قالت صحيفة Le parisien  الفرنسية أنّ ليبيا تغرق في حالة من الفوضى. حيث لا تزال البلاد، من دون حاكم منتخب منذ سقوط معمر القذافي في عام 2011، وتهزها المصادمات العنيفة بين الجماعات المتنافسة التي تتنازع على الأرض. فايز السراج، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المتمركزة في طرابلس، هو الوحيد المعترف به من قبل الأمم المتحدة. وفي المقابل، يهيمن المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، على شرق ليبيا.

وأضافت الصحيفة في تقرير لها بعنوان "ليبيا: بلد الفوضى العارمة" اليوم الثلاثاء، أنّه عقد مؤتمر دولي جمع كل العناصر الفاعلة في منتصف نوفمبر في باليرمو، صقلية. وأنّه تم تأجيل الانتخابات المقررة في ديسمبر، حتى الربيع (في أحسن الأحوال) ، لكن الاجتماع كشف في الغالب عن الانقسامات التي تقوض البلاد. 

وتابع التقرير أنّ إيطاليا تعوّل على إسماع صوتها على المستوى الدبلوماسي. فقد ذهب رئيس الوزراء جيوسيبي كونتي إلى هناك يوم الأحد في محاولة لدفع العملية السياسية. فالقوة الاستعمارية السابقة في ليبيا تعارض التدخل العسكري، الذي تُحمل فرنسا المسؤولية عنه، والذي أدى إلى الإطاحة بالعقيد معمر القذافي، قبل سبع سنوات.

وقالت الصحيفة الباريسية أنّ الميليشيات والجماعات المسلحة، وأيضا إرهابيي القاعدة أو داعش، استغلوا انهيار الدولة الليبية ليثبتوا أنفسهم محلياً، والاستحواذ على جزء مخزون الأسلحة المتروكة. مضيفةً أنّ التناقض الفرنسي الإيطالي ينعكس أيضا في المجال السياسي، فإيطاليا تدعم السراج بينما تميل فرنسا إلى حفتر، في رأس حربة الكفاح ضد الإرهابيين.


** الذهب الأسود في قلب التوترات: 

وحتى لو كنا بعيدين عن ذروة عام 2016، يستمر عشرات اللاجئين في الوصول كل أسبوع في إيطاليا، تاركين الساحل الليبي، الذي يقع على بعد 300 كم فقط من جزيرة لامبيدوسا الإيطاليةـ تقول الصحيفة الفرنسية، مضيفةً أنّه علاوة على ذلك، فإن النفط الليبي الوفير هو مصدر الكثير من الأطماع، ويغذي الصراعات السياسية ويعزز الفوضى العارمة.

ويتابع التقرير أنّه مع وجود 48 مليار برميل، تمتلك ليبيا أكبر الاحتياطيات النفطية في إفريقيا. ما يثير اهتمام الدول الأجنبية وشهوات القبائل المحلية. وتشترك المؤسسة الوطنية للنفط، وهي شركة مملوكة للدولة ليبية، مع مجموعات أخرى، أولا وقبل كل شيء الإيطالية ENI وإلى حد أقل الفرنسية Total.

وأضافت الصحيفة الباريسية أنّه تم إنتاج أكثر من 1.6 مليون برميل قبل انتفاضة عام 2011، لكن هذا العدد انخفض إلى النصف خلال الصراع، قبل أن يرتفع تدريجيا منذ ذلك الحين. وكان لا بد من توقف الإنتاج في أوقات معينة بسبب التوترات القوية، مثل ما حدث في يونيو الماضي.

وأخيرا، تقول الصحيفةن سيطر المشير حفتر، الرجل القوي في شرق البلاد، على الهلال النفطي، وهو منطقة استراتيجية تضم 80٪ من موارد ليبيا النفطية. وبالتالي، فإنّه يتم التصرف في صلاحياتها من قبل مؤسسة النفط، وتوضع تحت سلطة الحكومة المنافسة في غرب البلاد.

ونشرت الصحيفة في تقريرها معطيات سريعة عن أهم الفاعلين الأساسيين حاليا في المشهد الليبي، وهم بحسب تقديرها: المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي، وفائز السراج رئيس المجلس الرئاسي، وغسان سلامة المبعوث الأممي إلى ليبيا، وجوسيبي كونتي رئيس الوزراء الإيطالي، وإيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية، وكما تبين الصورة أسفله فإنّ الصحيفة لم تأتي على ذكر مجلس الدّولة ولا رئيسه خالد المشري كأحد الشخصيات/المفتاح في المشهد الليبي.


وختمت الصحيفة تقريرها برصد أهم المحطات التي مرت بها ليبيا من العام 2011 حتى اليوم.

20 أكتوبر 2011: بعد سبعة أشهر من الغارات الفرنسية الأولى، قتل معمر القذافي ، الذي حكم البلاد لمدة 42 عاما. لتجد ليبيا نفسها بدون رئيس دولة.

7 يوليو 2012: أول انتخابات حرة للجمعية الوطنية، المؤتمر الوطني العام، والمجلس الوطني الانتقالي، الذي تم إنشاؤه خلال الحرب الأهلية في فبراير 2011 ، ينقل له السلطة.

17 ديسمبر 2015: التوقيع على اتفاقية برعاية الأمم المتحدة تنص على حكومة الوحدة الوطنية وتم تعيين فايز السراج رئيساً للوزراء.

25 يناير 2016: البرلمان ومقره في طبرق، في شرق البلادن يرفض حكومة الوحدة الوطنية، والحكومة تنتقل إلى طرابلس العاصمة.

13 نوفمبر 2018: اجتماع الجهات الفاعلة الرئيسية في الصراع في باليرمو، بعد اجتماعين آخرين ، في لاسيل سان كلو (يوليو 2017) وباريس (مايو 2018). لتستمر العملية السياسية، ولكن بمشقة.