السياسيون الليبيون والأمم المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يتحدثون عنها منذ أشهر.  الانتخابات الرئاسية والتشريعية متوقعة في عام 2018. ولكن بعد مرور شهرين من هذا العام، يبدو المؤشر الوحيد الملموس على إلى الموعد هو عملية تسجيل الناخبين الحديثة.

أكثر من 2.3 مليون ليبي - أي حوالي جميع الأشخاص الذين هم في سن الاقتراع - مستعدون الآن للذهاب إلى صناديق الاقتراع.

ولكن بعد أكثر من ست سنوات من الإطاحة بمعمر القذافي، لا تزال البلاد تحت سيطرة عدد لا يحصى من الجماعات المسلحة المتنافسة.

الليبيون على قدر كبير من اليأس إلى درجة أنهم يحاولون بازدياد ركوب رحلة الخطر نحو أوروبا.

ويرتهن مصيرهم لحكومتين متنافستين، وبرلمان غير وظيفي، و برلمان قديم أعيد تصنيفه كهيئة استشارية.

الميليشيات الكبيرة عززت السلطة في مناطقها، ولم تعد للحكومة المركزية إمرة عليها. الدولة تحتاج للسيولة ، وليس هناك أمل اقتصادي حقيقي يمكن الحديث عنه.

الجمود السياسي

ورث غسان سلامة، مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا المعين في أغسطس الماضي، مسلسلا صعبا.

بمرونته وبراغماتيه المعهودتين، أجرى سلامة اتصالات مع قطاعات من المجتمع الليبي تم تجاهلها سابقا، مثل الطلاب وأولئك الذين يعيشون في شرق البلاد.

وصل السيد سلامة حاملا خطة عمل من ثلاث خطوات:

- تعديل الاتفاق السياسي لعام 2015 ، الذي تم الاعتراض علیه علی نطاق واسع بعد أن جلب حکومة معترفا بھا دولیا، ولکن مشلولة

- عقد مؤتمر وطني

- الدعوة إلى استفتاء على الدستور وإجراء انتخابات في غضون عام.

لكن محادثات تعديل الاتفاق السياسي وصلت إلى طريق مسدود في أكتوبر الماضي، والجهات السياسية والعسكرية الليبية عالقة في دورة من الانقسام والتناحر.

الآن، يبدو أن الجميع ينتقل بسرعة إلى الخطوة الثالثة.

عوامل مخاطرة

يعتقد البعض أن صندوق الاقتراع يمكن أن يوحد ليبيا. ولكن على الأرجح يمكنه أن يمزقها أكثر.

معظم الانتخابات السلمية، تحتاج إلى النضج السياسي ومؤسسات وظيفية، وهياكل أمنية للدولة تخدم الأمة وشعبها.

انقص واحدا من هذه العناصر وستحصل على عملية متعثرة ، يمكن أن تؤدي إلى ديكتاتورية، أو تمهد الطريق لدورة من الانقلابات العسكرية.

إن ليبيا في موقف لا يحسد عليه لافتقارها لكل تلك الركائز لبدء الديمقراطية.

وكثيرا ما يجادل العاملون في الأمم المتحدة بأن الليبيين يريدون تغييرا سياسيا من أجل "إنهاء الجمود".

ولكن كيف سيبدو التغيير في ظل عدم القيام بجهد متضافر للتوفيق بين الجماعات المسلحة المجزأة؟

وقال مستشار أجنبي يعمل في ليبيا: "إن أكبر خطر لإجراء انتخابات اليوم هو أن أي نتيجة سوف تؤدي إلى مواجهة مسلحة على نطاق لم نشهد له مثيلا من قبل".

وينتظر أن تضم قائمة الآملين بالرئاسيات رئيس الوزراء فايز السراج، والقائد العسكري في شرق ليبيا خليفة حفتر - الذي يعد من أكثر الشخصيات إثارة للخلاف في البلاد.

يحاول محامي وأقارب نجل العقيد القذافي ، سيف الإسلام القذافي ، إقناع العالم بأنه مرشح محتمل أيضا.

