تعيد الأحداث الاحتجاجية المندلعة في منطقتي ذهيبة وبن قردان (جنوب شرقي تونس) للأذهان، أحداثا شبيهة، ظهرت بتواتر في المنطقة خلال خمس سنوات خلت.
وترجع تلك الأحداث لسبب يكاد يجمع عليه الكل، وهو أن نقطة العبور بين ليبيا وتونس لا يجب أن تمس بأي قرار حكومي، لأنها وببساطة تشكل مصدر دخل وحياة (مشروعة كانت أو غير مشروعة) لأهالي المنطقة منذ سنين.
بن قردان وذهيبة كغيرها من مناطق في تونس، تشكو “تهميشا” يظهر من خلال غياب الاستثمارات والمناطق الصناعية القادرة على استيعاب اليد العاملة المؤهلة علميا، ما دفع شبابها إلى تغيير الوجهة نحو ليبيا، بحثا عن تجارة بينية تدر مالا قليلا للبعض وأموالا طائلة للبعض الآخر.
وتشكل المعابر الحدودية هاجسا متواصلا للسلطات الأمنية، وخاصة منها الفاصلة مع ليبيا، فبالنظر لتوتر الوضع الليبي، وتواجد كميات كبيرة من الأسلحة المنتشرة في البلاد، يبقى خطر وصولها لتونس أو مرورها من خلالها نحو وجهات أخرى، مصدر قلق للسلطات التونسية ودول الجوار، وفق مراسل الأناضول.
وكانت تونس قررت في أغسطس/آب 2013، اعتبار حدودها مع الجزائر وليبيا منطقة عسكرية عازلة، لسنة كاملة قابلة للتمديد، بهدف تجنب عمليات تهدد أمن البلاد، ولمقاومة عمليات التهريب التي تكثفت، وإدخال السلاح
وهذا تسلسل زمني للأحداث التي جرت في تلك المنطقة خلال السنوات الخمس الأخيرة:
<ul> <li>أحداث بن قردان 2010</li></ul>في أغسطس / آب 2010 بدأت احتجاجات أهالي مدينة بنقردان بمحافظة مدنين الحدودية مع ليبيا تتطور إلى مواجهات مباشرة مع قوات الأمن، بعد قرار السلطات الليبية غلق معبر رأس جدير الحدودي أمام التونسيين.
وتعد بوابة رأس جدير، المنفذ الوحيد لتجار “الخط” (تجارة توريد وتصدير المواد الاستهلاكية بأنواعها بين البلدين) وخاصة فئة الشباب من حاملي الشهادات الجامعية التي تعاني من البطالة.
واعتقلت السلطات التونسية آنذاك، أكثر من 100 شخص، سارعت بعد ذلك إلى إطلاق سراحهم مع إعادة فتح المعبر من الجانب الليبي .
<ul> <li>ما بعد الثورة: سنوات لم تغب فيها الاحتجاجات</li></ul>ما بعد الثورة قبل وخلال حكومتي الترويكا بقيادة حمادي الجبالي وعلي العريض (2012 – 2013) وحكومة المهدي جمعه 2014، تواترت الاضطرابات في المنطقة وتعددت أسبابها سواء للمطالبة بمشاريع تنموية أو كردة فعل على تصريحات حكومة جمعة، بإحكام القيود على عمليات التصدير والتوريد عبر البوابة.
<ul> <li>29 نوفمبر/ تشرين الثاني2011 شهد تحركات احتجاجية في بنقردان، إثر حجز الشرطة سيارة في محافظة تطاوين تعود ملكيتها لأحد تجار بن قردان.</li> <li>1 مايو/أيار 2012 شهد أحداث عنف بين قبيلتي “الربايع″ و”الطوازين” ببن قردان على خلفية تغيير إمام مسجد بالمدينة.</li> <li>14 مايو/ أيار 2012 شهد انفلاتا أمنيا وفوضى في مدينة بن قردان، نتيجة منع عدد من التجار من تمرير بضاعة من ليبيا.</li> <li>10 يناير/كانون ثان 2013 شهد إضرابا عاما في مدينة بن قردان، للمطالبة بالحق في التنمية .</li> <li>4 أبريل/نيسان 2014 شهد إضرابا عاما في مدينة بن قردان، احتجاجا على غلق معبر رأس جدير</li> <li>أحداث الانتخابات الرئاسية ديسمبر/كانون الأول 2014</li></ul>بعيد الإعلان عن النتائج النهائية والرسمية للدورة الثانية للانتخابات الرئاسية في ديسمبر / كانون الأول 2014، والتي أقرت فوز رئيس حزب نداء تونس، الباجي قايد السبسي، على منافسه الرئيس السابق المنصف المرزوقي، اندلعت احتجاجات رافضة لبعض التصريحات الإعلامية، التي اعتبرت أن أهالي مناطق الجنوب صوتوا لحليفهم المرزوقي، وفق مراسل الأناضول.
<ul> <li>أحداث ذهيبة وبنقردان فبراير/شباط 2015</li></ul>شملت القرارات التي أقرتها حكومة المهدي جمعة، ضريبة جمركية على الأجانب الوافدين والمغادرين من تونس، تقدر بحوالي 15 دولار في ميزانية 2015.
ومع بدء تطبيقها مطلع 2015، انطلقت احتجاجات الأهالي في المنطقة، عندما أقرت الحكومة الليبية التعامل بالمثل مع تونس وفرض ذات الضريبة على التونسيين، تطورت إلى مواجهات مع قوات الأمن، انتهت بمقتل شاب.
ومن أهم المحطات التاريخية لأشكال الاحتجاجات الشعبية في مناطق الجنوب التونسي، تبرز أحداث قفصة عام 1980، حيث حاولت مجموعة مسلحة من معارضين تونسيين قادمين من ليبيا، السيطرة بالقوة على المدينة وقلب نظام الحكم.
كذلك أحداث الخبز التي انطلقت من منطقة دوز بمحافظة قبلي (جنوب) عام 1984، عندما قررت الحكومة رفع ثمنه، وواجهت احتجاجات سرعان ما انتشرت في كافة البلاد.
وكذلك صدامات الحوض المنجمي عام 2008 الرافضة لنتائج انتداب شركة فسفاط قفصة (أكبر الشركات التونسية التي تنتج الفسفات ومصدر الرزق الوحيد تقريبا لأهالي قفصة)، ولم تتساهل حينها حكومة الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي مع تلك الاحتجاجات، حيث استعملت القوة ضد المحتجين وقتلت بعضهم.