تطرق الباحث الإيطالي في العلوم السياسية روبيرتو أليبوني في مقال نشر على المجلة الإيطالية أفاري إنترناسيونالي إلى تعامل المجتمع الدولي وبالخصوص أوروبا مع تطورات الأوضاع في ليبيا.
وذكر أنه بعد ثلاث سنوات من الإطاحة بنظام معمر القذافي، ما يزال الأمن والاستقرار غائبا في ليبيا، كما زادت الأوضاع تدهورا بسبب تناحر مختلف "الميليشيات" على السلطة والنفوذ، لتدخل البلاد في أتون الفوضى، مشيرا في نفس الوقت إلى تداعيات ذلك ليس فقط على ليبيا، بل على دول الجوار وأوروبا، وهو ما دفع المجتمع الدولي للحيلولة دون تفاق الفوضى عبر طرح مبادرات للحوار بين الفرقاء.
أطراف
وأشار روبيرتو أليبوني إلى أنه خلال الستة الأشهر الأولى من هذا العام، احتدم الصراع السياسي بين القوى السياسية في ليبيا ، حيث يذهب كل طرف إلى التأكيد بأنه الوريث الشرعي لثورة 17 فبراير، هذا وقد شكل كل طرف تحالفات لمزيد تعزيز موقفه على الساحة والضغط على منافسيه، حيث تحالف "الإخوان المسلمون" مع مدينة مصراتة، فيما تحالف حزب "تحالف القوى الوطنية" مع مدينة الزنتان، وقد فاقم هذا الصراع مبادرة اللواء المتقاعد خليفة حفتر التي أعلنها خارج إطار المؤسسات، تهدف لمحاربة "الإسلاميين" و"تطهير" البلاد منهم، حسب رأيه.
وأضاف أن الأزمة الخانقة التي تسببت فيها الحملة العسكرية "الكرامة" دفعت بالمؤتمر الوطني الليبي آنذاك إلى الإعلان عن موعد انتخابات 25 يونيو الماضي، فاز فيها العلمانيون بأغلبية المقاعد، إلا أن "الإسلاميين" لم يعترفوا بنتيجة الانتخابات ، خاصة و أن الإقبال كان ضعيفا جدا وقد شارك في التصويت 18% فقط من المواطنين الذين يحق لهم الانتخاب، وهو أمر فاقم الأزمة في البلاد، حيث احتدمت المعارك بين "الميليشيات الإسلامية" "فجر ليبيا" و"كتائب الزنتان" لمدة شهرين بين يونيو وأغسطس الماضيين في مدن طرابلس.
وأفاد أن سيطرة "الميليشيات الإسلامية" على العاصمة طرابلس اضطر مجلس النواب المنتخب حديثا وحكومة عبد الله الثني إلى اللجوء لمدينة طبرق، فيما أعادت "فجر ليبيا" إحياء المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، الذي كلف بدوره عمر الحاسي برئاسة حكومة إنقاذ وطني، لتعيش ليبيا حالة انقسام مؤسساتي وصراع بين حكومتين وبرلمانين.
مبادرات
ولفت الكاتب إلى أنه للحد من الصراع الحاصل بين الأطراف الفاعلة في ليبيا ، سارعت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى التوسط بين أطراف الأزمة الليبية، بهدف صون وتعزيز شرعية واستمرارية عملية التحول الديمقراطي ومكافحة الإرهاب، نظرا لخطورته وتداعياته على كامل المنطقة، حيث يحاول برناردينو ليون إقناع النواب المقاطعين للبرلمان بالعودة لتشكيل حكومة وحدة وطنية قد تكون أكثر شرعية وتدفع بعملية المصالحة والحوار الوطني، لكن هذه الوساطة لم تكن لها نتائج تذكر ، خاصة وأن الممثلين السياسيين الذين حضروا اجتماع غدامس، لم يكن لهم تأثير كبير على قيادات وزعامات مختلف "الميليشيات" التي تتقاتل على الأرض.
وأفاد أن مهمة الأمم المتحدة كانت صعبة خاصة وأنه لم يكن أيضا من السهل إقناع الأطراف المتنازعة باستئناف العملية السياسية دون وقف إطلاق النار وعودة "الجماعات المسلحة" إلى ثكناتها، علاوة على التعنت الحاصل من قبل أطراف الصراع ، خاصة من "الإسلاميين" ورفضهم الاعتراف بشرعية المؤسسة التشريعية المعترف بها دوليا، هذا وطرحت الجزائر مبادرة للوساطة تجمع كل القوى السياسية وحتى قيادات "الميليشيات" ، معتبرا أنها يمكن أن تكون مفيدة للغاية، شريطة أن تتكامل مع وساطة الأمم المتحدة.
وأكد الباحث الإيطالي أن كل هذه المبادرات يعيقها أيضا تدخل بعض الأطراف الإقليمية على خط الصراع الحاصل في ليبيا ، ليزداد الوضع في ليبيا سوءا، خاصة وأن الفوضى الحاصلة تستغلها "الجماعات الجهادية المتطرفة" للتوغل أكثر في ليبيا، وتكرار ما حدث في سوريا والعراق، عندما تم إنشاء ما يعرف بـ"الدولة الإسلامية" وهو ما بدأ فعلا، حيث أعلنت "جماعة جهادية" يوم 3 أكتوبر الماضي في درنة بيعتها لتنظيم "الدولة"، ما يمثل تهديدا حقيقيا لأوروبا ودول الجوار.