هم الأكثر عددًا من بين النازحين ولكن الأقل وضوحًا: الغالبية العظمى من بين أكثر من 60 ألف مدني فروا من القتال في ليبيا، لا يجدون ملاذاً في مراكز الاستقبال، ولكن في الغالب عند أقاربهم، أو معارفهم.

أمام بوابة منزل في جنزور، في الضواحي الغربية لطرابلس، يلاحظ شهاب، ببالون تحت ذراعه، أطفال الحي يلعبون. ولا يجرؤ على الاقتراب لأنه لا يعرفهم.

يحاول تعزية نفسه: "على الأقل، لدي لعبة الفيديو الخاصة بي للعب بمفردي، حيث ليس لدي أصدقاء في هذا الحي".

وصل الصبي، البالغ من العمر سبعة أعوام، إلى منزل عمه في منتصف أبريل، برفقة والديه وشقيقته، بعد فراره من منزلهما في عين زارة، جنوب طرابلس، والتي أصبحت ميدان معركة.

شقيقته عالية، 10 سنوات، تعاني من هذا المنفى القسري، بعد أن تركت وراءها كل شيء مألوف لديها.

"أريد العودة إلى المنزل والعثور على مدرستي. أغلقت المدرسة مرة أخرى بسبب الحرب واضطررت إلى الانفصال عن أصدقائي وعن غرفتي وألعابي".

كان والدهم، عبد الحفيظ، يرغب في العثور على شقة مفروشة للإيجار لشهر رمضان. "لكن المالكين يطلبون إيجارات فلكية ، فهم يستغلون سوء حظنا"، يقول متنهدًا معلم الجغرافيا في المدرسة الثانوية. "لا أعرف ماذا كنت سأفعل لو لم يفتح أخي بابه"، يتابع.


** مواقع جامدة 

مثله، اضطر الآلاف من الطرابلسيين إلى الفرار من منازلهم منذ بداية الهجوم على العاصمة لقوات المشير خليفة حفتر، سيد الشرق الليبي، في 4 أبريل.

فبعد التقدم السريع، يواجه المؤيدون لحفتر معارضة شديدة من القوى الموالية لحكومة الوفاق الوطني، ومقرها طرابلس ومعترف بها من قبل المجتمع الدولي.

المواقع العسكرية مجمدة، لكن القتال ما زال مستمرًا على أبواب طرابلس، في الضواحي الجنوبية، وخاصة في عين زارة، وكذلك في صلاح الدين وخلة الفرجان (حوالي 20 كم من وسط المدينة)، وحول مطار طرابلس الدولي، الغير مستخدم منذ تدميره في عام 2014 بسبب القتال.

تراجعت شدة الاشتباكات منذ بداية شهر رمضان في الخامس من مايو. لكن الغارات الجوية الليلية تستهدف مناطق بعيدة عن القتال، والتي خلفت 454 قتيلاً وأكثر من 2000 جريح، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية.

"اهتمامنا الرئيسي هو حول المدنيين الذين يعيشون بالقرب من الخطوط الأمامية". يقول يونس رحاوي مدير مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر في طرابلس "إن الأحياء المكتظة بالسكان تتحول تدريجياً إلى ساحات قتال".


** حراسة المنزل

كان على حبيبة مغادرة منزلها بسرعة عندما أخبرها جيرانها أنهم يغادرون المنطقة على الطريق المؤدي إلى المطار. ولكن بالنسبة لها، لم يكن المأوى خيارًا.

فقد سمح لها أصدقاء زوجها بالاستقرار مع أطفالها في شقة، كانت بمثابة مكتب لشركة أجنبية، في السياحية، غرب طرابلس. حيث تنام الأسرة على مراتب بين المكاتب والكراسي.


لكن حبيبة ما زالت تعتبر أن لديها "الحظ". وتوضح قائلة "لأنه في كثير من الأحيان لا يملك أقاربنا المساحة أو الوسائل للترحيب بعائلة بأكملها".

تقول إنها تريد الانضمام إلى زوجها الذي يعيش في الخارج. وبالنسبة لأطفالها، "لقد انتهى العام الدراسي على أي حال"، فقد تم تعليق الدراسة في العديد من المدارس التي تحولت إلى ملجأ مؤقت لعشرات العائلات التي تعاني من ضائقة.

في بعض المناطق من الضواحي الجنوبية لطرابلس، تضررت أو دمرت العديد من المنازل بسبب القتال. في قصر بن غشير، أحد أكثر الأحياء تضرراً، هربت معظم العائلات.

حتى إذا كان أقاربه قد غادروا منزل العائلة ليلجأوا إلى أقاربهم، فإن حمزة، 29 عامًا، يريد البقاء "حذرًا"، خوفًا من النهب، ولأنه "لا يشعر بالراحة في منازل الآخرين".

ويؤكد في إتصال هاتفي، أن لديه ما يكفي من المؤونة للبقاء بضعة أيام أخرى. "كانت الأسابيع القليلة الماضية صعبة وأنا بحاجة إلى بعض الراحة"، كما يقول.

"إذا استمر الأمر فسأذهب إلى تونس"، يقول قبل أن يختتم بروح الدعابة: "لدي الكثير من المدخرات والأصدقاء هناك، وبالإضافة إلى ذلك، موسم الصيف قادم. سأقوم بالسياحة، الرفاهية!".





*"بوابة إفريقيا الإخبارية" غير مسؤولة عن محتوى المواد المترجمة، ولا عن التوصيفات والتسميات المعتمدة في المصادر الأصلية.