تتصاعد وتيرة العنف في ليبيا، في ظل استمرار هجمات العناصر الإرهابية التي تنشر في عدة مناطق، وتتزايد المخاوف من عودة البلاد إلي مربع الصفر خاصة في ظل الحالة الأمنية المتردية التي تعاني منها البلاد وسط انقسامات سياسية حادة بين الفرقاء تؤثر على سير الحرب ضد الارهاب.

وقُتل تسعة أفراد من الشرطة على الأقلّ وخُطف 13 آخرون إثر هجوم تبناه تنظيم داعش الإرهابي على مركز للشرطة في بلدة تازربو النائية شمالي الكُفرة جنوب شرقي ليبيا، وهو الاعتداء الذي أدانته عدة أطراف محلية ودولية ودعت الأمم المتحدة على إثره الليبيين إلى توحيد جهودهم لسحق الإرهاب.

رفع الحظر

وهذا الهجوم هو الثاني في أقل من شهر ضد قوات الشرطة، بعد هجوم أوّل تبنّاه تنظيم داعش، وأدّى إلى مقتل خمسة أشخاص على الأقل في 29 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في منطقة الجفرة بوسط البلاد.

وأعاد هذا الهجوم الإرهابي الحديث عن ضرورة رفع الحظر عن تسليح الجيش الوطني الليبي، في ظل تصاعد التحديات الأمنية التي باتت تفرضها تحركات الجماعات المسلحة المختلفة في عدة مناطق ما جعل الجيش يقاتل علي أكثر من جبهة.

وفي هذا السياق، حملت بلدية بنغازي كافة الأطراف الداعمة للجماعات المسلحة والإرهابية مسؤولية الهجوم الأرهابي في تازربو.قالت البلدية في بيان لها ان هذه الجريمة تكشف "بما لا يدع مجالاً للشك عن الوجه الحقيقي للإرهاب الذي لا يرعى للنفس البشرية أي حرمة وتكشف أيضاً زيف الجماعات المتطرفة التي ترتدي عباءة الدين لتبرير أعمالها الإرهابية بينما الإسلام منها براء".

وأشادت بلدية بنغازي بدور القــوات المسلحـة وكافـــة وحــدات الجيــش الليبــي في التصــدي لهــذه الجماعات الإرهابيـــة التي عاثت في الأرض فساداً ودمرت ثروات ومقدرات الشعب الليبي داعية كل البلديات للوقوف صفا واحدا والالتحام بالقوات المسلحة حتى يتم تحرير كامل تراب الوطن من هذه الجماعات التي الاهالي ونهبت خيرات ليبيا وبثت الدمار في ربوعه".

ودعت البلدية المجتمع الدولي لرفع حظر التسليح على الجيش الليبي حتى يتمكن من محاربة الإرهاب واجتثاثه وتجفيف منابعه وحفظ امن البلاد.

استغلال ظرف

وكان الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة، العميد أحمد المسماري، أكد في وقت سابق أن الهجوم الإرهابي على منطقة تازربو، جاء بسبب استغلال داعش بعد المنطقة حيث أنها تبعد 400 كم ، ولا توجد بها قوة عسكرية وإنما فقط كتيبة يوجد بها مكتب لقيادة الجيش وعدد أفراده قليل.

وأكمل المسماري، أن عناصر التنظيم دخلوا المدينة من خلال مركبات تحمل شعارات الجيش وقوات الصاعقة، فعند دخولهم بدا للوهلة الأولى أنهم قوة صديقة، ولكن عندما وصلوا مدخل الفرقة قاموا بإطلاق النار.وأشار إلى أن الإرهابيين دخلوا بشكل مباشر الى مديرية الشرطة ومركز الأمن وتوجهوا بعد ذلك للاستخبارات العسكرية ، وقاموا بالرماية عليها ، فتنبه السكان الى أن هذا الهجوم ارهابي ، فحملوا السلاح. 

وانتقد المسماري الأمم المتحدة مطالباً إياها برفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي، وقال لولا ذلك لتمكنا من تسليح عدد أكبر من أفراد الجيش، وتوفر لدينا طائرات وقوات، لكن المجتمع الدولي شريك بالجريمة.وأكد أن القوات المسلحة بدأت ترتيبات أمنية بعدد من المناطق الحدودية، وأمّنت الحقول النفطية في تلك المناطق، بحيث تم تأمين ثلاثة أرباع الصحراء بإمكانات عالية، داعياً الأمم المتحدة إلى الإسراع برفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي.

تمديد العقوبات

وكان مجلس الأمن الدولي، قد إعتمد في 05 نوفمبر 2018، قرارا صاغته بريطانيا بتمديد العقوبات الدولية المفروضة على ليبيا حتى 20 شباط/فبراير 2020. وحصل القرار الذي تم التصويت عليه في جلسة انعقدت بالمقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك على موافقة 13 دولة من إجمالي أعضاء المجلس (15 دولة) فيما امتنعت دولتان عن التصويت.

وتتضمن العقوبات حظر توريد الأسلحة، وفقا لقراري مجلس الأمن رقم 1970 و1973 لعام 2011.ووصف القرار الوضع في ليبيا بأنه مازال يمثل تهديد للسلم والأمن الدوليين، مؤكدا التزام مجلس الأمن القوي بسيادة ليبيا واستقلالها وسلامتها الإقليمية ووحدتها الوطنية.

يذكر أنه في مارس/آذار 2011، أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 1970، وطلب فيه من جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة "منع بيع أو توريد الأسلحة وما يتصل بها من أعتدة إلى ليبيا، ويشمل ذلك الأسلحة والذخيرة والمركبات والمعدات العسكرية والمعدات شبه العسكرية وقطع الغيار". كما حظر القرار أيضًا أن "تشترى الدول الأعضاء، أي أسلحة وما يتصل بها من أعتدة من ليبيا.

ويأتي قرار تمديد هذه العقوبات، في وقت تحاول فيه السلطات المحليّة سواء التي تتمركز في الشرق الليبي أو في العاصمة طرابلس، إقناع المجتمع الدولي بضرورة رفع حظر تصدير السلاح المفروض عليها، وفكّ تجميد الأموال، من أجل مساعدتها على مكافحة الإرهاب، وتحسين الأوضاع المالية في البلاد.

ورغم الانتصارات التي تحققت في محاور القتال ضد الجماعات الإرهابية، لا تزال التهديدات الأمنية تحيط بليبيا، وهو ما يؤكد حاجة القوات لتسليح متطور يجابه الأسلحة التى تمتلكها العناصرالإرهابية.لكن الأمم المتحدة والقوى الدولية، تطالب بضرورة توحيد المؤسسة العسكرية لرفع حظر التسليح.

ويعتبر مراقبون أن المؤسسة العسكرية تكتسي أهمية كبير في حل الأزمة الليبية، كونها الوحيدة القادرة على محاربة الارهاب وتحقيق الاستقرار، وهو ما يؤكد على ضرورة العمل على توحيد القوات العسكرية والأمنية القادرة على الوفاء بالمتطلبات الأمنية ومكافحة الإرهاب فى كل ربوع ليبيا، حيث ستوفر هذه الخطوة فرصة حقيقية لتسوية شاملة في ليبيا ونقطة البداية لحل الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ سنوات.