تتواصل إجراءات تنفيذ خطة الترتيبات الأمنية، التي انطلقت حكومة الوفاق في تطبيقها منذ الشهر الماضي، وتهدف إلى تسلّم المواقع السيادية والمنشآت الحيوية من الميليشيات المسلّحة، وإسناد مهام تأمينها إلى قوات الشرطة والقوى العسكرية النظامية فقط، في خطوة تهدف إلى وضع حد للصراعات بين الجماعات المسلحة.

لكن هذه الإجراءات مازالت تصطدم بالتحركات الميليشياوية التي بدأت تتخذ شكلا جديدا من القتل عبر الاستهداف الفردي لقيادات وعناصر أمنية.


** إجراء جديد

وفي إطار مساعيه لتأكيد سيطرته على العاصمة الليبية، أصدر رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج، تعليمات بإخلاء معسكرين تابعين لقوات الجيش في العاصمة طرابلس، ونقل تبعيتهما إلى جهات مدنية تابعة لحكومته التي تحظى بدعم من الأمم المتحدة.

وقال السراج الذي زار معسكر الجيش في طريق السواني بطرابلس، برفقة مسؤولين عسكريين وحكوميين، إنه أمر بإخلاء المعسكر خلال 72 ساعة وتسليمه والمقار العسكرية المقامة داخله لصندوق الإنماء، وانتقال الشرطة العسكرية إلى معسكر آخر.

وأوضح السراج أنه "يجب الاستفادة من المساحة الشاسعة للمعسكر وإقامة مرافق مدنية يستفيد منها المواطنون في مجالات حيوية مثل الصحة والتعليم وغيرها". 

وأمر لدى زيارته إلى معسكر النقلية في طريق مطار طرابلس الدولي بإخلاء المعسكر وتسليمه إلى صندوق الإنماء، معتبراً أن هذه الإجراءات تنطبق على المعسكرات كافة في طرابلس، وسيعاد تمركز القوات التي تشغلها في مواقع أخرى "ليتولى صندوق الإنماء الاقتصادي والاجتماعي استثمارها بما يفيد ويخدم المواطنين". 

وتأتي هذه الخطوة في إطار الترتيبات الأمنية التي بدأت وزارة الداخلية تنفيذها برعاية الأمم المتحدة والتي تستهدف إخراج الميليشيات المسلحة من العاصمة واستبدالها بقوات نظامية.وسبق ن أصدرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا،في أغسطس الماضي بيانا شديد اللهجة حذرت فيه عناصر الميليشيات في طرابلس من استمرار تدخلهم في عمل المؤسسات الوطنية السيادية، مطالبة حكومة الوفاق الوطني بضرورة اتخاذ إجراءات صارمة حيالهم.


** تحسن أمني

وكان المبعوث الأممي غسان سلامة أبلغ ممثلين عن مدينة ترهونة لدى زيارته لها، أول من أمس، "لبحث الترتيبات الأمنية الجديدة في طرابلس وخطة الأمم المتحدة، بما فيها الملتقى الوطني والانتخابات"،بتحسن الوضع في العاصمة طرابلس منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في سبتمبر الماضي.

وقال سلامة متحدثا إلى ممثلي ترهونة "منذ اتفاق وقف إطلاق النار، تحسن الوضع في طرابلس وانسحبت مجموعات مسلحة من بعض الأماكن، وتم الشروع بتطبيق الترتيبات الأمنية وتنفيذ إصلاحات اقتصادية وإجراء تعديل وزاري" .وأضاف "صحيح الأمور لا تحدث في ليلة وضحاها إلا أننا نرى تغييرات فعلية.

وشهدت أطراف العاصمة طرابلس نهاية أغسطس وحتى نهاية سبتمبر الماضي، اشتباكات دامية بين قوات تابعة لحكومة الوفاق واللواء السابع المنحدر من مدينة ترهونة.وتسببت الاشتباكات في مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة نحو 500 بجروح متفاوتة معظمهم من المدنيين.

ونجحت وساطة قادتها الأمم المتحدة في التوصل الى اتفاق بين الأطراف المتنازعة لوقف إطلاق النار على ان تنسحب المجموعات المسلحة من المقار الحكومية في العاصمة وتكليف قوات نظامية بمهمة حمايتها.


** إغتيالات

ويأتي إجراء السراج ،في وقت عاد فيه شبح الاغتيالات إلى العاصمة الليبية طرابلس، حيث استهدف في هذه المرة مدير أمن طرابلس السابق العميد صلاح السموعي،الذي تعرض، الاحد، لإطلاق نار قرب منزله جنوبي طرابلس من مجهولين نتج عنه أصابته، ونقله إلى المستشفي لتلقي العلاج.

وأكدت وسائل إعلامية أن السموعي،أصيب بجروح بليغة،فيما قالت وزارة الداخلية عبر مكتبها الاعلامي بأن التحقيقات جارية حول الواقعة وانها كلفت الأجهزة الأمنية المختصة لمتابعة القضية وجمع المعلومات لضبط الجناة وتقديمهم للعدالة.

وأقيل السموعي من منصبه منذ أسبوعين عقب قرار أصدره وزير داخلية الوفاق فتحي علي باشا آغا، ضمن جملة قرارات بتكليف مدراء إدارات ومديريات أمن ومنافذ بالوزارة.يذكر أن صلاح الدين السموعي عُين منذ سنة 2014 في مهام مدير أمن طرابلس عقب مقتل سلفه العميد محمد سويسي من قبل جهة مجهولة.

وتأتي محاولة الإغتيال هذه بعد يام قليلة من إغتيال أحد أفراد وحدة الأمن الرياضي، التابعة للشؤون الأمنية بمديرية أمن طرابلس.وبحسب مديرية امن طرابلس،فقد تم العثور على جثة محمد عبدالسلام بلعيد التركي وهو أحد أفراد وحدة الأمن الرياضي،بمنطقة السواني وتظهر عليها آثار طلق ناري،وأشارت المديرية أنها لا تعلم سبب مقتل.

من جهتها،أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني،الأربعاء،أنها "كلفت الأجهزة الأمنية المختصة التابعة لها ملاحقتهم ومتابعة التحقيق وجمع الاستدلالات لملاحقة الجناة، وأنها ستنفذ كافة الإجراءات بخصوص التشكيل الإجرامي الذي قام بهذه الجريمة الشنعاء".

ويخشى المراقبون من تصاعد مسلسل الإغتيالات وهو ما قد يعيد الأوضاع إلى نقطة الصفر،وكان الاتحاد الأوروبي، وصف عمليات الاستهداف التي يتعرض لها المدنيون في طرابلس بأنها انتهاك للقانون الدولي الإنساني، ودعت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا جميع الأطراف الفاعلة لاحترام وقف إطلاق النار المتفق عليه، وتنفيذ جميع التدابير الأمنية اللازمة لصالح الشعب الليبي.