدير الذي يحظى به محمد الناصر لم يأت فقط لنجاحاته في حسن إدارة الملفات التي وضعت بين يديه في تونس، فقد تولى العديد من المهام الدولية حيث ترأس بعثات تونس في الأمم المتحدة، وكان خبيرا دوليا لعب أدورا مهمة في التنسيق بين الهيأة الأممية وبلاده. وكما في تونس، يشع اسم محمد الناصر في الملتقيات الدولية أساسا لاهتمامه بالقضايا الاجتماعية، ذلك المدخل الضروري لعالم السياسة اليوم.

* فريدة دحماني لمجلة "جون افريك" - ترجمة شوقي بن حسن