افاد الدكتور عبد اللطيف الحناشي،استاذ التاريخ السياسي المعاصر والراهن بالجامعة التونسية ان آلاف الأفراد من مختلف الجنسيات (أكثر من 80 جنسية) شاركوا في القتال ضد النظام الحاكم في سوريا، بدعم سياسي ولوجستي وعسكري ومالي من دول غربية وعربية
واضاف في مداخلة ألقاها على هامش ملتقى الارهاب وحقوق الانسان الذي نظمه مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية ان ظاهرة الانتقال للجهاد في سوريا،التي انطلقت منذ أواسط سنة 2011، تبدو معقدة ومتداخلة في طبيعتها وأهدافها وفي الأطراف الداعمة و المورطة في تأجيجها وفي حجم الأجانب المقاتلين سواء منهم العرب الحاملين لجنسية الدول العربية او العرب الحاملين لجنسيات أجنبية أو غيرهم من الأقوام
وبحسب آراء زعيم دولة العراق والشام "داعش" فإنَّ الأجانب هم مسلمون بارزون يسيرون على طريق النبي، وذلك من خلال هجرتهم ومساهمتهم في إقامة الدولة الإسلامية.
ويتوق أغلب أنصار التيار السلفي الجهادي في العالم إلى حمل لقب “مهاجر” نظرا لوقع الهجرة في المخيال الإسلامي وهو ما يعني أنه بات من المجاهدين في سوريا أو العراق،وقد ينطبق الأمر أكثر على الذين يعيشون خارج" ارض الإسلام" ومنهم المهاجرون المغاربة في اوروبا

المقاتلون الأجانب:

من الصعب حسب الدكتور الحناشي تقدير الحجم الحقيقي للمقاتلين الأجانب في صفوف المنظمات التي تقاتل ضدّ النظام السوري فالمعطيات متضاربة ومتناقضة تقف وراءها،في الغالب، غايات وأهداف معينة على ان هناك شبه إجماع على أن ارض سوريا قد تحولت إلى اكبر فضاء لتجمع "الإرهابيين"، وهو ما أكده وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي وصف سوريا بأنها "مغناطيس الإرهاب"
و تبدو أرقام التقارير الأمريكية والأوروبية عن عدد المقاتلين الأجانب في سوريا متناقضة ففي الوقت الذي يشير البعض أن العدد يتراوح بين 12 ألف مقاتل أجنبي من 81 دولة مختلفة يذهب آخر إلى أن العدد يصل إلى 15 ألف أجنبي منذ اندلاع الأزمة بينما بيّن تقرير أمريكي ثالث أن عدد المقاتلين الأجانب الذين قاتلوا في سورية ضد الجيش العربي السوري منذ افريل 2011 وحتى 31-12-2013 قد بلغ 248 ألف مقاتل أجنبي قُتِلَ منهم: 58 ألفا وغادر منهم 82 ألفا وهناك 12 ألفا مفقودا ، بينما لا يزال 96 ألف مقاتل أجنبي يقاتلون مع «النصرة» و«داعش» وغيرها من الفصائل المسلحة في سورية بواقع 87 جنسية.
وبالتوازي مع ذلك ذكر منسق توافد المقاتلين الأجانب في تنظيم "داعش"، ان ما يزيد عن 700 مجاهد يدخلون إلى سوريا شهرياً للانتساب إلى "الدولة الإسلامية"، مشيراً إلى أن هؤلاء ينتمون إلى 57 جنسية من مختلف دول العالم كما أكد أحد قياديي "داعش" ان لدى التنظيم أكثر من 12 ألف "مجاهد"، من بينهم حوالي تسعة آلاف أجنبي .
ويتجاوز عدد عناصر تنظيم" الدولة الإسلامية" في سوريا 50 ألف عنصر، حسب مدير "المرصد السوري لحقوق الإنسان" بينهم أكثر من 20 ألفا من غير السوريين و من جنسيات مختلفة وخاصة من الشيشان والأوروبيين و العرب وآسيويون ومسلمون من الصين.