ويعتقد أن خاطفيه من الميليشيات أطلقوا سراحه في الصيف الماضي، ولكنه لم يظهر للعموم علنا خلال ثلاث سنوات. ولا يزال مطلوبا من المحكمة الجنائية الدولية بزعم ارتكابه جرائم حرب في عام 2011.

لمصلحة من ؟

قال دبلوماسي غربي في تصريح لهيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) : "هناك وعي بمدى خطورة إجراء الانتخابات قريبا". "الجميع يتحدث عن هذا طوال الوقت".

وأضاف : "لكن علينا أن نواصل العمل من أجل التوصل إلى حل"، مؤكدا أن فرنسا تدفع كل الأطراف بقوة إلى الانتخابات.

لماذا تشجيع إجراء انتخابات أصلا؟

يضيف: "بسبب عدم وجود أي شيء آخر يمكن للمجتمع الدولي عمله لإنهاء الجمود ، وعليه أن يظهر أنه يفعل شيئا".

سوف تحصل على نسخة من هذا التفسير من معظم شركاء ليبيا.

مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، غسان سلامة ، اعتبر أن وضع جدول زمني سيخلق شعورا بالحاجة الملحة وزخم التغيير.

ولكن معظم الهيئات السياسية والعسكرية التي يتعامل معها أبدت رغبة في التعاطي معه ولكن في نفس الوقت تضع العراقيل أمام تقدمه.

وتريد العديد من الجهات الفاعلة الآن إجراء انتخابات في أقرب وقت ممكن، آملين في تعزيز سلطتهم.

وردا على ذلك، بدا أن السيد سلامة غيَّر التركيز، إذ قال لمؤتمر صحفي هذا الشهر:

"إن أهم شيء هو ضمان قبول جميع الأطراف لنتائج الانتخابات".

حواجز دستورية

تحتاج ليبيا إلى إطار قانوني قبل الاقتراع.

دستور ليبيا الجديد تمت صياغته، لكن لم يُرض الجميع، وقد تم الطعن فيه أمام القضاء.

هذا الشهر، قضت المحكمة العليا في ليبيا بأن المحاكم الدنيا ليس لها الحق في اتخاذ أي قرار بشأن الدستور- وهذا يعبد الطريق للاستفتاء.

هناك عدد قليل من الأفكار الواضحة حول كيفية تأمين أي نوع من التصويت على مستوى البلاد.

بعض وسطاء الأمم المتحدة أعربوا عن الأمل بأنه مع دستور جديد ، ستكون القوانين الانتخابية قائمة، مما يسمح بإجراء انتخابات ذات مصداقية.

ولكن دولا أعضاء كانت تأمل سرا في   تأجيل الحكم ، وفق العديد من الدبلوماسيون الأجانب

وذلك لأنه إذا ما ذهب الاستفتاء في الاتجاه الخطأ فإن ذلك سيؤجل الانتخابات إلى أجل غير مسمى.

وبدلا من ذلك أرادوا تعديل الإعلان الدستوري الانتقالي في ليبيا، وسرعان ما تم تقديم قانون للانتخابات.

وقد أدت سياسات الإصلاح السريع المستمرة لقضايا ليبيا المعقدة إلى إطالة أمد الأزمة عن غير قصد.

وقد تم قضاء أشهر في تطوير اقتراع عالي المخاطر لا يمكنه أن يتحقق، بدلا من التركيز على المصالحة الوطنية وتعزيز المؤسسات الليبية.

وأثارت الانتخابات التشريعية فوضى عندما جرت آخر مرة في عام 2014.

وفي ذلك الوقت ، كانت الجماعات المسلحة المتنافسة أقل تنظيما، وكانت الانقسامات السياسية قابلة للتدبير.

لكن تخيلوا تنظيم انتخابات أخرى اليوم.

 

*بوابة افريقيا الإخبارية غير مسؤولة عن مضامين الأخبار والتقارير والمقالات المترجمة