تجهيزات العيد بالبيت الليبي،  تبدا قبل يوم العيد بايام عديدة من حلول يوم التضحية،  ففي  حين تبدأ النساء في التجهيز بداخل المنزل استعدادا لهذه  المناسبة، يتكفل الرجال بالمشتريات وذلك بارتياد الاسواق ،وعادة ماتكون المشتريات اذا ما استثنينا (الاضحية ) محصورة  على ادوات القيام بشعائرها وهي الاضحية ومايتبعها من معدات مساعدة  لتقسيم لحمها وتقطيعه وشراء  الخضار والفحم وتوفير انابيب الغاز وكل النواقص من معدات الطهي ولزوم الطبخ والمشروبات وقد يلحق ذلك الحلويات والاخيرة حسب الظروف وكلنا نعلم شديد وطأتها على الليبيين جميعا الان  .

ويكون يوم الحسم حسب الشريعة في يوم العاشر من ذي الحجة  (ثمثلا بقصة سيدنا ابراهيم حين افتداء الله ابنه اسماعيل بكبش عظيم ) وهو تماما بعد يوم الوقوف بعرفة وهو اليوم  المبارك الذي يقف فيه الحجيج  ببيت الله علي جبل عرفات تاكيدا لسنة نبينا محمد صلي الله عليه وسلم .

الاسواق لاتقفل ابوابها  لربما لعشرة ايام قبل العيد ، وكل يوم يمر تزيد فيه حركة مرتاديها من الزبائن،  العيد ليس موسم اضحية فقط لكنه رواج  وباب رزق كبير ، وفي ظل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الليبيين  يدخل على العديد من العائلات  في هذا الموسم ما يفيدهم وعيالهم ويوسع عليهم مداخيلهم  ..فهذا يبيع خضار وذاك  يبيع الفحم وذا  يشحد السكاكين  وغيرهم كثير ويبيارك الله لهولاء جميعا..اما النشاط الاكبر لهذه الاسواق فيشتد بيوم (الموسم ) هكذا نسمي نحن الليبيين اليوم الذي يسبق  كل عيد 

_ ليلة العيد :

1ــ  ربما من العاداث الجميلة التي اندثرت الان  ان الام بيوم الموسم تقوم بتكحيل عين الاضحية

2ـــبموسم العيد تقوم ربة البيت مساء وتشعل فحم مبخرتها  وتضع فيها من بخور بيتها وتطوف بارجاء بيتها غرفة غرفة وجدار جدار  وتبتهل وتصلي علي النبي المختار وعلى واله وصحبه افضل الصلاة وافضل التسليم  .

3ــ حديثا وفي امسية الموسم  تقوم الام رفقة بناتها (وكناينها ) واختصارا لتعبهن  بيوم العيد  وليقل ازدحامهن وليكون هناك فراغ في الجزء الاول من باكر العمل بيوم العيد والمخصص للرجال ومشاق مهمتهم والتي تبداء بدبح الاضحيات  ..  فيقمن  بتنظيف الخضار وتقطيعه وتجهيزه ولكي يكون جافا في الصباح  من مياه الغسيل يضعونه ليتقطر ( بكسكاس ) ليكون جاهزا لدخوله مباشرة على مراسم الطبخ ولزوم مايلزم من طقوس كل ذلك اليوم البهيج

_يوم العيد ...

بعد صلاة العيد ومعايدة الرجال  بالمسجد بين  جمع المصلين  ومن ثم مرورهم على اهاليهم للمعايدة عليهم فردا فردا ويكون بيت والدتهم اول مقاصدهم   ..

1ـ ـ   يبداء الرجال من فورهم بالعمل ، فيغيرون ثيابهم وكلا بطريقته  ،فلكل رجل بليبيا كلها وبطرابلس خاصة يحتفظ لهذا اليوم بثوب خاص نظيف من العيد السابق ( كم امهاتنا وزوجاتنا عظيمات) ...

 تتعدد اشكال هذا الثوب لكن اغلب اهل طرابلس يرتدون ( القامجو ) وهوثوب يصنع خصيصا للعمل المرهق بالورش ويحتمل مختلف انواع العمل  وقابل للغسل من كل الزيوت  بالتالي ( مايراق من دم بالعيد ) يقوم بالعمل  به طيلة ذاك اليوم فتعب الاضحية كبير، ويحسب العمل ومقدار الجهد فيه  لكل عائلة بحسب عدد افرادها وعدد من يقومون بالمساعدة بالعمل من الاعمام والاولاد ؟

