تعاني الدولة الليبية من عدة مشكلات وتحديات أمنية جمة، تتمثل خاصة في التنظيمات الإرهابية المنتشرة في عدة مناطق من البلاد، والتي تواصل مساعيها لتدعيم وجودها رغم خسائرها السابقة، وهو ما يشكل تهديدا صريحا على الأمن القومي الليبي ويؤدي إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة بصفة عامة.

وترتفع مستويات المخاطر في ظل الحديث عن إمكانية إنتقال العناصر الإرهابية من سوريا بعد تضييق الخناق عليها هناك، في مسعى جديد لتأمين ملاذ آمن وإستحداث معاقل جديدة وذلك من خلال إستغلال الفوضى وغياب الأمن في ليبيا. 


** تحذير

إلى ذلك، حذر المتحدث باسم القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية، الأربعاء من تسلل محتمل للإرهابيين من سوريا تجاه ليبيا بعد تضييق الخناق عليهم.مشيرا إلى إن لدى الجيش ما وصفه بمعلومات قوية تؤكد أنه سيتم نقل الإرهابيين من سوريا إلى ليبيا عن طريق السودان.

وقال المتحدث العميد أحمد المسماري في مؤتمر صحفي عقده في بنغازي، إن "محافظة إدلب شمال سوريا يوجد فيها حالياً أكثر من 18 ألف إرهابي منهم ليبيين وعدد من جنسيات عربية مختلفة. والمعلومات تؤكد في حال استمرار قوات الجيش السوري بالضغط عليهم، سيتم إخراجهم إلى السودان ومنها نحو ليبيا ودول أخرى في أفريقيا".

وأشارالمسماري، إلى أنه وبالرغم من وجود حظر على توريد السلاح للجيش الليبي، إلا أن الأخير يملك قدرات استطلاعية جوية وبرية تمكنه من الرد على أي تهديد محتمل.

وأضاف المتحدث الرسمي باسم القيادة العامة للجيش الليبي،إن القائد العام المشير خليفة حفتر، طلب من قادة دول الجوار خلال القمة المصغرة التي عقدت على هامش مؤتمر باليرمو،الثلاثاء، التنسيق والمشاركة في حماية الحدود.وشدد "المسماري"،على أن لقاء "حفتر" مع رؤساء وممثلي حكومات الدول المشاركين بالاجتماع، كان أمنيا بحت.

ويرى مراقبون أن داعش لا يزال يمثل تحديا كبيرا،ليس لليبيا التي يجتمع فلوله على أرضيها فقط ،وإنما لدول الجوار أيضا،وهو ما عبّر عنه مسؤولون إقليميون،كما حذر منه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته تونس أوائل فبراير الماضي، حيث تحدث عن احتمال عودة تنظيم داعش والإرهاب مجددا إلى ليبيا، بينما رأى وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان، أن الإرهابيين في تنظيم داعش الإرهابي، قد يتوجهون إلى تونس ومصر بعد أن يتم طرد التنظيم من ليبيا.


** الحرب متواصلة

وفيما يخص مدينة درنة، أكد المسماري،أن "الأمور تسير الآن بشكل ممتاز في درنة بفضل المعارك التي خاضتها كتيبة عمر المختار والقوة المساندة لها،وأن المعارك تنحصر حاليا في المدينة القديمة، مشيراً إلى معركة الإرهاب طويلة، وأن ليبيا في حالة حرب مستمرة مع الإرهابيين.

وتمكن الجيش الليبي قبل شهر من اقتحام معاقل المتطرفين في مدينة درنة، التي تبعد نحو 250 كيلومتراً عن الحدود مع مصر، وألقى فيها القبض على قادة لجماعات إرهابية.وتقود القوات المسلحة الليبية عمليات أمنية ضد فلول الجماعات المتطرفة في آخر جيوبها في درنة قصد تطهيرها بشكل كامل.

وأوضح المسماري أن الجيش بصدد إعادة تشكيل الألوية والفرق في كل التخصصات العسكرية، مؤكداً أن هناك متدربين ومتطوعين جدد التحقوا بالجيش، معلنا أن القوات بدأت تعمل على مستوى المناطق العسكرية، وفق الاشتراطات الموضوعة.

