تطرق الصحفي الإيطالي ليوني غروتي في مقال نشر له على المجلة الإيطالية تيمبي إلى الآثار النفسية التي يعانيها الشعب الليبي، جراء الحرب التي شنت هناك منذ ثلاث سنوات.
وذكر أن الوضع في ليبيا يزداد تدهورا وسوءا جراء تواصل المعارك والمواجهات المسلحة بين الأطراف الليبية المتنازعة حول السلطة والنفوذ، إلى جانب تنامي نشاط "الجماعات الجهادية" المرتبطة خاصة بتنظيم "الدولة الإسلامية" ، ما زاد من مخاوف دول الجوار وأوروبا وفتح الباب على مصراعيه أمام إمكانية تدخل عسكري جديد في ليبيا.
تداعيات
وأشار ليوني غروتي إلى أنه غداة ثلاث سنوات من حرب شمال الأطلسي على ليبيا ، والإطاحة بنظام معمر القذافي، الذي دام لأكثر من أربعين سنة، ما تزال البلاد تعيش حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، على خلفية استمرار المواجهات المسلحة بين مختلف "الميليشيات" والغياب الكامل لأجهزة الدولة ومؤسساتها، ما نتج عنها تداعيات سلبية على حياة المواطنين الليبيين، ووفق بحث قام به المعهد الدنماركي "الكرامة" لمناهضة التعذيب وغداة آلاف المقابلات التي أجريت مع المواطنين، أكد أن ثلث الليبيين يعانون من مشاكل نفسية جراء الوضع الحاصل وانهيار البلاد.

وأضاف أن من المشاكل النفسية التي يعاني منها الليبيون، تتمثل خاصة في نوبات القلق والاكتئاب، حيث نجد 63.6 في المائة من المواطنين يخشون عدم الاستقرار السياسي، فيما يخشى 61 في المائة من انهيار البلاد، كما يشعر 56.6 في المائة بعدم الأمان في مدينتهم، بينما يرى 46.4 في المائة أن مستقبل البلاد قاتما، أضف إلى ذلك أن 20 في المائة من الأسر الليبية فقدت أحد أفرادها، وأن لـ 11 في المائة من هذه الأسر فرد معتقل، وأن لـ 5 في المائة من هذه العائلات ضحية.
وأفاد أن الذين يتم اعتقالهم في ليبيا يتعرض معظمهم لشتى أنواع التعذيب، حيث يؤكد 46 بالمائة منهم أنهم تعرضوا للضرب، بينما تم تعذيب 20 بالمائة ، فيما تعرض 16 بالمائة للاختناق، كما تعرض بين 3 و 5 بالمائة من الذين وقع إيقافهم للاعتداء الجنسي والتعذيب بواسطة الصدمات الكهربائية، مشيرا في نفس الوقت أنه في ظل ما يعانيه الليبيون من مشاكل نفسية وانتهاكات لحقوق الإنسان وتفاقم حجم الفوضى والصراعات المسلحة، تسعى بعض القوى إلى حل الأزمة عبر تدخل عسكري جديد.
تدخل
ولفت كاتب المقال إلى أنه في الوقت الذي تتواجد فيه الحكومة الشرعية المنبثقة عن مجلس النواب المنتخب يوم 25 يونيو الماضي في طبرق على الحدود المصرية، غداة استيلاء "الميليشيات الإسلامية" على العاصمة طرابلس، تحتدم مواجهات دامية في بنغازي شرق البلاد بين "القوات النظامية" و "الميليشيات الإرهابية"، فيما تم احتلال مدينة درنة من قبل تنظيم "الدولة الإسلامية" ، هذا الوضع زاد من مخاوف إيطاليا -الجارة القريبة جغرافيا ولها مصالح استراتيجية هامة مع ليبيا مزودها الرئيسي بالطاقة- ، وكانت تصريحات وزير الخارجية باولو جينتلوني الأخيرة لصحيفة لا ريبوبليكا تصب في خانة تلك المخاوف القادمة من المستعمرة القديمة.
وأفاد غروني أن الوزير ذكر أن ليبيا بلد ينهار وأن روما مستعدة لإرسال قواتها في إطار عملية لحفظ السلام، إذا ما طلبت الأمم المتحدة ذلك، وأوضح الصحفي الإيطالي أنه غداة فشل المساعي الدولية في دفع الحوار بين الأطراف الليبية المتنازعة ووقف إطلاق النار، فسح الوضع المجال أمام احتمال تدخل عسكري جديد، علما وأنه دائما ما تكون نتائج هذا الخيار كارثية، بالنظر إلى ما حدث عقب تدخل "الناتو" بتفويض أممي، وما يعانيه الليبيون جراء ذلك.
وأضاف أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي -الذي اختتم لتوه زيارته لإيطاليا والفاتيكان-، طلب تشكيل جبهة مشتركة لمكافحة الإرهاب واستقرار ليبيا، وقد ذكر في تصريح لصحيفة الكورياري ديلا سيرا أن ليبيا تسودها الفوضى وقد وقع إنشاء قواعد لعديد "الجماعات الجهادية" الخطيرة، معتبرا أن "الناتو" بعد قضائه على القذافي لم يكمل مهمته في البلاد، وعلى المجتمع الدولي أن يقف إلى جانب "الجيش الليبي" ولا أحد غيره، لكن يبدو أن ما يطمح إليه الرئيس المصري لن يتحقق بسهولة، خاصة في ظل وجود أطراف إقليمية أخرى تتدخل في الصراع الحاصل في ليبيا، على غرار كل من قطر وتركيا، الداعمتان لـ"الميليشيات الإسلامية" عسكريا وماليا.