تعاني ليبيا منذ العام 2011، من أزمة سياسية حادة تغذيها الخلافات الداخلية بين الاطراف التي تتنازع السلطة،حيث تقف العوائق السياسية في طريق المصالحة وإنقاذ البلاد من الانهيار.ورغم محاولات الوصول إلى تسوية سياسية،فإن سوء الأوضاع الأمنية مازال يلقي بظلال من الخوف على البلاد.

ولا تزال الجماعات المسلحة تحاول استغلال الفراغ الأمني في عدد من المناطق الليبية، لتبدأ في إشعال حرب النفط مجددا،حيث تأبى الجماعات المسلحة أن تفرط في منطقة الهلال النفطي،في ظل تردد أنباء عن هجوم جديد محتمل على المنطقة الاستراتيجية، في محاولة للسيطرة عليها،ما يهدد بإستنزاف ثروات البلاد من جديد.

الجيش الليبي يستنفر

إلى ذلك،رصدت قوات الجيش الوطني الليبي تحركات لميليشيات مسلحة بالقرب من منطقة الهلال النفطي،وأكد المكتب الإعلامي المنطقة الوسطي التابع للجيش الليبي، أنه تم رصد مرور أرتال تابعة للجماعات الإرهابية التابعة لقائد جهاز حرس المنشآت النفطية السابق إبراهيم الجضران، وبقايا سرايا الدفاع عن بنغازي القريبة من تنظيم القاعدة على بعد 80 كيلومتراً شمال الجفرة.

وتقع بلدية الجفرة وسط ليبيا على بعد 650 كيلومتراً جنوب شرقي العاصمة طرابلس، وتضم خمس بلدات صغيرة (سوكنة - زلة - الفقهاء - ودان - هون)، وتضم قاعدة الجفرة الجوية، ثالث أكبر قاعدة في البلاد.

وأوضح المكتب في بيان له، أنه تم رصد أربع مجموعات من الميليشيات والعناصر الإرهابية تجهز نفسها وتنتقل على دفعات في أوقات مختلفة إلى مناطق متفرقة في ضواحي مدينة سرت ومناطق أخرى عدة.

وطبقاً لتقارير عسكرية، فإن ميليشيات تابعة لإبراهيم الجضران مدعومة بميليشيات متطرفة، تحتشد بالقرب من منطقة الهلال النفطي؛ استعداداً على ما يبدو لهجوم جديد يعيد إلى الذاكرة الهجوم الذي شنته هذه الميليشيات في وقت سابق من العام الحالي في المنطقة.

وقال مدير مكتب الإعلام والتوثيق في منطقة الخليج العسكرية التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، حسن بن طاهر، إن "معلومات استخبارية أكدت وجود تحشيدات للمتشددين جنوب الهلال النفطي، والتوقعات تشير إلى أنهم قد يشنون هجومًا في أي لحظة".وأضاف بن طاهر لـ"إرم نيوز"، أن "آمر منطقة الخليج العسكرية العميد فوزي المنصوري، أعلن السبت، حالة النفير العام ودرجة الاستعداد القصوى بمنطقة الخليج، وإبقاء القوات في حالة استعداد تام".

ونقلت "العين الإخبارية"،عن مصدر عسكري ليبي ومسؤول محلي إن الإرهابي إبراهيم الجضران، المدعوم من قطر، يحضر لهجوم جديد على منشآت نفطية في منطقة الهلال النفطي.وأكد المصدر العسكري في غرفة عمليات المنطقة الشرقية والوسطى، أن طائرات الاستطلاع التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية تقوم بمسح شامل منذ ساعات الصباح الأولى للمنطقة المحيطة بالهلال النفطي، بعد معلومات عن التحضير للهجوم.

من جانبه، قال مصدر محلي ليبي إن عشرات السيارات المحملة بالمسلحين الأفارقة تتحرك في مدن الجنوب الليبي في مناطق بالقرب من مدينتي غات والجفرة.ورجح المصدر،تبعية تلك العناصر للجضران، مشيرا إلى أن الجماعات الإرهابية تخطط للوصول إلى منطقة الهلال النفطي.بحسب "العين الإخبارية".

وكان اللواء ناجي المغربي، آمر حرس المنشآت الشرقية والوسطى، قد أكد في وقت سابق، أن قواته على أهبة الاستعداد للتعامل مع أي هجوم إرهابي والتصدي للجماعات المتطرفة التي تحاول إثارة زعزعة الاستقرار في منطقة الهلال النفطي، علماً بأن المشير حفتر، قائد الجيش، قد طلب من قواته في المنطقة، قبل أيام قليلة فقط، الإبقاء على حالة التأهب القصوى ودحر كل من تسول له نفسه المساس بقوت الليبيين وأمنهم وسلامتهم.

وشنّت مليشيا إرهابية تابعة للخضران هجوما على الهلال النفطي في 14 يونيو/حزيران الماضي،قبل أن ينجح الجيش الوطني الليبي في إحتواء الهجوم خلال أسبوع، وطارد فلول الجضران التي فرت للجنوب.وتضم منطقة الهلال النفطي (500 كيلومتر) شرق العاصمة وتتوسط المسافة بين بنغازي وطرابلس، وتحوي المخزون الأكبر من النفط، إضافة إلى وجود ثلاثة أكبر مرافئ لشحن النفط في ليبيا.

