بات الحديث عن تمدد تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا مثار بحث لدى الكثير من المراقبين والمهتمين بالشأن الليبي بسبب الانتشار غير الطبيعي لعناصر هذا التنظيم في هذا البلد الافريقي منذ أحداث فبراير 2011 مستغلا حالة الفوضى و الانحلال.

فهذا التنظيم الذي تتصف تحركاته بالسرعة والذي إستفاد من هشاشة الدولة الليبية الهشّة وغياب التوافق الوطني تمكن في وقت من الأوقات من السيطرة على عدد غير قليل من المدن الليبية بما فيها من مرافق حيوية وإدارات ومؤسسات من خلال شن هجمات اتسمت بالقسوة وإعدامات نُفذت بوحشية بحق عدد كبير من المدنيين والعسكريين على حد سواء. لكن إثر تحرير درنة من التنظيم المتطرّف على يد الجيش الليبي،تتواصل الحيرة حول مستقبل التنظيم على الأراضي الليبية.

الخارجية الأمريكية تتفاعل


لفتت وزارة الخارجية الأميركية في تقريرها السنوي لمكافحة الإرهاب، إلى عدم نجاعة الإجراءات الأمنية المتخذة من السلطات الليبية بسبب نقص الإمكانيات والتدريب. وأضافت الوزارة في تقريرها الذي يراجع التهديدات الإرهابية في العالم وردود المجتمع الدولي في عام 2017، أن الانقسام السياسي في ليبيا حال دون فعالية تطبيق القرارات الصادرة عن المجلس الرئاسي، وكذلك بعض التشريعات الصادرة عن مجلس النواب لمكافحة الارهاب.

وذكر التقرير أن العام 2017 لم يشهد أي محاكمة لعناصر متهمة بتنفيذ عمليات إرهابية في ليبيا، وأرجع غياب الأمن والتشظي السياسي في باقي أنحاء البلاد إلى استمرار وجود جيوب للتنظيمات الإرهابية بشكل عام وداعش بشكل خاص. وتطرق التقرير إلى انتصار القوات الليبية في سرت الأمر الذي خفف من قدرة داعش من القيام بعمليات خارجية انطلاقا من ليبيا وحصر عملياته بالداخل الليبي.

وأشار إلى قيام القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا أفريكوم بتنفيذ ضربات استهدفت تجمعات إرهابية في الصحراء ومناطق أخرى، وأيضا إلى وجود مشاركة أميركية في التحقيقات مع بعض العناصر التي تم القبض عليها، دون أن يعطي التقرير المزيد من التفاصيل. وقال التقرير إن حكومة الوفاق الوطني أثبتت نفسها كشريك موثوق في مكافحة الاٍرهاب وعملت بشكل فعال مع الولايات المتحدة في إطار السعي لمنع انتشار التنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة في البلاد.

وأضاف تقرير الخارجية الأميركية أن مطارات ليبيا تفتقر للأجهزة والبرامج اللازمة للتدقيق في هويات المسافرين والتفتيش، بالإضافة إلى محدودية إمكانيات القوات البحرية الليبية والأمن الحدودي في السيطرة على الحدود البرية والبحرية. وأشاد التقرير بمحاولات ليبيا لمواجهة غسيل الأموال وإصدارها القوانين الخاصة بهذا الصدد، وبتفاعل ليبيا مع دول الجوار من خلال المشاركة في كافة اللقاءات والاجتماعات التنسيقية لمكافحة الاٍرهاب.

استعداد للظهور


حذرت صحيفة "وول ستريت جورنال" في تقرير لها امس الثلاثاء من أن المليشيات الإرهابية والمتطرفة تستغل الفراغ الأمني لشن هجمات، بعد أن تبنت مسؤولية أكثر من 12 هجوما هذا العام، وتهدد بتعطيل تدفق النفط في الدولة أحد أهم الموردين في العالم. وأكد خبراء أمن أن تنظيم داعش بدأ ينشط، ويستعد للظهور مجددا في ليبيا في ظل حالة الفوضى التي تعاني منها الدولة المحورية في شمال أفريقيا، وتمثل أفضل عامل لضم عناصر جدد للتنظيم.