2ـ اغلب الرجال الليبيين ..  يحتفظون  بعدة كاملة  من مختلف انواع السكاكين:  الاقدمون منهم يلفونها عادة بغطاء جلدي خاص من النوع  الذي يلمعون به السيارات .. والاقل سنا  تجده يضعها  بغطاء جلدي مخصص للسكاكين بالطريقة اليابانية ،  لكل سكين رقمه ونوعه ومكان حفظ هذه المجموعات (الحادة ) يحفظونها  كما اوراقهم الرسمية ، لايعيرونها ولايستعيرونها ، ولايغسلونها بالماء وتحفظ بعيدا عن ايادي الاطفال ، هي فقط مخصصة لهذا اليوم العظيم ، لكن اثناء  العمل على طقوس الذبيحة يسمح للابناء والاخوة الذكور باستعمالها للمساعدة  لكنها لاتدخل على عمل النساء ، ليس تكبرا لكنهم يرددون وكل عيد  ( ان الخضار يفسدها )  اما ان تسربت ومسها البصل فاكيد سيكون يوم العيد اقل متعة  ،هذه السكاكين اغلب الرجال بليبيا  من تمسكهم ومكانتها الخاصة لديهم  بها يورثوها  لابنائهم الكبار

3ــ من القديم .. كل من يذيح بكل بيت ، وكل من يساعده بمشاق العمل ، ونذكر هذا منذ ان وعينا على الدنيا ، أنهم جميعا كانوا حريصيون على وضع الحزام  ..حزاما عريضا  من الجلد وهو تقليدي جدا ومتعدد الجيوب ، لازال كبار السن يستعملونه الى  الان، ويتبعهم بعض الاصغر سنا ، لكن اغلبية الاجيال الجديدة فيستبدلونه بالحزام العسكري الذي سمونه  ( النطاق ).

4ـــ جرت العادة على ان الاكبر سنا هو من يقوم بذبح الاضحية الرئيسية ( متع الاب والام ) وهو الاب عادة  ، يتبعه اولاده الاكبر فالاصغر،  ومن لايذبح يعوض عنه ابوه ، وان رحل الاب الى رحمة الرحمان تكون الضحية الاكبرمن نصيب الوالدة  (اولادها وبناتها هم من يشترونها لها ) ويقوم  بطقس رحمتها بالذبح اكبر اولادها سنا ..هذه المناسبات عظيمة في حد ذاتها ( لكن اعظم مافيها هو ما نستمده منها من دروس والوفاء احداها فقط )

5ـ للاولاد الكبر سنا دورهم في كل هذا ، فمن غير مساعدتهم لأبائهم فهم من يشعل (المنقل ..الشواية ) باكرا لكي تكون جاهزة عندما يحين وقتها ،  فبعد أن تعلق الاضحيات و ويبداء الرجال في اخراج القطع الداخلية  للذبيحة يكون اولها الكبد والذي يعشقه الاولاد ويقطع الاباء كلا من خروفه قطعة من اللحم ليضيفها لمجموع ما يعد للافطار من لحم الشواء ..وتحول جميعها لجناح النساء وعلى( صفرة اللوح ) يتبلونها ويعددنها للشواء  لياخدها الاولاد لجمر (الشواية ) والذي ينتظر الاولاد بفارغ الصبر مرحلة دخوله للعمل  ...


6ــ مؤقتا هاهنا تنتهي اول مهام الرجال ..فوقت الافطار قد حان ،  شواء الاولاد جاهز وجرت العادة أن كل رجل يأخد قطعة لحم يحبها من اضحيته هو ويعطيها لبكر اولاده لكي يشويها له.. بعد ذلك تجتمع الاسرة كلها للافطار وتكون النسوة قد اعددن مسبقا كل شي الشاي والقهوة والمشروبات بل حتي الحلويات ولمن غاب عنه فاغلب عائلات طرابلس لايغيب عن عيدها الاضحى و كما العيد الصغير ( الغريبة والمقروض )

7ـــ حين قلنا يرتاح الرجال تمتد راحتهم تلك حسب ( سبر وعرف ) كل عائلة فالغرض اساسا هو تعليق الاضحية لتجف سوائلها   وتسهل عملية تقطيعها ويكون الوقت من ثلاث ساعات فاكثر ..لكن ثمة العديد من العائلات في طرابلس وبعض مدن ليبيا يترك اضحيته معلقة الى اليوم التاني ..

8ـ هنا وعلى الحصائر عادة وبحضور ( صفر اللوح ) وسكاكين المطبخ يبداء عمل النسوة فعند ذاك التوقيت تكون ( الدوارة قد نظفت ) وعلى اكمل وجه وبليبيا يكون  هذا على اكثر من وجه  فمن الرجال من لايحب ان تقوم  والدته او زوجته بهذه المهمة فيقوم بها هو واولاده او اخوته  ( اخبرنا سابقا كم من درس يستفاد من هذه المناسبة ) والبعض الاخر يتشارك وزوجته وبناته وقليل فقط (عد الاصابع )  من يترك المهمة لهن . نعود للحصير الان وكما اخبرنا سابقا يكون الخضار جاهز وهنا تبدا النسوة بتحضير الوجبة الاهم (العصبان ) ومحرك (غوغول )كفيل بشرح كيفية تجهيزه  .