هجمات

وشهدت ليبيا خلال الأيام الماضية هجمات متفرقة،حيث تعرض حقل الآبار بمنطقة السرير، الواقع بين مدينتي سرت وبنغازي، لهجوم من قبل مجموعة إرهابية، صباح الاثنين 13 أغسطس 2018 ، تم خلاله سرقة سيارات ومؤن من الموقع، وفق ما أفاد جهاز النهر الصناعي، الذي يدير شبكة المياه في ليبيا.

وهو ثالث هجوم يستهدف النهر الصناعي الليبي في أقل من شهر، الذي شهد كذلك عملية اختطاف لأربعة مهندسين أجانب عاملين فيه، من قبل مجموعة مسلحة، بينهم 3 مواطنين فليبينيين وواحد من كوريا الجنوبية.ولتفادي استمرار الاعتداءات، طالب جهاز النهر الصناعي، الجهات الأمنية والمختصة بالدولة بتحمل مسؤولياتها لتأمين المشروع من "الهجمات الإرهابية والسرقة والنهب التي أثرت وتؤثر سلباً على إنتاج وتوزيع المياه على المدن والمناطق بمنظومة الحساونة سهل الجفارة.

وفي أعقاب ذلك،أعلنت شركة "مليتة للنفط والغاز"،الخميس 16 أغسطس 2018، وقوع انفجار بخط أنابيب نفط بري يربط بين مجمع مليتة وحقل الوفاء جنوب غرب مدينة طرابلس، بعد تعرضه لعمل تخريبي دون تسجيل خسائر.وقالت الشركة في بيان على فيسبوك إن المحطة رقم 15 الواقعة على امتداد الخط البري الرابط بين مجمع مليتة وحقل الوفاء، تعرّضت لـ "عمل تخريبي"، نتج عنه اشتعال النيران وانفجار مقذوف وُضع بالمحطة.

وأضافت الشركة أن "فرق الطوارئ ومكافحة الحرائق بالمجمع، تمكنت من إخماد الحريق والسيطرة عليه، والعثور على مقذوفات أخرى لم تنفجر"، مشيرة إلى أن "المحطة لم تصب بأي أضرار، ومازالت في الخدمة".ولم يتضح سبب الانفجار، لكن يرجح أنه عمل إرهابي، حيث سبق أن استهدفت الجماعات الإرهابية خطوط أنابيب النفط والغاز في ليبيا بالتفجير.

ووقع انفجار في الخط الذي يربط بين حقول شركة الواحة النفطية وميناء السدرة بمنطقة الهلال النفطي، نهاية العام الماضي، ما تسبّب في خسائر كبيرة، بعد خفض إنتاج البلاد من الخام بما يصل إلى 100 ألف برميل يوميا.

تقرير مخيف

يأتي ذلك،وسط تحذيرات متواصلة من إستمرار الخطر الإرهابي على الأراضي الليبية،حيث قال تقرير خبراء بالأمم المتحدة،الأسبوع الماضي، إن أعداد مقاتلي داعش الارهابي المتبقين في ليبيا يتراوح بين ثلاثة وأربعة آلاف مقاتل موزعين في أنحاء متفرقة من البلاد.

وذكر تقرير الخبراء الذي وزع على الدول الأعضاء بالمنظمة، إن داعش الإرهابي لا يزال يملك القدرة على شن هجمات خطيرة داخل ليبيا وعبر الحدود، رغم خسارة معقله الرئيس في مدينة سرت إضافة إلى الضربات الجوية التي استهدفت مواقعه.

وتحدث التقرير عن تنظيم "القاعدة". وأشار إلى أن مساعي التنظيم الى العودة إلى ليبيا مستمرة مرجعا ذلك إلى زيادة قدرة التنظيم على استخدام تكتيكات قتالية غير متماثلة، وإلى استخدام أجهزة متفجرة وعبوات ناسفة، وفق ما نقلته جريدة "التايمز" الأمريكية.

ويركز تقرير مجموعة الخبراء على تقييم أعداد عناصر "داعش" الارهابي المتبقين في الدول التي أعلن وجوده فيها، وتقييم قدرته على البقاء، وذلك بعد الخسائر التي تكبدها في سوريا والعراق وليبيا.

وإستطاعت التنظيمات الارهابية التوغل في المشهد الليبي طيلة السنوات الماضية مستغلة في ذلك تردي الوضع الأمني والفوضى المتفشية وإنتشار الأسلحة التي كرسها الانقسام الحاصل بين مختلف الأطراف الليبية والذي جعل البلاد مرتعا خصبا لنمو هذه الجماعات ومركز استقطاب للعناصر الارهابية من كل حدب وصوب.

لكن مخططات هذه التنظيمات تعرضت لانتكاسات كبيرة بعد فقدانها لابرز معاقلها في ليبيا،خاصة تنظيمي "داعش" و"القاعدة" الذين تعرضا لهزائم كبيرة،ورغم ذلك فإن خطرهما مازال قائما في ظل إستمرار قدرتهما على التواجد في هذا البلد الذي يعاني من أزمات سياسية وإقتصادية وواقع يتميز بالفوضوية وغياب تام لمفهوم الدولة.