بفعل الفوضى والاضطرابات التي عانتها ليبيا على مدى السنوات الماضية، تمكنت التنظيمات الارهابية من وضع موطئ قدم لها في ليبيا، والتوغل في عديد المناطق.ومثلت مدينة درنة شرق البلاد،مركزا لتجمع عناصر تنظيم "القاعدة" والجماعات الإرهابية المرتبطة به على غرار مجلس شورى درنة.

وشهدت المدينة منذ مايو/أيار 2018،معركة عسكرية،تتالت فيها إنتصارات الجيش الوطني الليبي،وإنتهت بإعلان التحرير في 28 يونيو/حزيران.ورغم ذلك فقد تواصلت العمليات العسكرية في المدينة للقضاء على الجيوب المتبقية للمجموعات الإرهابية المتحصنة داخل الأزقة والمنازل وملاحقة القيادات الارهابية البارزة التي باتت تتساقط بسرعة مع تضييق الخناق عليها.

إلى ذلك،أكدت تقارير اعلامية إن القوات المسلحة قبضت على الإرهابي المطلوب دوليًا حافظ مفتاح الضبع، في العملية العسكرية لتحرير المدينة القديمة في درنة، التي انتهت الثلاثاء.ونقل موقع "ارم نيوز"،عن المسؤول العسكري في مجموعة عمر المختار عبدالكريم صبرة،قوله إن الجيش ألقى القبض على الضبع بعد إصابته بجروح خطيرة، مع إرهابيين آخرين.

وينحدر الضبع من مدينة درنة،وهو أحد مؤسسي مجلس شورى درنة وأحد أبرز القيادات الإرهابية.وهو المطلوب الرئيسي في عملية قتل ضباط تونسيين في جبل الشعانبي عام 2014، وحكمت عليه محكمة تونسية بالسجن 25 عامًا، إلا انه تم ابتزاز الحكومة التونسية فيما بعد، عن طريق خطف دبلوماسيين في طرابلس ليبيا، ومبادلتهم بالضبع وإرهابيين آخرين.

وقالت مصادر إعلامية،بأن الضبع سلم نفسه طوعاً للقوات المسلحة بعد محاصرته مع مجموعة من المقاتلين والقيادات الميدانية فى منزل كان يعتبر بمثابة آخر جيوب المدينة القديمة وسط درنة.وأكد المتحدث باسم القوات الخاصة ميلود الزوي أن 55 عنصر يتبعون الجماعات المتطرفة في درنة قاموا بتسليم أنفسهم للجيش بعد استهداف القوات المسلحة لمواقعهم في المدينة القديمة.

وبالتوازي مع ذلك،عثر الجيش الليبية على جثث كل من المتحدث الأخير باسم مجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها، محمد الطاهر المنصوري، الشهير بـ "ديسكا"،والقيادي الميداني البارز في التنظيم محمد إمراجع دنقو، أبو المنذروالشهير بـ "محمد دنقو"،والذين قتلا في مواجهات عسكرية سابقة بحسب ما أكدت وسائل اعلام محلية.

يشار إلى ان الجيش الوطني الليبي أعلن في الـ 5 يونيو 2018 مقتل دنقو مسؤول عمليات "شورى إرهابيي درنة" المكني بـ "أبو منذر" أثناء تلقيه العلاج الطبيعى فى أحد مستشفيات مدينة درنة المستشفى القديم.وكان إرهابيي درنة قد نعوا عبر "وكالة درنة زووم" الموالية لهم على تليجرام مقتل آخر خمسة من قياداتهم، من بينهم المتحدث باسم مجلس شورى إرهابيي درنة محمد المنصوري "الديسكا".

كما تمكنت القوات المسلحة الليبية، من القضاء على أبرز القيادات العسكرية لدي الجماعات الإرهابية عبدالعزيز الجيباني الشهير بـ"زيزو" والمعروف "45" خلال المواجهات في محاور وسط المدينة بالمدينة القديمة "الأزقة الأربعة" في درنة.والتحق الجيباني المولود في مدينة درنة عام 1978، بكتيبة بوسليم عند تأسيسها في مدينة درنة عام 2011، وأصبح من أهم القيادات فيها، ويعتبر مسؤولًا عن ملاحقة الشباب المؤيد للجيش الليبي في مدينة درنة، والقبض عليهم.