وقالت الصحيفة الأمريكية إن عودة ظهور تنظيم داعش الإرهابي تأتي بعد عامين من قيام القوات الليبية المدعومة بالقوة الجوية الأمريكية بإزاحة التنظيم الإرهابي من معقله في مدينة سرت الساحلية، معتبرة أنها تقوض أحد الانتصارات المؤكدة في الحملة العسكرية التي قادتها الولايات المتحدة ضده.

وأشارت إلى أن الهجوم الأخير وقع الأسبوع الماضي، عندما اقتحم مسلحون يرتدون سترات ناسفة ويحملون بنادق هجومية شركة النفط الحكومية الليبية، وهي واحدة من أهم المؤسسات في البلاد وتخضع لحراسة مشددة، حيث هزت الانفجارات المبنى وقتل موظفان في الهجوم.

و لفتت إلى أن القوات الأمريكية حافظت على وابل مستمر من الهجمات التي استهدفت مقاتلي داعش الإرهابي في البلاد، بما في ذلك غارة بطائرة بدون طيار في أواخر أغسطس ، أسفرت عن مقتل عضو جماعة في بني وليد، جنوب شرق العاصمة، طرابلس، حسب القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا   أفريكوم التي تشرف على العمليات في البلاد. وفي نفس الإطار، قال متحدث باسم أفريكوم، في تصريحات صحفية مؤخرا إن التنظيم لديه حاليا ما بين 400 و750 عنصرا في ليبيا.

تبني استهداف النفط


أعلن تنظيم داعش الارهابي مسؤوليته عن الهجوم الذي استهدف المؤسسة الوطنية للنفط بمنطقة الظهرة في العاصمة طرابلس، وذلك فى إطار ما أسماه استمراره في استهداف المصالح الاقتصادية ل"حكومات الطواغيت الموالية للصليبيين" في ليبيا

وأفاد التنظيم، في بيان له الأسبوع الماضي، أن ثلاثة  انغماسيين ممن وصفهم بجنود الخلافة هم من قاموا بالهجوم على المؤسسة الوطنية للنفط بمدينة طرابلس وهـي أهـم مفصل اقتصادي وصفه التنظيم بأنه يُثبت  "عروش الطواغيت"  وأجنادهـم ويمدهـم بأموال طائلة تستعمل في الحرب على من يسميهم بالمجاهدين ، مضيفًا بأن حقول النفط الداعمة لمن أسماهم لصليبيين ومشاريعهم في ليبيا هي هـدف مشروع للمجاهدين متوعداً بأن الأيام حبلى بما يسوؤهم  وذلك على حد زعمه.

ونقلا عن موقع  انتلجينس جروب انتربرايس العالمي والمتخصص فى متابعة الجماعات الإرهابية فى شمال أفريقيا،والذي نقل نص بيان التنظيم، فأن  المهاجمين "اشتبكوا مع حراسـها موقعيـن ما يزيد على 37 مرتدا بين قتيل وجريح، ثم أحرقوا مبنى المؤسسة وأتلفوا محتوياته، وارتقوا إثر ذلك شـهداء كما نحسبهم، ولله الحمد على توفيقه". واستنكر عضو مجلس النواب فتحي باشاغا، الهجوم   الإرهابي الذي استهدف المؤسسة الوطنية للنفط في العاصمة طرابلس.

وحمل باشاغا، في تصريحات صحافية، المجلس الرئاسي مسؤولية الفشل الأمني بالعاصمة باعتباره صاحب الشرعية المحلية والدولية، وفقا للاتفاق السياسي، مشيرًا إلى أن رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج لم يهتم بوضع الخطط الأمنية في أي برنامج بهدف بسط الأمن.