لقد ربط التاريخ كما الجغرافيا والدم كما العقيدة بين الجزائر وليبيا عبر القرون فكانت ليبيا العمق الأمني والاستراتيجي للجزائر وكانت الكتلة السكانية تنزاح من هنا إلى هناك عبر الصحراء بكل سهولة وليونة ولم تخن عبقرية المكان طبيعتها فمنحت الجزائريين الإحساس الاستراتيجي بالمسئولية والأمانة التاريخية على عمقهم في ليبيا.. ولمدة طويلة كانت الطرق الصوفية الجزائرية تمتد بنفوذها وحيويتها في ليبيا شرقا وغربا وجنوبا وعلى رأسها الحركة السنوسية انتهاء بآخر ملوك ليبيا المرحوم ادريس السنوسي الذي قال قولته الشهيرة: سنكون رابحين إن خسرنا ليبيا وكسبنا الجزائر.. وتشهد سنوات الثورة الجزائرية المجيدة على عميق الإسناد الشعبي والرسمي الليبي المعبر عن أصالة العلاقات بين البلدين.

ليبيا الآن تتعرض لحالة غير صحية من التنازع الذي لا يخلو من استخدام العنف والتطرفولعل هذه الحالة بعثرت السلاح على الإقليم وفي البلد بدرجات متفاوتة.. ويعيش الليبيوناياما قاسية من التشظي السياسي بعد ان اصبح السلاح احد ادوات التفاهم او لعله احياناالأبرز.. ويزيد الأمر سوءا التدخلات الأجنبية، حيث تسيل لعاب اللصوص الكبار على بترولليبيا وخيراتها كما يريد ايضا دهاقنة الأمن والسياسة الأجانب تحويل ليبيا إلى مفرخةلعصابات القتل والارهاب والاحتراب.

من هنا تشرئب الأعناق إلى الجزائر الشقيق الذي يمتلك حضورا معنويا وروحيا مميزا فيليبيا لا يمتلكه احد، ذلك لأن الجزائر تؤمن بأنه لا يجوز بأي حال من الأحوال التدخل فيالشئون الداخلية لأي بلد وانه لا يجوز تبني أجندة معينة في اي دولة وتؤمن بضرورةالتعامل على نفس المسافة مع جميع الفرقاء، وتؤمن الجزائر ان عدم التدخل لا يعني عدمالمبالاة.. لأنه لا يمكن تخيل أمن واستقرار جزائري بدون أمن واستقرار ليبي، ومن هناتتجدد المهمة التاريخية والدور الاستتراتيجي للجزائر في الإقليم بأن يكون للجزائر مبادرتهاسرية كانت او علنية لجمع الإخوة المتنازعين في حلقة واحدة تبعثهم الإرادة الشعبية فيانجاز توافق من خلال ترجمة واضحة في مؤسسات ودستور.. ومن هنا جاءت تصريحاتصناع الموقف الجزائري بأن الجزائر على أتم الاستعداد لاحتضان مؤتمر يجمع الإخوةالليبيين للحوار والنقاش وأن هذا سيجد كل الدعم من الجزائر.

اجل انه ثقب في جدار اليأس والإحباط على كل المعنيين في البلدين الشقيقين تعزيزه وعلىالاعلاميين والمثقفين الترويج له لجعله قناعة شعبية ومبدأ سياسيا وقدوة في غاية الأهمية..من هنا نكون على خطوة من التفاؤل وازاحة الغمة عن صدورنا..

فمن سوى الجزائر لليبيا.. انه حق الإخوة والجيرة والدم والعقيدة.. والجزائر وليس سواهامن يفهم مبدأ حق تقرير المصير وعدم التدخل في الشئون الداخلية.

 

الشروق الجزائرية