أثار البيان الصوتي الذي أطلقه عبد المالك دروكدال، زعيم تنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي، يوم أمس الخميس على موقع الاتصال الاجتماعي تويتر عدة قراءات. فمرور سنتين دون أي ظهور إعلامي جعلت بعض الأوساط تتحدث عن مقتله في إحدى عمليات الجيش الجزائري، غير أن حديثه الصوتي يعتبر إشارة موجهة إلى سلطات الدول التي تحاول التصدي لجماعته ونعني بالأساس الجزائر وفرنسا المتمركزة في مالي.

دروكدال الذي يلقبه الجاهديون باسم أبو مصعب عبد الودود عرفته الأوساط الجهادية حذرا حتى أنه لا يستعمل الهاتف أبدا، كما أنه لا يتحرك كثيرا بين المواقع التي يديرها. ترجح المعلومات التي لدى الدول المعنية بالقبض عليه أنه يتموقع في جبال منطقة القبائل الجزائرية في شمال بلاد المليون شهيد، وتقول القوات الفرنسية انه من الممكن أن يكون قد استقر في جنوب ليبيا، لكنهم في العموم يعترفون أن اقتفاء أثره صعب المنال.

ظهر دروكدال مهنئا جهاديي القاعدة لانتصاراتهم في سوريا، وخاصة أبو محمد الجولاني زعيم تنظيم النصرة، والتحالف الجديد الذي ظهر المعروف باسم جيش الفتح وحقق انتصارات على جيش النظامي السوري.

هذا دون أن يتحدث عن مناطق راجعة بالنظر إليه في شمال افريقيا. غياب الجزائر والصحراء وشمال مالي وجنوب ليبيا، الفضاءات التي يتحرك في إطارها تنظيمه، له دلالات ما، لعل أبرزها أن تنظيم القاعدة يعود إلى الرؤية الشمولية في تناول الجهاد بحيث لا تفصل جبهة عن أخرى، أو مناطق جهاد ومناطق دعوة.

يبلغ اليوم دروكدال 44 عاما، وهو في بيانه يُحيّي وحدة التنظيمات التابعة للقاعدة عقائديا، وكأنه يشير لفتح هذا الباب في منطقته حيث تعاني التنظيمات الجهادية في الساحل والصحراء الإفريقية من ضربات متتالية من جيوش الدول المعنية بملاحقته.

الرسالة الرئيسية موجهة من هذا المنظور إلى مختار بلمختار الذي طالما اعتبر أبرز رجالات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والذي أسس تنظيما خاصا به يحمل اسم المرابطون ليدخل في تنافس مع التنظيم الأم. كما أن دروكدال يبدو انه لا يغيب عنه الصعود الجامح لتنظيم داعش في منطقة شمال افريقيا، وهو تنظيم يمكنه أن يستقطب رجاله،و لا بد من عودة ظهور الزعامات الجهادية القديمة للقاعدة لكي تستمر عملية الاستقطاب على قدم وساق.