تسعى السلطات الليبية المتنازعة في غرب وشرق ليبيا إلى خفض الانفاق في ظل استشعارهم خطورة الوضع المالي للبلاد، بعد تراجع إيرادات ليبيا المعتمدة بشكل رئيسى على النفط بسبب انخفاض الأسعار من جهة وتراجع الإنتاج من جهة أخرى وارتفاع مستويات الانفاق، مما تسبب في أن يصل العجز لنحو 55 % من إجمالي حجم الانفاق في 2014.

وقررت الحكومة الليبية المنبثقة عن البرلمان المجتمع في طبرق (شرق) برئاسة عبد الله الثني، إغلاق عدد من سفاراتها حول العالم وذلك لمواجهة العجز في الميزانية.

وجاءت هذه الخطوة بعد يوم واحد من قرار ديوان المحاسبة الليبي، ومقره طرابلس (غرب)، والتابع للمؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق الذي استأنف عقد جلساته مؤخرا)، تجميد جميع الحسابات المصرفية التابعة لكافة الجهات العامة التابعة للدولة، والممولة من الموازنة، باستثناء حسابات الأمانات والودائع، وذلك في خطوة لضبط الانفاق العام الذى ارتفع إلى مستويات كبيرة في العام الماضي.

وديوان المحاسبة هو هيئة مستقلة للمراجعة والمراقبة المالية تتولى الإشراف على حسابات الدولة الليبية ويتبع الجهات التشريعية في الدولة.

وقال وزير الخارجية الليبي محمد الدايرى إن الوزارة قررت إغلاق عدد من السفارات الليبية في عدد من الدول، وذلك بحسب ما نقلته اليوم الأربعاء الصفحة الرسمية للحكومة الليبية علي موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك).

وبحسب الصفحة الرسمية للحكومة، فإن وزير الخارجية الليبي عرض خلال الاجتماع مذكرة بشأن مقررات مجلس الوزراء في اجتماعاته السابقة بضرورة تخفيض الإنفاق لمواجهة العجز الحاصل في الميزانية نتيجة انخفاض أسعار النفط وتراجع الإنتاج بسبب المعارك الدائرة حول المناطق النفطية فى الشرق الليبي.

وتراجع إنتاج ليبيا من النفط إلى 350 ألف برميل يومياً، وفقا لتصريحات وزير النفط بحكومة الإنقاذ الوطني بطرابلس ماشاء الله الزوي .

ولدى ليبيا أكبر مخزون للنفط في أفريقيا، وتعتمد على إيراداته في تمويل أكثر من 95% من خزانة الدولة، وتراوحت معدلات الإنتاج قبل الإطاحة بنظام الرئيس السابق معمر القذافي، بين 1.5 إلى 1.6 مليون برميل يوميا.

وفقدت أسعار النفط أكثر من 50 % من قيمتها منذ يونيو / حزيران 2014، فيما اقتربت الأسعار خلال الأسبوع الماضي من أدنى مستوياتها في 6 سنوات.

وبناء علي المذكرة المعروضة من وزير الخارجية، قررت الحكومة الليبية إعادة النظر في أعداد الملحقين الفنيين المعينين بالبعثات الدبلوماسية، وتخفيض الأعداد الكبيرة من هؤلاء الملحقين المتواجدين في السفارات الليبية بالخارج، والذين لا توجد حاجة لبقائهم وإبقاء الأعداد الضرورية منهم لتسيير الأعمال التي تتماشى مع العلاقات بين ليبيا وهذه الدول.

وفي حين لم تحدد الصفحة الرسمية للحكومة الليبية المؤقتة أسماء الدول التي سيتم إغلاق السفارات الليبية فيها أو الدول التي سيتم تقليص عدد الموظفين في سفاراتها، نقلت الصفحة عن الحكومة الليبية طلبها من كل الوزارات سرعة تقديم مقترحاتها لتخفيض هذه الأعداد.

وتواجه ليبيا عجزا كبيرا في الميزانية بسبب تراجع إنتاج النفط الخام الذي يعتبر المصدر الرئيسي لميزانيتها المالية، وذلك بسبب معارك طاحنة بمنطقة الهلال النفطي شرقي البلاد بين قوات حرس المنشآت النفطية التابع للجيش الليبي الموالي لبرلمان طبرق وبين قوات عملية الشروق التابعة لقوات فجر ليبيا المسيطرة على طرابلس (غرب) ومدن أخرى في الغرب.

وكان مصرف ليبيا المركزي، قد قال الخميس الماضي إن مصروفات (النفقات) الدولة خلال العام الماضي 2014 بلغت 46 مليار دينار ليبي (33.8 مليار دولار)، فيما بلغت الإيرادات نحو 20.9 مليار دينار (15.3 مليار دولار) بعجز في الموازنة العامة بلغ نحو 25.1 مليار دينار (18.4 مليار دولار)، وذلك وفقا للحسابات الختامية للدولة.

وطالب البنك المركزي في بيانه الحكومة وبشكل عاجل اتخاذ إجراءات فورية لترشيد الإنفاق، مهما كانت صعبة ومؤلمة، لتوفير الحد الأدنى من متطلبات الإجراءات الواجب اتخاذها لترشيد الإنفاق العام ومواجهة الأزمة المالية.

ولم تقر ليبيا حتى الآن موازنة عام 2015، والتي توقع مسؤول بمصرف ليبيا المركزي أن يصل العجز فيها إلى 15.3 مليار دولار.