تعتبر بلدية الماية هي إحدى البلديات الواقعة في نطاق منطقة العزيزية الكبرى وتشكل نسيج إجتماعي متجانس بين القبائل وأغلب سكانها من قبائل ورشفانة وقبيلة هوارة وتقع جغرافيا على البحر الأبيض المتوسط بالجزء الشمال الغربي لمنطقة ورشفانه ، وتبعد عن العاصمة الليبية طرابلس 27 كلم ، وتضم كل من المناطق الآتية :-
الماية - الطويبية – الطينة – قرقوزة – المعمورة - السبعة وعشرين.
الوضع الإنساني بالماية :
تعرضت بلدية الماية إلى عملية تدمير ممنهجة من قبل المجموعات المسلحة لفجر ليبيا في سبتمبر 2014 فتم حرق منازل المواطنين وسرقة ممتلكاتهم بجميع أنواعها ، ويعتبر أكثر من ( 90% ) من سكان هذه البلدية مهجرين قصرا من منازلهم ومزارعهم التي سرقت ونهبت بالكامل فأصبحت خالية من مقومات الحياة ،بدون مياه ولا كهرباء ولا وقود ولا غاز طهي ولا مخابز وخصوصا في منطقة المعمورة وقرقوزة والطينة وجنوب الماية وكذلك جنوب الطويبية بإستثناء الطريق الساحلي لأنه يوظف إعلاميا من قبل هذه المجموعات المسلحة.
إن الدمار الذي لحق بهذه البلدية يوحى إليك بأنها أحد المدن المدمرة إبان الحرب العالمية الثانية ولم يكتفوا بتدميرها وحرقها بل جعلوها مكب للنفايات يأتون بها من الزاوية ليلقوها في منطقة المعمورة.
وتتصاعد حالة القلق والتذمر بشكل كبير من قبل أهالي الماية والمعمورة وقرقوزة والطينة نتيجة إنهيار قطاع الصحة و قطاع الإقتصاد وفشل قطاع التعليم بسبب سيطرة التشكيلات المسلحة وانقطاع التواصل الإداري التام عن الحكومة المؤقته التي تأخذ من مدينة البيضاء مقرا لها، وشكى عدد كبير من أهالي الماية عن تردي الأوضاع المعيشية وإنعدام الخدمات بشكل شبه تام ما أدى بهم الى إتباع الأساليب البدائية لتسيير حياتهم المعيشية داخل المنطقة فيما يحاول الكثير منهم التحرر من تلك الجماعات المسلحة قبل أن تتعاظم مأساتهم الإنسانية .
ومن خلال ما تم فإن حالة بعض القطاعات التي تعرضت إلى الشلل التام ومنها :-
- محطات الوقود
تعاني المنطقة أوضاعاً خدمية سيئة نتيجة إقفال أغلب محطات الوقود في الماية وضواحيها التي يفوق عددها ( 14 ) محطة وقود ولا تستطيع تقديم أي خدمات للمواطنين لما لحق بها من سرقة معداتها وملحقات التشغيل والبعض الأخر تعرض لعمليات الحرق العمد وذلك بإستثناء محطات الوقود الموجودة على الطريق الساحلي
ورغم وجود ( 4 ) اربع محطات تعمل علي الطريق الساحلي الإ أنها تعاني من سوء خدمات وإزدحام لحيوية الطريق الساحلى الرابط بين المنطقة الغربية والعاصمة طرابلس ، و من محطات الوقود التي تم تخريبها وسرقت محتوياتها محطة وقود مادي بالسهل الأخضر ومحطة وقود عقل بالحشان ومحطة قريصيعة بالطينة ومحطة وقود الضاوي بالمعمورة ، في حين أقفلت محطة وقود مهدب القريبة من جسر 27 على الطريق الساحلي بعد تعرض إبنهم للخطف والتعذيب على أيدي مليشيات فجر ليبيا بصياد .
- المخابز
يعاني سكان بلدية الماية من فقدان رغيف الخبز وتعسر الحصول عليه منذ شهر يوليو 2014 وذلك نتيجة إقفال العشرات من المخابز في الطينة والطويبية والمعمورة وقرقوزة كذلك معظم مخابز الماية مقفلة ولا يعمل سوي مخبز ابوخريص بكار والمشكلط بشكل دائم وتعاني هذه المخابز من ازدحام شديد من قبل المواطنين يبدأ من السادسة صباحا وحتى الخامسة بعد العصر في حين يعاني مخبز الهادي بالليل ومخبز على أبو دلال ( مخبز الراقي على الطريق الساحلي ) من نقص حاد في الدقيق وصعوبة في الحصول على الوقود للمخبز كما تعاني جميع المخابز التي تعمل من قلة الأيدي العاملة وإنقطاع مستمر للكهرباء .
