أعلنت روما عن التحضير لمؤتمر في باليرمو بجزيرة صقلية في 12 و13 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، لبحث مستجدات الملف الليبي ومحاولة وضع حلول للأزمة الليبية، بعد اتفاقي الصخيرات في 2015 و باريس  2018 الذين انتهيا إلى اتفاقات بين الأطراف الليبية المتصارعة لم تر النور.

وأثار المؤتمر المزمع إقامته بباليرمو ردود فعل دولية متباينة بين مستبشر بنتائج أنجع من نظرائه وأخرى لا تراه إلا امتدادا لفشل دولي مستمر في إدارة الأزمة الليبية، إذ أعلنت الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية، فيدريكا موغيريني، أنها ستشارك شخصيًا باسم الاتحاد الأوروبي في أعمال مؤتمر صقلية يومي 12 و13 نوفمبر المقبل حول ليبيا.

وقالت المسؤولة الأوروبية الشهر الماضي، على هامش اجتماعات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لكسمبورغ، دعم الاتحاد الأوروبي خطة التحرك الإيطالية. وفي وقت سابق،أعلنت غالبية الدول الأوروبية ومنها فرنسا ومالطا وألمانيا الأكثر اهتمامًا بإدارة الأزمة الليبية والاتحاد الأفريقي أيضًا، دعمها المؤتمر. وأكدت جريدة "لاستامبا"، أنه ورغم الدعم الأوروبي الظاهري لمؤتمر باليرمو، فإن روما تواجه مشاكل "إدارية وتنسيقية" ولا يوجد أي محتوى سياسي للقاء.

في سياق آخر، يعتبر الملف الليبي إحدى أهمّ نقاط الخلاف بين الحكومتين الايطالية والفرنسية خصوصا المتعلقة بموعد الانتخابات الذي تم تحديده في مؤتمر باريس بداية العام الجاري لكن روما لم تكن من بين الدول المرحبة بذلك التوافق رغم ان حكومة ايطاليا نفت مرارا التشكيك في حتمية إجراء الانتخابات السياسية في ليبيا.

رغم هذا الخلاف المحوري حول المسألة الليبية إلا أنه صرح كونتي في مؤتمر صحفي من تونس بحسب آكي الإيطالية أنه تحصل على تأكيدات من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن فرنسا ستولي أكبر قدر من الاهتمام للمؤتمر؛ واصفا الدعم الفرنسي، بالأمر الأساسي بالنسبة لمؤتمر باليرمو.

ويشير المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل في تصريحات تلفزية أن "فرنسا ستعمل على إفشال مؤتمر "باليرمو"، كما أفشلت لها إيطاليا مؤتمر باريس، مشيراً إلى أن وتيرة الخلاف سترتفع خلال الجلسة الأولى للمؤتمر نظراً للاختلاف والتباعد الكبير بين الأطراف المتحاورة".

من جانب آخر، لا تخفي واشنطن ميلها لمعسكر روما في الصراع الدولي حول ليبيا حيث جمعت رئيس الوزراء الإيطالي و الرئيس الأمريكي عديد اللقاءات التي تم التطرق فيها للمسألة الليبية حتى أنه تحدث بعض المراقبين أن إيطاليا هي الذراع الأمريكي في المشهد الليبي بالمنطقة.

وكان وزير الخارجية الإيطالي، إنزو ميلانيزي، قد أعلن بشكل رسمي إلى وقوف الولايات المتحدة خلف المؤتمر، مؤكداً وجود تأييد شخصي من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، للمؤتمر.

ونقلت مجلة إنسايد أرابيا الأمريكية على لسان جاسون باك، رئيس مؤسسة ليبيا أناليسيس البحثية ومقرها لندن أن هناك مؤشرات أخرى على رغبة الولايات المتحدة في الضلوع بدور في ليبيا قائلا: "إيطاليا تخطط لاستضافة مؤتمر دولي حول ليبيا في صقلية هذا الشهر الأمر المشجع هو أن كلا من الولايات المتحدة وروسيا على استعداد للمشاركة في المؤتمر لمناقشة سبل لإحلال الاستقرار بليبيا". ورأى باك أنه ينبغي على إدارة ترامب إدراك أن الأمن القومي لبلاده فضلًا عن مصالحها الاقتصادية والنفطية تفرض جميعها مشاركة الولايات المتحدة في إعادة بناء مؤسسات الدولة الليبية.

وتوقع التقرير الأمريكي المطول أن يكون مؤتمر صقلية القادم محدداً للخطوط العريضة لمستقبل ليبيا وفك ألغاز الأزمة الليبية سواء من حيث وجود شخصيات بعينها في المشهد السياسي الليبي أو لإجراء انتخابات رئاسية تقود البلاد على المدى القصير.

وأنهت المجلة الأمريكية تقريرها بالقول إن هناك توقعات أو مؤشرات على عودة الدور الأمريكي لليبيا وبأنه ينتظر من روسيا والولايات المتحدة لعب دور أكبر وأنجع لإعادة الاستقرار إلى ليبيا.

في السياق نفسه أوضح ديفيد باك نائب سابق لمساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى أنه على واشنطن إدراك حاجتها إلى المشاركة في ليبيا دون أن تصبح اللاعب الأكبر في البلد وبأنه على جيران ليبيا أنفسهم محاولة إرساء الاستقرار في ليبيا.

في سياق متصل، تراهن إيطاليا على دور روسي لإنجاح المؤتمر المزمع عقده بشأن الأزمة الليبية في باليرمو في هذا الشهر. واستبق رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي المؤتمر بزيارة إلى موسكو، التقى خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأكد كونتي أن روسیا عامل أساسي في عملیة تثبیت الاستقرار في لیبیا مشددا على أنه تلقى دعما كاملا من الرئیس بوتین.

بالرغم من التطمينات الروسية بحضور المؤتمر إلا أنه أعلن الكرملين الأربعاء الماضي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لن يتمكن من حضور المؤتمر الخاص بليبيا في باليرمو. وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن الرئيس على الأرجح لن يستطيع تلبية الدعوة وزيارة باليرمو، لكن روسيا ستكون ممثلة هناك على مستوى لائق، بحسب موقع روسيا اليوم.

ويرى مراقبون أن عدم مشاركة بوتين في مؤتمر باليرمو يحمل رسالة مفادها عدم تحمسه للمؤتمر خاصة أنه يعلم جيدا أن الإيطاليين لن يحيدوا عن الرؤية الأمريكية في المنطقة.

أمميا،التقى المبعوث الأممي غسان سلامة ونائبته ستيفاني ويليامز مع رئيس الحكومة الإيطالية، جوزيبي كونتي بمقر الحكومة في العاصمة الإيطالية في الشهر الماضي. وبحسب موقع البعثة فإن سلامة و ويليامز التقيا أيضا مع وزير الخارجية الإيطالي إينزو ميلانيزي لمناقشة الخطوات التالية للعملية السياسة في ليبيا بالإضافة إلى مؤتمر باليرمو.

وتأتي الزيارات في إطار الترتيب لمؤتمر باليرمو، الذي قال عنه كونتي إنه يضع هدفا أساسيا يتمثل في إعادة التأكيد على الدعم القوي والمتضامن من طرف المجتمع الدولي للعملية السياسية، التي تقودها الأمم المتحدة.