في 17 مارس 2011، تبنى مجلس الأمن قراراً دولياً بفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا، وخول الدول الأعضاء "اتخاذ ما يلزم من إجراءات لحماية المدنيين المعرضين لخطر الهجمات.. مع استثناء التدخل العسكري الأجنبي المباشر على الأرض الليبية".

وأصبح هذا القرار، الذي حمل الرقم 1973 وأيدته 10 دول وامتنعت 5 عن التصويت دون معارضة، أساساً لعمليات حلف الناتو في ليبيا، وتحديداً عمليات القصف الجوي التي نفذها الحلف.

وبدأت العمليات العسكرية في منتصف مارس/آذار بعملية حملت اسم "فجر أوديسا"، بمشاركة قوات غربية وعربية، حيث شنت السفن الحربية والغواصات الأمريكية والبريطانية عمليات قصف صاروخية على ليبيا.

وفي أواخر مارس/آذار، بدأ حلف شمال الأطلسي "الناتو" قيادة العمليات العسكرية ضد قوات الزعيم الليبي الراحل، معمر القذافي، فيما أعلن وزير الدفاع الأمريكي آنذاك، روبرت غيتس، أن العملية تغير اسمها إلى "الحامي الموحد"، بدلاً من "فجر أوديسا".

لا يزال تدخل حلف الناتو في ليبيا عام 2011 يثير جدلاً، حيث يشير مراقبون أن الطريقة التي نُفذت بها عمليات الناتو أوضحت على الفور أن الهدف الحقيقي للتدخل كان أوسع من حماية المدنيين، ألا وهو اسقاط نظام القذافي، حيث قصفت قوات التحالف بشكل مكثف أهدافا خارج مجال تفويض مجلس الأمن، مع نية واضحة لقتل الرئيس الليبي. لكن الائتلاف، بعد هذه العمليات، فشل في وضع خطة لاستعادة النظام العام في ليبيا.

أصبح اليوم الحال في ليبيا أكثر تعقيداً وخطورة؛ حيث طورت الميليشيات التي قاتلت ضد القذافي مصالح متباينة، ووجدت فوائد في ترسيخ سيطرتها على المدن والقرى وأدى ذلك إلى تفتيت السلطة، الأمر الذي أسهم بدوره في انتشار المنظمات الإجرامية.

اليوم و بعد مرور 8 سنوات عن صدور القرار و مع تعكّر الوضع الأمني في ليبيا منذ تلك اللحظة تتعالى الأصوات مرة أخرى لتدخل مجلس الأمن مرة أخرى.

حيث وجه رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي كريستوف هيوسغن عقب فشل المجلس في إصدار أي قرار بشأن التطورات في ليبيا واكتفائه بإصدار بيانات إعلامية غير رئاسية رغم كل محاولات بريطانيا بالخصوص واشتراط روسيا مطالبة كل الأطراف بوقف إطلاق النار بدل فرض ذلك على الجيش فقط.

وقال السراج في رسالته "بأنه حذر مراراً وتكراراً من تطور الأوضاع في ليبيا إلى وضع يصعب السيطرة عليه بسبب إصرار بعض الأطراف الليبية على البحث على مصالح شخصية، غاضة النظر عن مصالح شعبها".

ودعا السراج مجلس الأمن باسم حكومة الوفاق "إلى ضرورة الوقوف بجدية وحسم في مواجهة أي طرف من الأطراف التي قال بأن سلوكها يشكل خطراً على العملية السياسية السلمية وعلى حياة المدنيين وممتلكاتهم".

واعتبر بأن الاعتداءات الخطيرة التي تتعرض لها مدينة طرابلس ومدن أخرى حاليا، من قبل ما أسماها قوات خليفة حفتر أثبتت أن خليفة حفتر لم يكن شريكاً حقيقيا للسلام، وما كان لهذا الاعتداء أن يقع لولا التدخلات الأجنبية التي لم تترك بلادي تنعم بالاستقرار بسبب مصالحها الضيقة، وساهمت بشكل كبير في عرقلة عمل الدولة، وشلت قدرتها على السيطرة على الأوضاع، وضمان الحياة الآمنة الكريمة للمواطن.

وأضاف السراج مخاطباً ومعاتباً مجلس الأمن قائلاً : "منذ توليكم النظر في الملف الليبي عام 2011 وبعد انتهاء العمليات العسكرية في ذلك الوقت، تركت ليبيا في حالة من الفوضى لأصحاب الأجندات الخارجية والإرهابيين والعصابات الإجرامية، وبالرغم من أن المسالة الليبية لا زالت قيد النظر أمام مجلسكم، إلا أنكم وواقع الحال يقول ذلك، فالمجلس للأسف لم يتوافق حتى الآن على بيان يُعبر على وجهة نظر موحدة للجهاز الأممي المسؤول عن الأمن والسلم الدولي، من الاعتداء العسكري الحالي".

كما دعا السراج مجلس الأمن إلى ضرورة الإسراع في اتخاذ إجراءات تكفل وقف ما أسماه الاعتداء وعودة قوات خليفة حفتر فوراً من حيث جاءت، وعدم التساهل مع الذين يلجؤون إلى استعمال القوة كوسيلة للوصول إلى أهدافهم السلطوية، متناسين أن هناك شعب هو من يقرر من يقوده عبر تنظيم انتخابات حرة ونزيهة.

في نفس السياق، طالب وزير الخارجية المفوض في حكومة الوفاق محمد الطاهر سيالة، الثلاثاء، مجلس الأمن والمجتمع الدولي بسرعة التدخل واتخاذ التدابير الفورية لإيقاف اشتباكات طرابلس.

وقال سيالة في بيان وجهه إلى رئيس مجلس الأمن الدولي كريستوف هيوسغن، إن الاشتباكات في طرابلس سيترتب عليها آثار سلبية وزيادة مآسي المدنيين وتدمير البنية التحتية وعرقلة الحل السلمي للأزمة.

وأضاف سيالة أن هذه الاشتباكات تأتي في وقت تسعى فيه الأمم المتحدة وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي إلى إنها الصراع في البلاد، عبر جهود مبعوثيها الخاصين، ووسط التمسك بالمسار السياسي الذي رسمته الأمم المتحدة ودعمه المجتمع الدولي.

وطالب سيالة من مجلس الأمن والمجتمع الدولي بردع من يقف وراء الاشتباكات وفرض العودة للمسار السلمي لحل الأزمة الليبية.

يرى مراقبون أنه من استجار بمجلس الأمن هم نفس أبناء منظومة قرار 1973 الذي لم يخلف إلا الدمار و الفوضى و فشل الدولة و أن هذه الإستعانة بالمؤسسات الدولية لا تعني إلا عجز من طالب بها على المساهمة في إرساء مسار المصالحة الشاملة.