- المصارف
تفتقد بلدية الماية إلى توفر الخدمات المصرفية ، منذ شهر يوليو 2014 حيث أغلق مصرف الصحاري فرع الماية أبوابه أمام المواطنين وإستعمل المصرف من قبل ميليشيات فجر ليبيا كمقر للقناصة لضرب السكان المدنيين كما أصيب المصرف بقذائف مازالت أثارها موجودة حتى الآن كما تم العبث وسرقة محتوياته في حين تنعدم الخدمات المصرفية في منطقة المعمورة نتيجة قفل المصرف فيها .
- المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم
تعد الماية من المناطق المزدهرة إقتصادياً لوقوعها على الطريق الساحلي الرابط بين العاصمة طرابلس والغرب الليبي فأصبحت اليوم تعانى أوضاعاً إقتصادية صعبة جداً مما أثر بشكل كبير على الحياة اليومية للأهالى من السكان المدنيين ، فقد تعرض أكثر من ( 90 % ) من المحلات التجارية والصيدليات والمقاهي والمطاعم لعمليات النهب والحرق ويعتبر هذا القطاع الخدمي في حالة شلل تام ويضم أكثر من ( 1000 ) ألف محل تجارى وخدمي ، في حين يتعرض أصحاب المحلات المفتوحة للإبتزاز وأعمال السطو المسلح التى يتعرضون لها بشكل مستمر من قبل مسلحي مليشيات فجر ليبيا ، إضافة إلى إستمرار قفل سوق الخضار بالبلدية الواقع شمال الطريق الساحلي الذي يبتاع ويتبضع فيه الأهالى الخضار والمحاصيل الزراعية حيث لم يفتح سوق الخضار أبوابه للسكان إلا نهاية شهر نوفمبر 2014 .
قطاع الكهرباء
في ظل معاناة السكان من تهجم ميليشيات فجر ليبيا عليهم وفقدانهم لأبسط مقومات الحياة من أمن وغداء يضاف علي ذلك انقطاع التيار الكهربائي بما يزيد عن ( 10 ) عشرة ساعات يوميا جراء طرح الأحمال وإنقطاع معظم الأسلاك ودمار محطات الكهرباء التي في بلدية الماية .
- قطاع الصحة
لم يبقى في قطاع الصحة ما يدل على الصحة فلقد تم تدمير جميع المستوصفات بالبلدية ووحدات الرعاية الصحية وسرقة جميع محتوياتها من أدوية ومعدات طبية ومستلزمات ولم يكتفوا بهذا فقط بل أحرقوا عدد من المراكز الصحية ووحدات الرعاية فمنها على سبيل الذكر تم حرق مستوصف الطويبية وقرقوزة و المركز الصحي الطينة وتدمير وتخريب باقي المستوصفات وبذلك أصبح هذا القطاع من القطاعات التي تحتاج إلى عملية إعمارها من جديد ليقدم الخدمات لما تبقى من أهالي المنطقة على قيد الحياة في ظل هذه الظروف القاسية التي ألمت بالمنطقة ، ويعتبر قطاع الصحة ببلدية الماية في حالة إنهيار تام منذ شهر سبتمبر 2014 .
وصرح مصدر طبي مسؤول أنه أن لم تتدخل الجهات الحكومية والطبية للدولة وتوفر التطعيمات اللازمة للأطفال ضد أمراض شلل الأطفال وغيرها من الأمراض التي تصيب الأطفال فإنه يندر بكارثة صحية في القريب العاجل نتيجة إنهيار قطاع الصحة وقفل المراكز الصحية التي يمكن تشغيلها .
- قطاع التعليم
أغلب المدارس تم نهبها وسرقة محتوياتها والعبث بمستندات الطلبة والموظفين بهذا القطاع والعديد من المدارس مغلقة
بسبب نزوح السكان و التهجير القصري ، في حين تأخرت الكثير منها في فتح أبوابها للعام الدراسي 2014 / 2015 ، وتعاني المدارس التي تعمل العديد من المصاعب والعراقيل في ظل غياب الأمن والإستقرار ، فالمدارس التي فتحت أبوابها قليلة جدا وبإمكانيات محدودة للغاية وعدد المدرسين لا يكفى لإستكمال اليوم الدراسي بكامله وذلك نتيجة لعدم عودة الكادر التعليمي للمنطقة وهم في الأساس من المهجرين قصرا يعانون الأمرين وبذلك لا يمكن للقطاع أداء دوره المنوط به إتجاه المسيرة التعليمية.
