استبعد محلّل سياسي، اليوم الجمعة، عودة المبرئين من تهم الإبادة الجماعية في رواندا إلى بلادهم.وقال المحلل الرواندي لوكالة "الأناضول"، مفضلا عدم الكشف عن هويته نظرا لحساسية القضية في بلاده، إن الأشخاص الذين قضت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا، مؤخرا، ببراءتهم من تهم الإبادة الجماعية خلال الحرب الأهلية في 1994، أو أولئك الذين قضوا فترة عقوبتهم، "لن يعودوا أبدا إلى البلاد".

وأضاف موضحا "من غير المعقول أن نراهم يعودون إلى البلاد، وفي الواقع، فإنه كلما تمت تبرئة أحدهم من تهمة الإبادة الجماعية، فإنّ كيغالي تعلن استياءها من ذلك".وتابع قائلا "المحكومون بالبراءة سيلتمسون أيّ عذر للمحكمة الدولية لرواندا يتيح لهم عدم العودة إلى رواندا، كما أنّ عائلات البعض منهم تعيش في المنفى في بلدان أخرى، وهذا ما يمثّل دعما لذريعتهم".

وكان الناطق باسم المحكمة الدولية لرواندا، كامبالا بوكار سي، طلب في تصريح أدلى به للصحافة الأوغندية، أول أمس الأربعاء، من الدول الأعضاء بالأمم المتحدة "استقبال ثمانية أشخاص حصلوا على البراءة من تهمة التورط في الإبادة الجماعية برواندا أو الذين قضوا مدة عقوبتهم.وفي سياق متصل، قال مصدر مقرّب من المحكمة الدولية لرواندا، في تصريح لـ"الأناضول" أنّ 5 "من المحظوظين" حصلوا بالفعل على اللجوء في بلدان أخرى، حيث استقبلت فرنسا اثنين منهما، في حين قبلت كلّ من سويسرا، بلجيكا وإيطاليا شخصا استضافة شخص واحد لدى كلّ منها.

وأضاف المصدر نفسه أنّ "أوغندا هي عضو في المجتمع الدولي، ونتمنى ونرحّب بأن تقوم بمساعدتنا، وتستقبل بدورها عددا من الذين تمت تبرئتهم".وردّا على هذا الطلب، قال المتحدث باسم الحكومة الأوغندية "أوفوونو أوبوندو" أنّ بلاده "لا ترى إشكالا يذكر في استقبالها لأولئك الأشخاص، غير أنه من الواجب أن يتعاون الطرفان بشكل يضمن سير الأمور على أكمل وجه".وباتت قضية نقل المتهمين الذين تم تبرئتهم قضية عاجلة، مع اقتراب انتهاء عمل المحكمة بحلول نهاية العام الجاري.

وواجهت المحكمة بالفعل عدة عقبات في محاولاتها لنقل المتهمين الذين برأتهم وأطلق سراحهم.وزاد من تلك التحديات حقيقة أن النظام الأساسي للمحكمة جنبا إلى جنب مع قرارات مجلس الأمن الدولي المختلفة التي تتعامل مع المسألة لا تضع أي التزامات على الدول الأعضاء لمساعدة المحكمة في نقل الأشخاص الذين تم تبرئتهم وأطلق سراحهم.

وتأسست المحكمة الجنائية الدولية لرواندا من قبل مجلس الأمن بمقتضى القرار رقم 955 الصادر في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 1994، وتختص بمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني خلال الحرب الأهلية برواندا في الفترة الواقعة ما بين شهري أبريل/نيسان ويونيو/حزيران عام 1994.

ويعتبر هذا الهيكل الثاني من نوعه الذي تشكّله الأمم المتحدة بعد المحكمة الجنائية الدولية التي أنشأتها في يوغسلافيا سابقا، في عام 1993.وفي أبريل/نيسان 1994، شن القادة المتطرفون من عرقية "الهوتو"، التي تمثل الأغلبية في رواندا، حملة إبادة ضد الأقلية من عرقية "توتسي"، وخلال فترة لا تتجاوز 100 يوم، قُتل ما يربو على 800 ألف شخص وتعرضت مئات الآلاف من النساء للاغتصاب، وفقا لمعطيات الأمم المتحدة.