تستعد لجنة اصلاح وتطوير الإعلام في ليبيا لإصدار توصياتها خلال الأيام القادمة ، وفق ما أكده رئيسها عبد الرزاق الداهش عتبرا أنه « لم يبق إلا القليل »
وتنتظر الساحة الإعلامية الليبية نتائج اللجنة الذي أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة عن تشكيلها في يونيو الماضي لتمارس عملها تحت إشراف وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية.
ومنحت القرار اللجنة صلاحية عقد حوارات موسعة مع كل المهتمين بالمجال الإعلامي ومنظمات المجتمع المدني؛ للاستنارة بآرائهم في الإجراءات الإصلاحية اللازمة لقطاع الإعلام، فيما ينبغي عليها تقديم تقرير بنتائج أعمالها للعرض على رئيس الحكومة.
وتتكوّن اللجنة من تسعة أعضاء هم جلال عثمان، وفتحي إميمة، وعطية باني, ومنير مفتاح، ومحمد الأصفر، وسليمة بن نزهة، وعلي جابر، وفريدة طريبشان، وعياد العشيبي الى جانب رئيسها الكاتب الصحفي وصاحب التجربة الواسعة في إدارة المؤسسات الإعلامية  ، وأخرها هيئة دعم وتشجيع الصحافة ، عبد الرزاق الداهش ، الذي قال حول ما ينتظـره من الإعلام الليبي مستقبلا : « نريد بالتأكيد إعلاما أكثر مهنية، وأكثر استقلالية، ووفقا لثنائية حرية ومسؤولية، وهذا ما نراه كمقومات، أو مرجعيات، لاستخلاص اجابة السؤال: كيف ينبغي أن يكون إعلامنا »
وقال الداهش لصحيفة « العرب » اللندنية  ردا على سؤال  حول واقع الإعلام الليبي « لا نريد أن نقول إنه منطقة منكوبة، ولكن الكثير من وسائل الإعلام كانت بالفعل جزء من حالة التوتر، بدل أن تكون جزء من حالة الاستقرار » مشيرا الى أن « هناك الكثير من الانتهاكات والاخلالات المهنية، هناك وسائل اعلام حولت الإعلام من فن لإدارة الحقائق إلى مهنة لإدارة الحرائق، وفي النهاية دفعنا نحن الليبيين فاتورة خطاب الضغينة والشيطنة والتشفي، من وقتنا، وامكانياتنا، ولحمنا الحي » وفق تقديره
وحول صلاحيات لجنة الإصلاح والتطوير، ودورها في توحيد الخطاب الإعلامي في اتجاه الثوابت الوطنية الكبرى كالمصالحة وتكريس الحل السياسي وتجاوز حالة الانقسام السياسي والسياسي ، بيّن الداهش أن « اللجنة ليست بديلا عن أي جسم يمكن أن يدير، أو يشرف على وسائل الإعلام العمومي، ولا مؤسسة لرصد الاختلالات، ولا نقابة للصحفيين الليبيين » وإنما « وظيفتها تصميم تصورات لنظام إعلامي متصالح مع العصر، فضلا عن تحويل منشور رئيس الحكومة رقم 8 الى واقع، انتاج بيئة عمل للصحفيين، وعدم التضييق عليهم، وحماية مصادرهم، وحريتهم في النفاذ الى المعلومات »
وتابع الداهش في أول مقابلة صحفية بعد تشكيل اللجنة : « نستمع دائما لتوحيد الخطاب، انا لا أدرى كيف توحيد الخطاب، يعني مثلا نفرض سياسة تحريرية واحدة على كل وسائل الاعلام؟ » وأضاف « نحن نرى مدونة قواعد السلوك المهني هي دليل العمل الصحفي، ودستور الصحفيين، وعموما هي متشابهة في أغلب دول العالم لأن المعايير الحرفية واحدة » مشددا على أنه « ينبغي علينا دائما أن ندرك كي نتدارك أن الإعلام في اخر تعريف لليونسكو هو منفعة عامة، وتظل المصالحة، والتسامح، وكل ما يخدم هذا البلد جزء من مهمة الصحفي، بل اولوية وقد تضمنت مدونات السلوك ومواثيق الشرف في الدنيا كل ذلك »
وحددت المادة الثانية من قرار إنشاء لجنة إصلاح وتطوير الإعلام مهام اللجنة في «وضع المقترحات والتصورات اللازمة لتنفيذ ما جاء بمنشور رئيس حكومة الوحدة الوطنية رقم (8) لسنة 2021 المشار إليه، المتضمن مطالب الصحفيين ومنظمات المجتمع المدني بشأن إصلاح وتطوير الإعلام في ليبيا».
وعمم الدبيبة في الثالث من مايو الماضي، منشورا بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، شدد على الحق في التعبير وانتقاد أداء الحكومة، ومنع استهداف أو اعتقال الصحفيين، والالتزام بحمايتهم من المخاطر أثناء تأدية أعمالهم.
وتعهدت حكومة الوحدة الوطنية في المنشور بضمان حق الصحفيين في حماية مصادر معلوماتهم، والعمل على إعادة هيكلة مؤسسات الإعلام والصحافة الليبية، وتوسيع دائرة المشاركة في الإدارة من خلال استحداث مجالس للأمناء داخلها، لضمان تمثيل واسع.
