تطرق الصحفي الإيطالي ميكالي بياري في مقال نشر على الموقع الإيطالي لافورميكا إلى تفاقم خطر "الجماعات الجهادية" المنتشرة في ليبيا.
وأشار الكاتب إلى أن هذه المخاطر تتعمق خاصة بعد ما أسماه وضع "الدولة الإسلامية" موطئ قدم في مدينة درنة، يأتي ذلك في ظل الأزمة السياسية والأمنية التي تمر بها البلاد، مع وجود أطراف إقليمية تؤجج الصراع الداخلي في ليبيا.
وذكر بياري أن الفوضى الحاصلة في ليبيا لها تداعيات خطيرة على أوروبا وعلى وجه الخصوص إيطاليا التي كثفت تحركاتها الدبلوماسية في الآونة الأخيرة بهدف التوصل إلى حل للحد من الأزمة وسقوط البلاد في أتون الحرب الأهلية في سعي لحماية مصالحها الاستراتيجية وأمنها القومي.
التهديد الجهادي
وأشار ميكالي بياري إلى أن الصحيفة الأمريكية ديلي بيست كانت قد دقت ناقوس الخطر حول ليبيا منذ شهر مايو الماضي، حيث اعتبرت أن البلاد أصبحت أرضا هشة بسبب عدم الاستقرار السياسي في السنوات الأخيرة، وذكرت حينها أن البلاد ستصبح قريبا "أرضا خصبة للجماعات الأصولية ومرتعا للإرهاب".
وأضاف الكاتب أنه وبعد ستة أشهر أثبتت الأحداث الراهنة في ليبيا صحة كلمات الصحفي الأمريكي إيلي لايك، بل أكثر من ذلك حيث أصبحت مدينة درنة أول "فتح" للمتطرفين من تنظيم "الدولة الإسلامية" لمدينة على البحر الأبيض المتوسط.
وأضاف أنه بعد تركيز نفوذها في العراق وسوريا، يمتد نفوذ "الدولة الإسلامية" إلى الأراضي الليبية، وقد حظيت بدعم من قبل تنظيم "أنصار الشريعة" ومنظمة "إرهابية" مرتبطة بتنظيم "القاعدة".
واستنتج بياري أنه وفقا لهذه التطورات فإن هناك إمكانية كبيرة لوصول تهديدات الدولة الإسلامية نحو إيطاليا، ما دفع بجهاز الاستخبارات إلى التركيز بعناية شديدة في تطورات الأوضاع في منطقة أطلق عليها كثيرون تسمية "الصومال الجديد".
أزمة كبيرة
ولفت كاتب المقال إلى أن ما يحدث في ليبيا ليس مستغربا خاصة من قبل المتابعين للوضع الليبي.
ووفق المحلل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في لندن ماتيا توالدو فإنه لا يجب الاعتماد على ظاهرة "الإرهاب" لتفسير الأزمة الليبية لأن المسألة أكثر تعقيدا من ذلك.
وأشار إلى أن البلاد تشهد فوضى على جميع المستويات وخاصة على المستوى المؤسسي من خلال وجود حكومتين وبرلمانين.
وقد أصدرت المحكمة العليا يوم الخميس الماضي قرارا بحل مجلس النواب في طبرق الذي انتخب في 25 يونيو الماضي وبالتالي تقويض شرعية حكومة عبد الله الثني "المعترف بها دوليا".
كما انفجرت يوم الأحد ثلاث سيارات في مدينة شحات تزامنا مع اجتماع المبعوث الخاص للأمم المتحدة برنادينو ليونمع الثني.
وأفاد بياري أنه وفقا لصحيفة "ليبيا هيرالد" فإن الهجمات وقعت على بعد أمتار قليلة من المبنى حيث عقد الاجتماع، فهذه العملية لها رمزية، تهدف إلى عرقلة جهود الوساطة التي تشرف عليها الأمم المتحدة بين الأطراف الليبية المتنازعة، وقد نتج عن هذه العملية، مراجعة برنادينو ليون لأجندته في زيارة عدة مدن ليبية بحثا عن حل وسط بين "الفصائل" التي تتقاتل فيما بينها.

سيناريوهات محتملة
وأوضح ميكالي بياري أنه بعد فشل كافة الجهود الدبلوماسية لحل الأزمة الخانقة التي تمر بها ليبيا، تنامت أكثر فكرة التدخل العسكري خاصة من قبل دول الجوار وعلى وجه الخصوص مصر، التي بدورها تدعم حكومة طبرق –المنحلة- واللواء المتقاعد خليفة حفتر، في إطار حربها ضد "الجماعات الإسلامية" بمن فيهم "الإخوان المسلمين".
واعتبر الكاتب الإيطالي في الوقت نفسه أن دول جوار ليبيا تسعى من خلال التدخل في الشأن الليبي وعبر حلفائها في الداخل للسيطرة على موارد البلاد.
ومن ناحية أخرى ذكر بياري أن أطرافا إقليمية أخرى تعارض هذا الخيار على غرار الجزائر التي دعت إلى مناقشة مصير ليبيا وإشراك "التيارات الإسلامية" حتى تلك التي لجأت إلى التحالف مع ما أسمته بـ"الجماعات الإرهابية" للتصدي لقوات حفتر وحلفائه.
فرضية التدخل
وأضاف بياري أن هناك فرضية لتحالف غربي قد تقوده إيطاليا للتدخل في ليبيا بهدف فرض الأمن والاستقرار، وذكر أن روما ومنذ فترة طويلة قد وضعت الأزمة اللبيبة على رأس أولويات سياساتها الخارجية نظرا للمصالح الاستراتيجية الهامة التي تربطها بطرابلس إلى جانب أنها الدولة الغربية الأكثر تضررا من تداعيات الفوضى الحاصلة هناك.
كما تسعى إيطاليا أيضا لوضع الحالة الليبية على رأس أشغال اجتماعات الاتحاد الأوروبي باعتبارها لا تقل خطرا عن الأوضاع في أوكرانيا.
ومن ناحية أخرى شدد وزير الخارجية الجديد باولو جينتلوني خلال مقابلة في برنامج "نصف ساعة" على قناة "الراي 3" على ضرورة تجنب الوقوع في نفس الخطأ الذي حدث قبل ثلاث سنوات عندما كان يعتقد أن التدخل العسكري دون مشروع سياسي سيحل المشكلة في ليبيا.
وأكد جينتلوني أن هناك فرضية إرسال قوات لحفظ السلام في صورة اتفاق الأطراف على حكومة انتقالية، مضيفا أنه يستوجب دعم جهود بعثة الأمم المتحدة في الوساطة بين الفرقاء الليبيين.