قال جون جونز المحامي البريطاني الذي يتولى الدفاع عن سيف الإسلام النجل الثاني للعقيد الليبي الراحل معمر القذافي، الذي سيخضع اليوم لمحاكمة رسمية عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من مقر سجنه الحالي في مدينة الزنتان الجبلية، لـ«الشرق الأوسط» إنه يتعين على المجتمع الدولي أن يواصل ضغوطه على السلطات الليبية لإقناعها بتسليم موكله إلى المحكمة الجنائية الدولية. وأوضح جونز في رده على أسئلة وجهت إليه عبر البريد الإلكتروني أنه لم يتمكن حتى لحظة بدء المحاكمة من الاجتماع بموكله، لافتا إلى أن نجل القذافي مسجون انفراديا وفي مكان سري. وأكد جونز أنه لا يوجد على الإطلاق أي فرصة لحصول سيف الإسلام على محاكمة عادلة في ليبيا، على حد قوله، مشيرا إلى أن محاكمته ستكون صورية. وقال: «إذا ما جرى إعدامه بعد محاكمة غير عادلة فإن ذلك سيكون إعداما خارج نطاق القضاء». وجونز المتخصص في قضايا جرائم الحرب والإرهاب يترافع عن عدد من المتهمين أمام المحاكم الدولية، ومن أشهر القضايا التي تولاها الدفاع عن مؤسس «ويكيليكس» جوليان أسانج، ومصطفى بدر الدين في قضية اغتيال الحريري. كما نجح في الحصول على أحكام بالبراءة لموكلين اثنين أمام المحكمة الدولية الخاصة بيوغوسلافيا، وتولى قضايا أمام المحكمة الدولية الخاصة برواندا، وله عدة مؤلفات وكتب، وهنا نص الحوار:

* هل تعتقد أن سيف الإسلام يتعرض في محبسه للتعذيب؟

- لسوء الحظ لم أتمكن من مقابلة موكلي، ولذا لا يمكن أن أتحقق من حالته البدنية أو الصحية، يجب ألا نغفل أن محامية سيف الإسلام جرى اعتقالها واحتجازها بصورة غير قانونية عندما حاول سيف الإسلام الإعراب عن مخاوفه لها. سيف الإسلام محتجز في مكان سري، معزولا عن العالم الخارجي، لم تتمكن عائلته من الاتصال به أو زيارته ووفقا لمنظمة «هيومان رايتس ووتش» لم يستطع الاتصال بمحامي أو الطعن في شرعية احتجازه أمام قاض.

* هل لديك أدلة مادية على ذلك؟

- لم تنكر السلطات الليبية أبدا أن سيف الإسلام مسجون انفراديا في مكان سري، وعندما التقته منظمة «هيومان رايتس ووتش» أكد لهم أن حقوقه الأساسية قد انتهكت.

* رفض موكلك توكيل محامٍ عنه وقال إن الله وكيله، فلماذا تدافع عنه؟

- أبلغ سيف الإسلام صراحة ممثلي المحكمة الجنائية الدولية كتابيا أنه يرغب في توكيل محامٍ ليمثله أمام المحكمة الجنائية، وكذلك الحال أمام المحاكم الليبية، ومع ذلك عندما حاول سيف الإسلام توقيع توكيل لمحاميته في يونيو (حزيران) عام 2012 جرى اعتقالها، وقد اعتبر المدعي العام الليبي أن هذا يعتبر إضرارا بالأمن القومي الليبي، وبهذا كيف لنا أن نتوقع بأن سيف الإسلام يستطيع أن يوكل محاميا للدفاع عنه وهو معزول عن العالم الخارجي؟ وفي ظل الظروف الأمنية المتردية من سيضمن سلامة محاميه؟

* من يتولى دفع نفقات أتعابك؟

- أتعابي يجري دفعها من قبل المحكمة الجنائية الدولية عن طريق نظام الإعانة القضائية.