وفي غضون ذلك،عثر الجيش الوطني الليبي على مقبرة جماعية في مدينة درنة تضم 22 جثة قتلهم تنظيم القاعدة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011.وقال المسؤول الإعلامي لمجموعة عمر المختار عبدالكريم صبرة، لـ"إرم نيوز"، إن "المقبرة الجماعية التي عثر عليها في منطقة مرتوبة تعود لأشخاص يتبعون النظام السابق جرت تصفيتهم، بعد ربطهم بالسلاسل الحديدية من قبل تنظيم القاعدة الذي كان يسيطر على المدينة.

وحسب الصور التي نشرها الهلال الأحمر على صفحته بموقع فيسبوك، والتي وثقت لعملية انتشال الرفاة، ظهرت الجثث مقيّدة الأيدي والأرجل بالسلاسل.ويواصل فريق الهلال الأحمر بدرنة، انتشال الجثث من مقابر مختلفة بالمدينة، خاصّة بعد اعتراف عدد من الإرهابيين الذين تم اعتقالهم من طرف الجيش الليبي، بأماكن تصفية ودفن ضحاياهم.

وشهدت الأشهر الماضية،سقوط العديد من قيادات وعناصر الجماعات التكفيرية التي شكلت خلال السنوات الماضية تهديدا كبيرا من خلال أنشطتها الإرهابية التي طالت ليبيا وجوارها.ومثل القبض على الإرهابي المصري هشام عشماوي،أحد أخطر قيادات الجماعات الإرهابية في مصر،في 08 أكتوبر 2018، خلال عملية أمنية في مدينة درنة،ضربة قوية للإرهاب العابر للحدود، وخصوصًا أن الرجل يمثل كنزا كبيرا من المعلومات كونه الصندوق الأسود للتنظيمات والجماعات المتطرفة فى ليبيا.


** أحكام

وفي سياق منفصل، كشف المتحدث باسم القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية عن بدء المحاكمة العسكرية لعدد من الإرهابيين للمرة الأولى.وعن طبيعة الأحكام الصادرة، قال المتحدث "حكم على أحد الإرهابيين بالإعدام لارتكابه جرائم قتل جماعي، كما حكم على إثنين من الإرهابيين بالسجن 20 عاما مع الأشغال الشاقة، وإرهابي واحد بالسجن 10 أعوام للمشاركة في تنفيذ أعمال إرهابية.

كما لفت إلى صدور أحكام براءة بحق 65 من المتهمين بقضايا إرهابية.وقال إن هذه الأحكام ابتدائية ويمكن للمتهمين الطعن فيها أمام المحكمة العليا.ويقبع عدد كبير من المتهمين الذين شاركوا في عمليات إرهابية في سجون قوات الجيش الوطني الليبي شرق ليبيا، بعدما قبض على عدد كبير منهم أثناء معارك تحرير بنغازي التي استمرت 3 أعوام.

وفي تصريح لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، نشرته الخميس 01 نوفمبر 2018،قال المتحدث الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، العميد أحمد المسماري،"في الحقيقة أصبح لدينا اليوم سجون تعج بالإرهابيين... بل من أخطر الإرهابيين. هناك إرهابيون، حتى هذه الساعة، ما زالوا متمسكين بالفكر الإرهابي، بما فيه الخاص بتنظيم (داعش)". وأضاف:"لدينا أكثر من 200 أو 300 إرهابي. لقد تم التحقيق معهم في النيابة في قضاياهم، وجرت إحالتهم الآن للقضاء".

ويخوض الجيش الوطني الليبي،انطلاقاً من قاعدته بمنطقة الرجمة في شرق البلاد، حرباً صعبة منذ أواخر 2014، تمكن فيها من دحر جماعات كانت مدججة بالأسلحة والآليات العسكرية، في عدة مناطق من البلاد.ويرى مراقبون أن توحيد المؤسسة العسكرية سيعطيها قدرات أكبر على مواجهة العناصر الإرهابية التي مازالت تتربص بالبلاد.