وأبرز الداهش أن «اللجنة عقدت أكثر من 30 حوارا مجتمعيا، في جنوب، وشرق، وغرب ليبيا، وقد ناقشت مرئيات أزيد من 300 صحفي، وناشط مدني وأكاديمي كما استلمت اللجنة 35 استمارة رأي تتضمن آراء، وتصورات عدد من الصحفيين إزاء الإعلام، وكيفية إدارته، وهيكليته، والنهوض به » موضحا أنه « تم التوصل إلى نتائج مهمة فيما يتعلق بمؤسسة مشرفة، أو هيئة لرصد الفضاء البصري والسمعي والمكتوب، نستطيع أن نقول (هايكا ليبية)، تملك تسليط الجزاءات لضبط الاخلالات المهنية والاخلاقية » في إشارة الى الهيئة الى إمكانية تأسيس هيئة عليا مستقلة الهيئة للاتصال السمعي البصري على غرار ما هو معمول به في تونس ودول أخرى
ولفت الداهش الى أنه « تم التوصل الى مشروع لصندوق دعم الصحفيين سوف يدعم المشاريع الصحفية، ويسند جوائز الابداع والتقدير، ويشجع على العمل المتميز، وخاصة في مجالات المنتوجات الصحفية الحديثة كالصحافة الاستقصائية، وصحافة البيانات، وغير ذلك ،كما هناك ايضا تصور لمركز إداري يعنى بالفضاء السمعي، ومنطقة حرة للإعلام (مدينة إعلامية )
زد على ذلك أن اللجنة تعمل على مساعدة الصحفيين لإعادة تأسيس نقابتهم، لأن نقابة الصحفيين، فضلا عن كونها إطارا للتضامن المهني هي شريك مهم في إدارة الاعلام، والمحافظة على المسطرة المهنية، جودة الصحافة »
وبين الداهش أن  «اللجنة كانت منفتحة على كل رأي من أي زميل، ربما بعض الظروف قد صعبت علينا التحرك بشكل أسرع مثل جائحة كورونا ولكن بذلنا كل ما ينبغي علينا أن نبذله من اجل أفضل ما يمكن عمله لأفضل ما يمكن تصوره. صحيح الظرف ليس مثاليا، ولكن تطلعاتنا مثالية »
وحول دور الحكومة ،أكد رئيس لجنة إصلاح وتطوير الإعلام أنها «وضعت الإعلام بيد الإعلاميين، وكأنها تقول لنا خذوا إعلامكم، وللأمانة، لأول مرة حكومة، حتى البرلمانات تميل عادة التضيق فما بالك بحكومة، لا تسعى للرقابة على الإعلام وتضع نفسها تحت رقابته » وزاد :«الآن الكرة في ملعبنا، وعلينا أن نستثمر هذا الفرصة، وخاصة أن الحكومة سحبت حارس المرمى » مستطرد « صحيح قد تحول أي ظروف غير محسوبة، دون أن نحقق كل ما نريد، وهذا احتمال، ولكن هناك (على الأقل) كسبنا شرف التطلع »
وردا على سؤال يتعلق بإمكانية ضبط حالة الانفلات الإعلامي في البلاد ،  وإمكانية التأثير لضبط معايير اجهزة الإعلام العاملة في عواصم خارجية ، أجاب الداهش : « قبل كل قبل هنا لابد أن نفرق بين حالتين من الانفلات، هناك انفلات منتج، يتعلق بطفرة مرتفعة في عدد وسائل الإعلام، وهذه اتصورها حالة خلّاقة. أما فيما يتعلق بإعلام التجييش، وخطاب الكراهية، والتأزيم، فهذا لابد ان يضبط، ومن بين التصورات أن تكون هناك هيئة مستقلة لرقابة الفضاء الإعلامي بشتى اشكاله ،وقد نوهت في البداية على هذا التصور المتصل بتشكيل هيئة وطنية عليا مستقلة ينبغي ان يكون بها قضاة، ويمكن ان تعاقب أي وسيلة إعلام خارجية، بفرض جزاءات مثل إيقاف إذن المزاولة، منع التعامل معها ومقاطعتها، ويمكن لو كانت الإخلالات جسيمة تحويل القضية إلى لجنة العقوبات بمجلس الأمن »
وتابع الداهش : « الحقيقة كان يفترض أن يكون الإعلام هو مسار خامس في سياق حل المشكل الليبي، لا نقصد خمسة زائد خمسة إعلامية، ولكن مثلما هناك مسار سياسي، ومسار عسكري، وثالث اقتصادي، ورابع تأسيسي، كان يتعين أن يكون هناك مسار خامس إعلامي »
وفي ما يتعلق بالدور المنتظر من الإعلام الليبي في دعم المسار الانتخابي ، أشار الداهش الى إنه « في كل عملية انتخابية لابد ان تتوفر أربع شروط، الشرط الفني وتتولاه المفوضية العليا للانتخابات، والشرط القانوني وهو مسؤولية الجهاز التشريعي البرلمان، والشرط الأمني وهو الحكومة ومؤسستها الشرطية، ويبقى الشرط الرابع والأهم وهو القبول بنتائج الانتخابات.وهنا تأتي مسؤوليات الإعلام، في التعاطي مع العملية الانتخابية، بنزاهة، واحتراف، وحيادية تامة، وعدم الانزلاق في ارتكاب أي إخلالات مثل بث أخبار مزيفة، أو اجتزاء اخبار أخرى بغرض شيطنة طرف. وهنا لابد أن تكون هناك ورش عمل ينبثق منها ميثاق شرف للسلوك الصحفي في وقت الانتخابات وهذا ما ننتظره بالتعاون مع المفوضية، ومؤسسات المجتمع المدني، في غياب نقابة قوية ومطلبية للصحفيين»