المهاجرون المغاربة:

وفيما يتعلق بالمهاجرين المغاربة ذكر الباحث في التاريخ السياسي ان اغلب مراكز الأبحاث المتخصصة قدرت المغاربة الموجودين في مختلف جبهات القتال في سوريا بحوالي 4000 شخص من مغاربة أوروبا ومغاربة الداخل، وقد بدأت أعدادهم تتزايد باطراد منذ مطلع سنة 2012 حيث التحق المغاربة في البداية بجبهة النصرة التي يقودها أبو محمد الجولاني، ثم بعد الإعلان عن تأسيس دولة الإسلام في العراق والشام بـ"داعش" في ابريل 2013 التحق عدد من أولئك المغاربة بالتنظيم المذكور
ووصل عدد الشباب الهولندي من أصول مسلمة (خاصة من المغرب وتركيا وتونس) الذين التحقوا بالجبهة السورية إلى أكثر من 150 شابا
وتؤكد الجهات الرسمية المغربية وجود مئات (ما بين 500 و800 شاب) من المغاربة الذين التحقوا بسوريا اما مدير المخابرات الخارجية المغربية فيشير الى ان 473 من المقاتلين المغاربة الحاملين لجنسيات أجنبية، التحقوا بداعش، بينهم 360 بلجيكيا، و52 فرنسيا.
ويبدو أن السلطات الأمنية الجزائرية غير قادرة على تحديد عدد الجزائريين في تنظيم داعش نظرا للغموض الموجود في التصنيف لديهم بين القاعدة وداعش ولكون خارطة الجزائريين الداعشيين لازالت مجهولة ،وإن كانت بعض الاحصائيات تشير الى ان عدد الجزائريين المنخرطين في القتال في سوريا يتراوح بين 800 و1000 جزائري بينهم عدد من الحاملين لجنسيات أوروبيية وفرنسية خاصة وبحسب وزير الداخلية الفرنسي يحارب 250 فرنسيا حاليا في سوريا جزء هام منهم من اصول مغاربية قتل منهم 21 نفر

وتؤكد بعض الدوائر شبه الرسمية البلجيكية الى ان ما يقارب 100 مواطن بلجيكي، معظمهم من أصول مغاربية ، يشاركون في القتال في سوريا.
ويشير تقرير المعهد الملكي الإسباني للدراسات الدولية والإستراتيجية «الكانو»،الى أن معظم الجهاديين الأسبان هم من أصول مغربية أو جزائرية أو باكستانية، وقد تلقوا تدريباتهم في إسبانيا أو في الجزائر أو البوسنة، والغالبية العظمى منهم انخرط في خلايا إرهابية منظمة .
كما أشار نفس التقرير إلى أنه من بين 17 عشر شخصا توجهوا مؤخرا إلى سوريا انطلاقا من التراب الإسباني، يوجد أحد عشر مهاجرا مغربيا وستة سبتاويين مسلمين وتشير دراسة علمية أن حوالي 5٪ فقط من الجهاديين الأسبان الذين توجهوا إلى أراضي القتال بسوريا والعراق ولدوا في إسبانيا، وان 13٪ منهم يحملون الجنسية الإسبانية، والبقية هم من اصيلي المغرب والجزائر أو البوسنة وباكستان.

اسباب ودوافع الانخراط في القتال في سوريا

ارجع الدكتور عبداللطيف الحناشي اسباب انخراط الشباب في القتال في سوريا الى اسباب دينية و ثقافية و نفسية و اجتماعية وهي حسب رايه عوامل عديدة متداخلة تقف وراء ظاهرة التطرف لدى المهاجرين وانتمائهم للتنظيمات السلفية التكفيرية
واوضح انه في بداية الحرب، ذهب عددٌ منهم لأغراض إنسانية ومع احتدام الحرب وتحوُّلها إلى حرب ذات بعد ديني و طائفي، تغير اتجاه هؤلاء او سبب التحاق هؤلاء اما نصرة لاخوانهم في العقيدة او للبحث عن هويتهم او تجسيدا لها .