- قطاع الصناعة
تم إتلاف هذا القطاع بالكامل في بلدية الماية والكثير من المصانع الموجودة هي ملك للقطاع الخاص وهى مصدر رزق يقتات منها أكثر من ( 1000 ) ألف عائلة ليبية وخدماتها ليست مقتصرة على المنطقة فقط فمنها على سبيل الذكر لا للحصر تم حرق سلخانة مملكة اللحوم بالماية وهى من أحدث وأكبر السلخانات المعروفة وتدمير أكثر من أربع مصانع لتعبئيه المياه منها مصنع السلام بالماية والعديد من المصانع مقفلة بسبب تعرضها للسرقة وتعرض أصحابها للإبتزاز وسرقة المنتجات ونقلها لصالح الميليشيات ، كما تعرض مصنع السهل الأخضر للأعلاف بإصابات بليغة نتيجة القصف العشوائي مما أدى إلى توقفه عن العمل وتدمير أكثر من ( 15 ) خمسة عشر مصنع للطوب الإسمنتي وسرقة ونهب محتوياتها من معدات وآلات تشغيل و مصنع الماية للأدوية الذي يمد كل المنطقة الغربية بكميات كبيرة من الأدوية وإسطوانات الأكسجين سرق وتدمير من قبل مليشيات فجر ليبيا وهو الآن عاطل عن العمل و يقع خلف معسكر 27 .
- قطاع الزراعة والثروة الحيوانية
يعتبر هذا القطاع من القطاعات الحيوية في بلدية الماية وذلك لطبيعة المنطقة الزراعية التي تعتبر مصدر تمويل وتغطي الإحتياجات من الخضروات واللحوم للمناطق المجاورة وخصوصا طرابلس العاصمة .
فتعرض هذا القطاع في سبتمبر 2014 من قبل ميليشيات فجر ليبيا لعملية تخريب ممنهجة فلقد تم حرق المزارع وجرف الأشجار وردم الآبار وذلك برمي القنابل اليدوية ( رمانة ) في الآبار الجوفية مما يودى إلى سقوط المضخة والأنابيب وردم البئر فبهذه الطريقة تم تدمير الكثير من أبار المياه في كل المناطق : المعمورة - قرقوزة - الطينة وكذلك قطع جميع أسلاك الكهرباء وأعمدة الإنارة لمنع وصول الكهرباء إلى المزارع وحظائر الحيوانات والطيور .
بتلك الأعمال الإجرامية التخريبية تم موت عدد كبير من الأشجار والأشجار المثمرة وإتلاف المحاصيل الزراعية وموت أعداد كبيرة من الحيوانات وطيور الدواجن وما تبقى منها تعرض لعملية السرقة والضرب كما شاهدتم مقطع الفيديو على شبكات التواصل وهم يتهجمون على الإبل التي ذكرها الله في كتابه العزيز، وبل الأسوأ من ذلك أنهم يقومون بوضع الحيوانات النافقة في أبار المياه والخزانات الجوفية وذلك لمنع الإستفادة منها.
ليس هذا فحسب فحتى الأموات لم يسلمو من أفعال تلك المليشيات وبلغت بهم الوحشية إلى نبش القبور وتجريفها في مقبرة الخروبة بالمعمورة لإستعمالها كسواتر ترابية أثناء عملية إجتياح المنطقة في سبتمبر الماضي وقد نشرت ذلك في وقت سابق بعض وسائل الإعلام وقد شوهدت أطراف وأجزاء الكثير من الجثامين التى نبشت مرمية على أطراف الطريق في مشهد لا يمت للإنسانية بأي صلة ويعد إنتهاكا صارخا لأدنى حقوق الإنسان .
- قطاع المواصلات
قطع المواصلات هو أيضا لم يسلم من جرائم فجر ليبيا فتم تدمير جسر 27 وجرف عدد من الطرقات الساحلية والزراعية وما تبقى من طرق قاموا بوضع سواتر ترابية بها وذلك لمنع المواطنين من إستعمال هذه الطرق وإرغامهم على إستعمال الطرق والمسالك الوعرة للوصول إلى ما تبقى من حطام بيوتهم وجثت حيواناتهم وحطب أشجارهم وأماكن تمثل ذكريات الماضي أصبحت توصف بالأطلال .
