اختتم مؤتمر دول جوار ليبيا الذي افتتحه السيد المنصف المرزوقي رئيس تونس المؤقت في منطقة الحمامات القريبة من العاصمة التونسية بحضور وزراء خارجية الجزائر والسودان وتونس وتشاد والنيجر ومصر او من ينوب عنهم، وقد تغيب عن الاجتماع السيد محمد عبد العزيز وزير خارجية ليبيا بسبب حالة الفوضى والصدمات الدموية التي ادت الى اغلاق مطار طرابلس.

المؤتمرون قرروا تشكيل لجنتين واحدة امنية برئاسة الجزائر، واخرى سياسية برئاسة مصر، واكد البيان الختامي ان الحوار هو الطريق الاقصر لحل الازمة في ليبيا بين جميع الاطراف المتقاتلة.

المتحاربون على الارض الليبية تجاوبوا فورا مع هذه الدعوة بتصعيد حدة المواجهات الدموية في كل من طرابلس وبنغازي ومدن اخرى بلغت حصيلة القتلى اكثر من 20 شخصا والرقم في تصاعد.

مدينة بنغازي التي انطلقت منها “الثورة” الليبية شهدت صدامات دموية بين قوات تابعة “للغرفة الامنية” المكونة من وحدات امنية وعسكرية، والمدعومة من اللواء خليفة حفتر من جهة وقوات مجلس شورى ثوار بنغازي التي سيطرت على المستشفى العام، ومعظم عناصرها من اسلاميين متشددين ينتمون الى تنظيم “انصار الشريعة” الذي يتبنى فكرا اقرب الى فكر تنظيم “القاعدة”.

اما في مدينة بنغازي فشهدت صدامات اكثر دموية بين “قوات درع ليبيا التابعة لاسلاميين متشددين من ناحية وميليشيات “القعقاع″ و”الصواعق” التابعة للجيش الليبي والمدعومة من ميليشيات “الزنتان” في جبل نفوسة والتي تسيطر على مطار طرابلس الدولي مما ادى الى سقوط عشرة قتلى واصابة ثلاثين آخرين وتعطل الملاحة الجوية في المطار.

اجتماع دول جوار ليبيا يظل ناقصا وغير مكتمل النصاب لانه لا يضم الدول التي تلعب دورا رئيسيا في الصراع في ليبيا من حيث دعم المليشيات المسلحة، ومن بينها قطر التي تدعم الاسلاميين والامارات التي تدعم كتائب الزنتان، ولذلك فمن غير المتوقع ان يحقق هذا الاجتماع اي نتائج حقيقية وسيظل يدور في دائرة مفرغة.

السلطات المصرية تقف في الخندق الآخر المواجهة للجماعات الاسلامية، وحركة الاخوان المسلمين في ليبيا بقيادة السيد علي الصلابي عضو قيادة هيئة علماء المسلمين بزعامة الشيخ يوسف القرضاوي، وهناك مؤشرات كثيرة ان هذه السلطات تقف خلف التحرك الذي يقوده اللواء حفتر، وقد نفى السيد الصلابي الاثني وقوفه خلف قوات درع ليبيا التي حاولت الاستيلاء على مطار طرابلس.

السيد محمد بدر الدين زايد مساعد وزير الخارجية المصري لشؤون دول الجوار الذي حضر اجتماع الحمامات قال “ان هناك مصالح مشتركة ضخمة بين مصر وليبيا منها الروابط القبلية والاسرية وكذلك الحدود المشتركة وهناك دور “محوري” لمصر في مساعدة ليبيا حيث توجد معاناة ضخمة نتيجة تواجد العناصر المتشددة التي تحمل السلاح وكذلك انتشار السلاح غير الشرعي.

كلام المسؤول المصري واضح جدا ويعكس استعداد السلطات المصرية للعب “دور ما” في ليبيا لمواجهة “الجماعات المتشددة” خشية خطرها المتمثل في دعم نظيراتها في مصر، وخاصة الجناح المتطرف داخل حركة الاخوان المسلمين التي جرمتها هذه السلطات واتهمتها بالارهاب، ففي ليبيا اكثر من 50 مليون قطعة سلاح.

لا يوجد “ثورة” في ليبيا وانما حالة من الفوضى الدموية بسبب التدخلات الخارجية، ليبيا لم تعد دولة، وانما ميليشيا متناحرة على مناطق النفوذ، وما تدخل قوات امريكية لخطف متهمين باقتحام قنصليتها في بغازي احمد ابو ختالة وقبلها خطف ابو انس الليبي المتهم بالوقوف خلف تفجير السفارتين الامريكيتين في نيروبي ودار السلام الا احد الامثلة في هذا الصدد.

لا نرى ضوءا في نهاية النفق الليبي بل المزيد من الصدامات والصراعات والضحايا من الشعب الليبي الذي تعرض الى اكبر خديعة في تاريخه عندما صدق ان حلف الناتو وحلفاءه العرب سيحققون مطالبه في الحرية والديمقراطية والامن والاستقرار، فمن المفارقة ان الدول الغربية التي تدخلت بطائراتها في اطار حلف الناتو لمساعدته للوصول الى هذه الاهداف ادارت ظهرها لليبيا كليا، بل واصبحت اول من ينتهك سيادتها بخطف مواطنيها في وضح النهار بتهم متعددة وتقديمهم الى محاكم امريكية.

*رأي اليوم