قام قاضي التحقيق بالمحكمة التونسية، الأيام الماضية بإحالة راشد الغنوشي، ورفيق عبد السلام، للقضاء بتهمة تلقي الحزب تمويلات أجنبية لحملة انتخابية وقبول تمويل مباشر مجهول المصدر. وقال مكتب الاتصال بالمحكمة الابتدائية بتونس إنه إثر اكتمال البحث في قضية "اللوبينغ"، أو جماعات الضغط، تقرر إحالة حزب حركة النهضة، في شخص ممثله القانوني رئيس الحركة راشد الغنوشي، وكذلك أحد قيادات الحركة الذي ثبت ضلوعه في إبرام عقد الاستشهار، وهو صهر الغنوشي، رفيق عبد السلام، على المجلس الجناحي بالمحكمة الابتدائية بتونس.. وللوقوف على مستجدات المشهد التونسي كان لـ "بوابة إفريقيا الإخبارية" هذا الحوار مع الكاتب والمحلّل السياسي التونسي فوزي النّوري، وإلى نص الحوار: 

- هناك حالة عامّة من التخبّط في المجتمع السياسي بتونس.

- الغنوشي وصهره فقدوا الحماية المرتبطة بثقل تنظيماتهم السياسية.

- محاكمة قيادات النهضة بمثابة رصاصة الرّحمة لوضع الحركة المهترئ.

- تونس سائرة نحو انتخابات سيتشكّل من خلالها مشهد جديد.


بداية.. كيف تقيم مستجدات المشهد التونسي؟

في الحقيقة بعد أن تمّ تقويض المشهد القديم الذي أعاد إنتاج نفسه بوجوه جديدة وتسويات جديدة وكلّها تحوم حول الحركة الاسلامية والتي بإزاحتها تمّ إضعاف وإنهاك كلّ القوى المرتبطة بها تحالفا أو إسنادا أو حتّى معارضة ويمكن القول إن هنالك حالة عامّة من التخبّط في المجتمع السياسي ينتصب قبالته على الطرف النقيض مؤسّسة الرئاسة مسنودة بزخم شعبي واسع تتحرّك في كلّ المساحات وتهيّؤ لمناخات سياسية جديدة وواقع جديد.

ماذا عن تفاصيل إحالة الغنوشي وصهره للقضاء؟ 

التفاصيل بين أيدي أجهزة الأمن والقضاء لكن يمكن القول إنّها إحالة منتظرة وهي تتعلّق بملفّات كبرى وفي اعتقادي إنّ حلّ المجلس الأعلى للقضاء وتنصيب المجلس المؤقت سيفتح الباب على مصراعيه لوضع الملفّات الكبرى على الطاولة المتعلّقة بالأمن القومي والاغتيلات السياسية وشبكات التبييض والفساد ...

لكي لا نطيل أكثر فقد الغنوشي وصهره وغيرهم حتّى من خارج النهضة تلك الحماية المرتبطة بثقل تنظيماتهم السياسية وبالتالي من المنتظر تواصل وتوسّع هذه المحاكمات داخل الحركة وخارجها.

ما الذي تمثله هذه الخطوة؟

تمثّل هذه الخطوة منعرجا حاسما في تاريخ الحركة لأنّ الأحزاب العقائديّة ترتبط بزعيمها وقياداتها وتعتاش على رمزيّتهم وبالتالي فإنّ محاكمة قيادات النهضة ستكون في هذا بمثابة رصاصة الرّحمة لوضع الحركة المهترئ والمتآكل والمتصدّع بفعل تدابير 25 جويلية/ يوليو.

ما الذي يكشفه إعلان الحركة استعدادها لتقديم تنازلات؟ 

لا معنى لتنازلات يقدّمها طرف فقد هامش المناورة وكلّ الأوراق التي يمتلكها وليس لها منافذ للعودة للمشهد بعد أن فقدت مصداقيتها وفشلت في تحشيد الشارع وتخلّى عنها داعميها بعد أن ثبت لهم عجزها وقصورها في إدارة الدّولة والبقاء في سدّة الحكم.

هل فشلت الحركة في التحشيد شعبيا لدعم مواقفها؟ 

إنّ فشل الحركة في تحشيد الشارع ثابت وأكيد منذ فجر 26جويلية/ يوليو بعد أن تحوّل الغنّوشي للبرلمان في محاولة لتقاسم النفوذ وتقسيم البلاد وأعتقد أنّ الغنّوشي فوجئ كما فوجئ الجميع بوزنه ووزن الحركة في البلاد، لأنّ الحركة لم تبني قواعدها على تصوّرات ومبادئ ومشاريع حكم بل تلاعبت بالمزاج العام الذي تسلّلت له من بوّابة المعتقد فكان من الطبيعي أن تنهار بذلك الشكل وبتلك السرعة ولم يبق لها اليوم سوى تحريك مافيات المضاربة والاحتكار لإجبار مؤسّسة الرئاسة على تسويات تخفّف من وطأة اندحارها.

هل ستكون الحركة جزء من الحوار الوطني؟ 

لا أعتقد أنّه سيتمّ حوار وطني وإنّ قبلت مؤسّسة الرئاسة بمحاورة قوى ضعيفة ومهزوزة فلن تكون المسألة كما حصل في 2013، بل ستكون في شكل اجتماع وفي كلّ الأحوال لن تكون النهضة طرفا فيه.

ما هي الحلول المطروحة لتجاوز الأزمة السياسية في البلاد؟

المعضلة الحقيقية هيّ سحب المضاربين للموادّ الأساسية من السوق وفي هذا السياق الحكومة مطالبة بحلّ هذا المشكل بأيّ شكل وفي أسرع وقت ممكن، كما تكمن المشكلة في تدهور المقدرة الشرائيّة... وفيما يتعلّق بالوضع السياسي نحن سائرون إلى انتخابات سيتشكّل من خلالها مشهد جديد رغم كلّ محاولات التوتير والارباك التي تقودها القوى المفلسة والتي تعوّدت على حسم المعارك الانتخابية بالمال السياسي والاعلام المأجور...

إذا تمكّنت الحكومة من فضّ المسائل الاقتصاديّة العاجلة سندخل مرحلة من الاستقرار والازدهار بعد التخلّص من كلّ معيقات النموّ وعلى رأسها النخبة السياسية الفاسدة المتحالفة والمتورّطة مع الفاسدين في عالم المال والأعمال والذين تضاعفوا في عشريّة النهضة.