تطرق الخبير في شمال أفريقيا لوتشانو أرديزي في حوار أجرته معه الصحفية الإيطالية إيلفيرا راغوستا ، نشر على الموقع الإيطالي راديو فاتيكانو إلى تفاقم الصراعات بين مختلف "الميليشيات" المسلحة في ليبيا ودخول البلاد في أتون حرب أهلية حقيقية، بعد مرور ثلاث سنوات على مقتل معمر القذافي.

وذكر أن ليبيا منذ ثلاث سنوات لم تشهد الاستقرار، بل زادت وتيرة العنف والفوضى، ولم تستطع الحكومات المتعاقبة السيطرة على الأوضاع، بسبب ضعف مؤسسات الدولة وأجهزتها من جيش وشرطة و عجزها عن فرض سلطة القانون والنظام، خاصة في ظل الوجود المكثف لـ"الميليشيات" والانتشار الهائل للسلاح في مناطق شاسعة من البلاد.

وقد ازداد الوضع تأزما عقب الانقسام المؤسسي الحاصل في الأشهر الأخيرة، على خلفية وجود برلمانين في كل من طرابلس وبرقة، يتنازعان الشرعية.

ما بعد القذافي

وأشار الخبير الإيطالي في شمال أفريقيا لوتشانو أرديزي إلى أنه غداة ثلاث سنوات عن مقتل القذافي على يد "المتمردين" في 20 أكتوبر 2011،  لم تشهد ليبيا بعد استقرارا سياسيا وقبليا، حيث تنقسم البلاد جغرافيا إلى ثلاث مناطق هي كل من برقة وفزان وطرابلس، في الوقت الذي يتواجد فيه برلمانان وحكومتان تنازعان الشرعية ومن الأحق بتمثيل الشعب الليبي.

في السياق ذاته تحتدم الاشتباكات بين "الميليشيات الإسلامية" والقوات المسلحة الموالية للحكومة في طبرق.

وأضاف أنه خلال هذه السنوات الثلاث انهارت الدولة ومؤسساتها، التي أشرف معمر القذافي على بنائها بكاملها، هذا العامل كان سببا في تدهور الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الحالي، معتبرا أن ليبيا  تعتبر في هذه اللحظة، بلدا يتوجب إعادة بناؤه بالكامل.

يذكر أن سقوط "الدكتاتور" في ليبيا ولّد نفس الفوضى التي ظهرت في العراق غداة الإطاحة بنظام صدام حسين.

لذلك كان من الأفضل استخلاص الدروس من تاريخ السنوات العشرين الماضية، إذ يمكن استعمال السلاح من أجل الإطاحة بالدكتاتوريات، لكن عندما يقع تدمير البنية التحتية للدولة، سيؤدي ذلك بطبيعة الحال إلى الفوضى، وما لها من تداعيات ليست داخلية وإقليمية ، مثلما يحصل الآن في سوريا ، حيث أصبح الوضع هناك يتهدد كامل المنطقة.

وحدة

ولفت لوتشانو أرديزي إلى أنه يوجد بليبيا العديد من القبائل ، وهي تتنافس معظمها في ما بينها على السلطة والنفوذ، وكان القذافي من خلال ما يتمتع به من كاريزما ولعبة التحالفات مع هذه القبائل، قد تمكن من إعادة التوازن ، وكان ذلك سببا في استقرار البلاد.

وأضاف أن كل هذا البناء قد انهار خلال السنوات الثلاث الأخيرة ، حيث عادت الصراعات القبلية لتطفو على السطح، وانتشرت العديد من "المليشيات" المسلحة بعد قاتلت معظمها ضد نظام القذافي وتحت مظلة "الناتو" ، وهي تتنازع الآن في ما بينها من أجل الحصول على المزيد من السلطة والنفوذ.

وأفاد أن "الميليشيات الإسلامية" ورغم الخلافات التي بينها ، قد تحالفت منذ الربيع الماضي لصد الحملة العسكرية التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر والقوات الموالية له، وإلى حد هذه اللحظة لم يتمكن من القضاء عليها ، بل ازدادت قوتها وأصبحت تسيطر على أكبر مدينتين في ليبيا هما : طرابلس وبنغازي.

ويمثل الوضع الحاصل في ليبيا الآن أكبر تهديدا للمنطقة، خاصة وأن "الجماعات الإرهابية" التي تشكلت داخل البلاد،  أصبحت قادرة على تنفيذ هجمات في أوروبا، التي ما تزال تتجاهل الفوضى هناك، وتركز اهتمامها اليوم على الحرب ضد ما يعرف بتنظيم "الدولة الإسلامية" في كل من سوريا والعراق.