ومطلع الشهر الجاري،تمكن الجيش الليبي من القضاء على أحد أبرز القيادات الإرهابية "جابر المسماري"، في محاور وسط المدينة القديمة بدرنة.وكان المسماري، مسؤولاً أمنياً في "مجلس شورى مجاهدي درنة" عند تأسيسه في ديسمبر (كانون الأول) 2014،وكان من ضمن المسؤولين عن عمليات القبض والخطف بداخل مدينة درنة لصالح مجلس شورى مجاهدي درنة، وشارك في المواجهات ضد القوات المسلحه الليبية في درنة منذ العام 2014.

وشهدت الأشهر الماضية،سقوط العديد من قيادات وعناصر الجماعات التكفيرية في درنة التي شكلت خلال السنوات الماضية تهديدا كبيرا من خلال أنشطتها الإرهابية التي طالت ليبيا وجوارها.ومن أبرز القيادات الإرهابية التي سقطت،الإرهابي المصري هشام عشماوي،أحد أخطر قيادات الجماعات الإرهابية الذي أعلنت القوات المسلحة الليبية،القبض عليه في 08 أكتوبر 2018،ومثل سقوطه،بحسب المراقبين ضربة قوية للإرهاب العابر للحدود.

وسقط مع عشماوي قيادات أخرى هامة على غرار مرعي عبد الفتاح خليل زغبية،والذي يعتبر أحد أهم قيادات القاعدة في ليبيا.وأدرج زغبية عام 2008 على قوائم المطلوبين من قبل مجلس الأمن، وقبل ذلك الولايات المتحدة في عام 2006 باعتبار أنه "إرهابي" مطلوب في عده قضايا أمنية من الدرجة الأولى.

وقبل ذلك،ألقى الجيش الليبي القبض على "يحيى الأسطى عمر"،مسؤول الملف الأمني لتنظيم القاعدة بمدينة درنة،في 08 يونيو 2018،في خطوة مثلت ضربة قوية للجماعات الإرهابية.فالأسطى،الذي يعرف كذلك باسم "أبو سليم"،يعد من أبرز قيادات تنظيم القاعدة وهو الرجل الثاني فيما ما يسمى بـ"مجلس شورى درنة" الذراع العسكرية لتنظيم القاعدة في ليبيا، حيث كان مسؤولاً عن تسليح هذا التنظيم،ويمثل صيدا ثمينا نظرا لكم المعلومات الهائلة التي يمتلكها.

ويعد مجلس "شورى مجاهدي درنة"، الاسم المحلي لمسلحي تنظيم القاعدة بمدينة درنة، التي تقع في منتصف المسافة بين بنغازي وطبرق شرق البلاد.وتضم عدة تشكيلات تنتمي أو تدور في فلك تنظيم القاعدة في ليبيا، منها الجماعة المقاتلة وأنصار الشريعة وشباب الإسلام وغيرها.وسيطرت تلك الفصائل الإرهابية المسلحة التي تشترك في مناهجها وتوجهاتها،على درنة منذ عام 2011.

ومنذ نهاية عام 2014، جاهر أفراد المجلس بعدائهم لمساعي الجيش تقويض أركان الإرهاب في البلاد. وشارك أغلب مسلحيه في عمليات قتالية ضد الجيش في بنغازي، بالإضافة لمعارك أخرى في مناطق الهلال النفطي والجفرة وسط البلاد وجنوبها.كما شن هجمات ارهابية في دول الجوار وخاصة مصر. 

ومثل تحرير مدينة درنة الساحلية خطوة هامة في الحرب على الإرهاب،حيث ساهم في تجنيب ليبيا المزيد من الهجمات الارهابية،اضافة الى تجنيب دول الجوار وخاصة مصر هجمات ممثالة، لا سيما وأن تلك المدينة التي مثّلت أول إمارة تابعة لتنظيم القاعدة على الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط،تعد ملاذا لخلايا إرهابية عابرة للحدود من مصر وتونس والسودان. 

ويرى مراقبون،أن القبض على القيادات البارزة في تنظيم "شورى مجاهدي درنة" أو القضاء عليها،يمثل ضربة موجعة للتنظيمات الارهابية في المنطقة الشرقية في ليبيا والتي باتت في أعقاب اندحار الارهاب في مدينة درنة خالية من أي بؤر معلنة أو تنظيمات إرهابية تحتل المدن والأحياء.ويمثل هذا الانتصار خطوة هامة في طريق تحرير كامل الأراضي الليبية واستعادة الأمن والاستقرار في البلاد.