هاجمت عناصر مسلحة تنتمي إلى تنظيم "داعش" الإرهابي، يوم الاثنين، نقطة للشرطة في بلدة الفقهاء جنوبي ليبيا، مشيرة إلى اختطاف عدد من قوات الشرطة.

هذه الأحداث الأليمة أثارت مرة أخرى مسألة التوتر في الجنوب الليبي الذي يعيش بين كماشة المتمردين التشاديين و  بين جماعات إرهابية وجدت في الصحراء الجنوبية ملاذاً أكثر أمناً بعد تضييق الخناق عليها.

مأساة الفقهاء

شهدت الأسبوع الجاري منطقة الفقهاء الواقعة في محيط الجفرة هجوم  لقوّة مسلّحة على مركز الشرطة ، في فجر الإثنين الماضي، مدججين بنحو 25 آلية مسلحة، حين خطفوا عدداً من أفراد الشرطة، وفق ما نشر المجلس البلدي الجفرة عبر صفحته على فيسبوك.

وعقب الهجوم على مركز الشرطة، أفادت مصادر محلية في بلدة الفقهاء بأن اشتباكات عنيفة دارت بين أهالي المنطقة والمنفذين، فيما أعلن مجلس الجفرة البلدي "مقتل أربعة من منطقة الفقهاء"، من بينهم نجل "رئيس الفرع البلدي الفقهاء، فيما نجا خمسة أشخاص من الخطف".

ويأتي هذا الهجوم بعد أسبوعين من إلقاء قوات الجيش القبض على أحد القيادات الليبية البارزة في تنظيم داعش ويدعى جمعة القرقعي.

في السياق ذاته،أدلى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج بتصريح لوكالة الأنباء الليبية حول العملية الإرهابية التي استهدفت مدينة الفقهاء فجر اليوم الاثنين قال فيه:"هاهي جريمة أخرى تقع في جزء عزيز من الوطن، وإذ نترحم على ضحايا الاعتداء الإرهابي على مدينة الفقهاء ببلدية الجفرة، نؤكد أن هذا العدوان يمثل سبباً آخر يدعونا لتوحيد جهودنا العسكرية والأمنية.

فلا مجال للتهاون في تحقيق ذلك، علينا الإسراع بالتكاتف وتوحيد صفوفنا لضرب واقتلاع الإرهاب من أرضنا ومواجهة الأعمال الإرهابية الإجرامية التي تستهدف أمن واستقرار الوطن".

معاناة متواصلة

يمكن توصيف التوضيع إلا بعبارة واحدة "من سيء إلى أسوء"، إذ تم خطف ستة مواطنين نهاية الأسبوع قبل الماضي في منطقة الفقهاء الواقعة شمال وادي الآجال وجنوب مدينة سوكنة، (جنوب شرق واحات الجفرة بحوالي 145 كلم)، وعقب تحديد مكان المخطوفين الستة وقعت اشتباكات بين غرفة أم الأرانب العسكرية وقوات المعارضة التشادية، قبل العثور على أربعة ناجين فقط.

ونقلت "فرنس برس" عن "علي أكري موليا" قائد وحدة مكلفة بحماية المنشآت النفطية في أوباري، أنّ كتائب تابعة لقبائل في المنطقة تمكنت من الإفراج عن المخطوفين، ويروي قائلاً: "حدثت اشتباكات بعد تحرك عدد من الكتائب العسكرية نحو جبل مغناي، وتم الدخول في معركة ضد العناصر المسلحة للمعارضة التشادية، وأسفر القتال عن مصرع عشرة من الكتائب العسكرية".

ويضيف "لم نحصل على أي دعم من حكومة الشرق أو الوفاق، كما لا يوجد أي تنسيق مسبق مع الجانب التشادي، وكل التحرك الذي حصل عبارة عن جهود من أهالي الجنوب نصرة لعائلات المخطوفين". المسألة الأكثر خطورة جاءت على لسان قائد مجموعة تشادية  في حديثه للوكالة الفرنسية بأنّ "هناك تشاديين يعملون لصالح الليبيين، أو القبائل. لكن ليسوا المتمردين التشاديين الذين قرروا عملية الخطف"

يؤكّد مراقبون أن هذه الهجومات المتكررة يمكن أن تزيد في تعقيد المشهد في المنطقة ، ولا سيما أنّ ما يجرى في الجنوب يمكن أن يتحول إلى حرب إثنية.

مواقف بلا فعالية

إكتفت البعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بشجب تدهور الأوضاع الأمنية في الجنوب، حين دعت السلطات إلى اتخاذ إجراءات فورية وفعالة حيال حالة الانفلات الأمني التي تشهدها المنطقة شاجبة"الانتهاكات التي تقترفها المجموعات المسلحة الأجنبية داخل الأراضي الليبية". ودعت في الوقت نفسه الأطراف الفاعلة الإقليمية إلى "دعم السلطات الليبية لمعالجة الوضع الراهن على نحو يصون سيادة ليبيا ووحدة وسلامة أراضيها".

وقالت البعثة إن الأمم المتحدة ستواصل العمل مع السلطات المحلية لتقديم المساعدات الإنسانية لأهالي المنطقة، كما تظل مستعدة لدعم الجهود الرامية لمعالجة الوضع الأمني.

محليا،أدان أعضاء مجلس النواب عن المنطقة الجنوبية الهجوم على مركز شرطة الفقهاء، وطالبوا القيادة العامة للقوات المسلحة بتقديم الدعم الكامل إلى الوحدات العسكرية التابعة لها بالمنطقة الجنوبية، واتخاذ التدابير العاجلة لملاحقة هذه "الزمرة الإرهابية، التي تتحصن بوديان وجبال المنطقة واقتلاعها من جذورها"، محملين المعارضة التشادية المسلحة مسؤولية ما جرى في منطقة الفقهاء وأحداث أم الأرانب التي وقعت قبل أسبوع.

كما أعلن نائب رئيس المجلس الرئاسي، عبدالسلام كجمان،  أن مجلس وزراء حكومة الوفاق الوطني أقر مخصصات مالية لتنفيذ الترتيبات الأمنية والعسكرية في مناطق جنوب البلاد، مشيراً إلى أن المجلس ناقش خلال اجتماعه الخامس للعام الجاري أزمة الجنوب الليبي.

يشير مراقبون أن هذه التحركات هي فقط مجرّد فرقعة إعلامية بدون إجراءات فعلية لمحاربة الآفة الإرهابية التي تهدد حياة الليبيين