* هل لدى نجل القذافي فرصة للحصول على محاكمة عادلة؟

- لا يوجد على الإطلاق أي فرصة لحصول موكلي سيف الإسلام على محاكمة عادلة في ليبيا، محاكمته ستكون صورية، وإذا ما جرى إعدامه بعد محاكمة غير عادلة فإن ذلك سيكون إعداما خارج نطاق القضاء. لقد جرى حبس سيف الإسلام لمدة عامين دون تمثيل قانوني ودون أن يطلع على الأدلة ضده، وبحسب «هيومان رايتس ووتش» فقد أجبر على الإدلاء باعترافات قسريا. إذا كان علي زيدان (رئيس الحكومة الليبية السابق) قد فر من ليبيا خوفا على حياته ولأنه يعلم بأنه لا يوجد قضاء عادل فما هي فرصة سيف الإسلام في الحصول على محاكمة عادلة؟ لقد أفاد المدعي العام بأن الأدلة المقدمة ضد موكلي تستند على اعترافات من متهمين، وهناك دلائل على أن المتهمين قد جرت إساءة معاملتهم وأجبروا على التوقيع على اعترافات. في أي دولة متحضرة لا تقبل مثل هذه الاعترافات والأدلة، لقد جرى اغتيال النائب العام عبد العزيز الحصادي وكذلك اغتيل عدد من القضاة، وآخرون جرى تهديدهم. لا يمكن لأي قاض أن يحكم دون تحيز وأن يكون مستقلا دون أن يخاف على حياته. وسيكون من المستحيل استدعاء شهود للدفاع.

* هل تعتقد أن القضاء الليبي سيبرئه نظرا لحجم الاتهامات الموجهة إليه؟

- لم يكن عدد التهم الموجهة إلى شخص مؤشرا على أنه مذنب، بل بالعكس، لا توجد أية فرصة لتبرئة سيف الإسلام نظرا لأن القضاة يعرفون أن المطلوب منهم أن تجري إدانة موكلي، خصوصا في ظل تردي الوضع الأمني وسلسلة الاغتيالات التي تطال القضاة. لقد تمكنت الميليشيات من خطف رئيس الوزراء وضغطت على المؤتمر الوطني العام (للبرلمان) لتمرير قوانين، وعلى هذا المنوال سيتولون إنفاذ القانون بأنفسهم عندما يتعلق الأمر بسيف الإسلام.

* هل التقيت موكلك؟

- لم أتمكن من مقابلة موكلي، لقد اعتقلت محاميته في آخر زيارة لها لسيف، ولم يتمكن محامو السنوسي من مقابلة موكلهم، الطريقة الوحيدة التي سأقابل من خلالها موكلي هي أن يجري تسليمه لمحكمة الجنايات الدولية.

* هل تتعاون معك السلطات الليبية أو هيئة المحكمة؟

- أنا أمثل سيف الإسلام أمام المحكمة الجنائية الدولية، ليبيا ملزمة بالتعاون مع المحكمة وأن تقوم بتسليمه لها فورا.

* كيف ترى قرار محاكمته تلفزيونيا وعدم نقله من الزنتان إلى العاصمة طرابلس؟

- من الواضح أن طرابلس ليست آمنة وستكون حياة سيف الإسلام في خطر إذا ما نقل إلى طرابلس، لقد عدلت السلطات الليبية قانون الإجراءات الجنائية خصيصا بأن يحاكم موكلي من خلال دائرة تلفزيونية مغلقة لأنهم لم يستطيعوا تقله إلى طرابلس. إذا أرادت السلطات الليبية تحقيق العدالة فإنه يتوجب عليها تسليمه فورا للمحكمة الجنائية.

* ما خطتك للدفاع عن موكلك الذي تقول هيئة الاتهام إن لديها أدلة مصورة على ما هو منسوب إليه؟

- كيف يمكن مناقشة استراتيجية للدفاع عن موكلي وهو معزول عن العالم؟ من المستحيل بناء استراتيجية من الفراغ، لقد أبلغ سيف الإسلام محاميته أنه بريء.

* هل تعتقد بضرورة تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية؟

- هناك حاجة ملحة وإلزام فوري للسلطات الليبية بتسليم سيف الإسلام للمحكمة، لقد أصدرت الدائرة التمهيدية بالمحكمة حكما نهاية مايو (أيار) من العام الماضي بإلزام ليبيا بتسليمه فورا، ولم تمتثل ليبيا لذلك الحكم. كل يوم يقضيه موكلي في ليبيا غير قانوني ويشكل انتهاكا لحقوقه الأساسية، وأخيرا أود أن أؤكد أن الواجب الأخلاقي المجتمع الدولي يحتم عليه ألا يقف مكتوف الأيدي مراقبا لما يحدث.

* كيف تتوقع القرار النهائي للمحاكمة في ليبيا؟

- يجب ألا يرضى المجتمع الدولي بالظلم ولا التعذيب، وألا يرضى بإعدام سيف الإسلام خارج نطاق القانون، يتوجب على المجتمع الدولي الضغط على ليبيا بكل الوسائل حتى تفي بالتزاماتها القانونية تجاه المحكمة الجنائية الدولية.