الأوضاع الأمنية بالماية :
إنهيار الأوضاع الأمنية في الماية جاء بعد هجوم كبير شنته ميليشيات ( فجر ليبيا ) على بلدية الماية في سبتمبر 2014 ونزوح السكان المدنيين وصل لأكثر من ( 17000 ) سبعة عشر ألف عائلة اضطرت إلى مغادرة ( الماية والطينة والطويبية والمعمورة وقرقوزة ) والنجاة بحياتهم متوجهين إلى جنوب ورشفانة في العزيزية ووادي الهيرة وكذلك طرابلس ومدن أخرى في الغرب الليبي ومنهم من غادر خارج البلاد بحثا عن ملاذ آمن وطلبا للإستقرار .
ومنذ سبتمبر الماضي إستمرت حالات الإنفلات الأمني حيث شهدت الماية والمعمورة حالات إختطاف وإعتقال وتعذيب للمعتقلين ولا يتم إطلاق سراح المخطوفين إلا بدفع فدية مالية للمليشيات المتمركزة بصياد .
و أفاد مواطنين من الماية أن ميليشيات فجر ليبيا إرتكبت جرائم بحق السكان المدنيين حتى بعد رجوعهم لديارهم وخاصة بحق الذين يعارضون عملية فجر ليبيا، كما قامت هذه المليشيات بأعمال الخطف والقبض على الهوية وتفتيش السيارات والمنازل والمزارع والسطو المسلح على المنازل والمزارع وسرقة السيارات .
كذلك صرح مصدر أمني مسؤول أن مراكز الشرطة ببلدية الماية لاتؤدي واجبها في حماية المواطن وتوفير الأمن له جراء تسلط ميليشيات فجر ليبيا علي مراكز الشرطة وإستخدامها كمقرات للتعذيب وإبتزاز المواطنين وكذلك أفاد بتكرار عمليات السرقة والسطو علي المواطنين في الطريق العام ومنازلهم من قبل أشخاص يحتمون خلف هذه الميليشيات .
ويتوقع أحد المواطنيين المختص في الشأن الإقتصادي أن المنطقة تمر بأوضاع إنسانية وإقتصادية أكثر سوءًا مما عليه في السابق و تنذر بكارثة إجتماعية لم تشهدها الماية وقرقوزة والمعمورة والطينة منذ عقود ولم يستبعد إرتفاع مستوى جرائم الخطف والإبتزاز والسرقة داخل بلدية الماية في ظل ذلك الإنهيار .
وحذر رجل أعمال يقيم بالماية من كارثة بشرية قد تشهدها بلدية الماية , وقال إن الواقع المأساوي الذي تعيشه بلدية الماية وضواحيها ينذر بكارثة إقتصادية وإجتماعية على حد سواء إذا ما بقي الحال على ما هو عليه ، ويجب أن تتظافر جميع الجهود الإجتماعية و العسكرية والسياسية لإنقاذ سكان الماية بأسرع وقت ممكن وأن يتمتع السياسيون في ليبيا بحس وطني كبير للخروج من الأزمة التي يعيشها الوطن .
وقال أحد الحقوقيين نحن في بلدية الماية لا نعترف بالمسلحين ومتمسكين بشرعيتنا الإنتخابية المتمثلة في المجلس البلدي الماية ومجلس النواب الموجود في مدينة طبرق ، فالمسلحون من فجر ليبيا دخلوا للماية بشكل غير مشروع مؤكداً أن سكان الماية هم ناس متمدنين ومتحضرين ولا يمكن لهم بأي شكل من الأشكال تقبل نهج المتطرفين سواء سياسيين أو إسلاميين وشدد أن من يسمى فجر ليبيا يحاولوا الإستفادة من وجودهم وتحقيق المكاسب السياسية على حساب مصير الشعب الليبي .
هذا ولا يخفي الكثير من سكان البلدية إمتعاضهم من إستمرار تهميش مجلس النواب والحكومة المؤقتة لهم وإكتفائهم فقط بإعتبار ورشفانة منطقة منكوبة دون إتخاذهم لأي خطوات عملية لما يترتب على مثل هذا القرار .