9ـــ ولان هذه الاكلة  صعبة التحضير، وتاخد من الوقت والجهد الكثير فهي تكون حاضرة للاكل بالمساء عادة او في اخر الظهيرة  ،  لذا تقوم احد البنات بالنهوض  لبدأ في اعداد الغداء  ،وهنا ايضا كل بيت وعادته ، فقد كانت قديما اغلب البيوت تحضر لهذا اليوم وجبة (البازبن ) اليوم تغير الحال لتعب تحضيره ولكونه دسما فصارت اغلب عائلات طرابلس يعدون وجبة الفاصوليا ومنهم من يفضلون  (المكرونة )

10 ـ بعد الغداء وشرب الشاي ، يقوم الرجال والذين لا يتركون اضحياتهم معلقة لليوم التاني، بالبدء في تقطيعها بعد أن جفت لساعات ، وكالعادة الاول والذي يتشارك فيه الجميع هو اضحية الوالد والوالدة ، ثم ينطلق كلا لاضحيته .

.في هذه العملية النساء لا النساء على  الحصيرلشغلهن،  ولا رجال يتباهون بسككاينهم  ، فهنا يحضرالكل جمعا فقط يبعد الاولاد والذين لايزالون يتنافسون على الشواء ، فبعد اضحية الوالد و الوالدة والتي يعينهما عليها عادة  ويقوم اولا  بتقطيع الاضحية على اربع ابنهما العازب  ومن ثم يكمل معها بقية العمل وان لم يوجد فيحضر الاصغر وهكذا دواليك فالعمل وتكسير العظم شاق على كبار السن  ،

اما المتزوجون فكلا لجواره زوجته ( الم نذكر هنا لافرق والعمل مشترك )   فبعد ان تخرج الصدقات من الاضحيات وعادة يهدي كل رجل (الفخد الافضل  لوالدته هدية ) وكل زوجة ترفع (الكتف الافضل لوالدتها هدية ) يخرج بعد ذلك ماتبقى من الصدقات و يرفع جانبا، بعدها تبدا المهمة المشتركة وهنا تكون الام موجودة  للمشورة تدور كخبير على كل (كناينها ) فجزء من هذا العمل هو ( القديد ) فبعد كسر العظم فما كان( للقديد ) يخلع عن عظمه وبرفع جانبا عدا ذلك  يظل للعائلة ما كان لكل الاسرة وبعد أن   يكمل الزوج عملية تقطيعة لحم على عظم  فتقوم الزوجة بتقسيمه لوجبات وعلى قطع  كل عائلة وحسب عدد افرادها .

11_ القديد ... هو السبر الاقدم والعرف الذي لم تقضي عليه السنين، ولن تقضي عليه مادام ثمة ليبيا ومادام على الارض يوجد ليبيين  ، وكما اسلفنا يكون كله تحت رعايه وعين الوالدة  فالخطاء فية لارجعة عنه ولاتصحيح فيه  ..فمراحل اعداده  كثيرة تشريح وتمليح وتجميع عصبان القديد  المجفف ، وهو  يعد خصيصا لرشدة البرمة ، في فصل الشتاء  ثم ينشر صباح اليوم التالي  في الشمس  وتتم متابعته بشكل يومي ، أما في الشتاء فتفسده المطر لذا تكون متابعاته بالشتاء اكثر ، وبعد ان يجهز تضع كل عائلة حصتها بزير من فخار عتيق مخصص كل عام لهذه الاكلة ثم تضاف اليه ما ثم اذابته من شحم الاضحية والذي يكون من مجمع الشحوم في ذيل الخروف ( اللية ) .

12 ..لا ينتهى عيد الاضحى باليوم الاول والذي متنه الجهد و العمل ولا فراغ فيه ، لكن العيد لن يجعله الله لذلك فقط لكن جعل  له بابا تمر منه الملائكة وهو باب تبادل الزيارات ،وتواصل ذوى القربي ومعايدة كبار العائلة ،وان كان أول يوم لا يسمح بذلك فاليوم التاني والثالث والرابع (هكذا عطلة العيد الكبير أربع ايام ) تفسح  لذك الود وجمع الاجروالثواب  مجال كبير .

.وكما العيد الأضحى  يتمتع الاطفال بالثوب الجديد وبالالعاب ،وان كان على الظروف الان تفرض  مقاييس اقل ، فهم يرتدون عادة أما بدلهم العربية أو ثياب العيد الصغير او ماستطاع اهله توفيره لهم .