يؤثر قرار "أوبك" بشأن عدم تخفيض سقف إنتاج النفط عن 30 مليون برميل يومياً، بشكل مباشر على موازنة ليبيا التي تعتمد في 98% من إجمالي الناتج المحلي على النفط.

وأعلن مسؤولون ليبيون، في أكثر من مناسبة، رغبة بلادهم في خفض سقف إنتاج "أوبك"، لكن بعيداً عن حصتها في السوق لتتفادى عجزاً مؤكداً في موازنتها العامة، بعدما تراجع إنتاجها من 1.6 مليون برميل يومياً في يوليو/تموز 2013 إلى متوسط إنتاج لا يزيد على 500 ألف برميل يومياً في الوقت الحالي.

وتحتاج ليبيا إلى 184 دولاراً على الأقل للبرميل، لكيلا يحدث عجز كبير في الموازنة العامة حسب تقديرات البعض، في حين تهاوى سعر برميل النفط أقل من 65 دولاراً للبرميل. وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن العجز في الموازنة العامة للعام الجاري 2014 سيرتفع إلى 22 مليار دينار (16.9 مليار دولار) بزيادة 16% عن تقديرات المصرف المركزي الليبي التي صدرت في سبتمبر/أيلول الماضي وتشير إلى عجز بحدود 19 مليار دينار.

ووضعت ليبيا موازنتها للسنة الجارية على أساس سعر 100 دولار للبرميل بإنتاج 600 ألف برميل يوميًا، غير أن " ليبيا لا تمتلك موارد مالية لمصروفات العام المُقبل سوى الأخذ من الاحتياطي العام الذيل يُضعف العملة، أو اللجوء للاقتراض من المصارف المحلية" أن الدولة المضطربة منذ ثلاثة أعوام واجهت عبئين، الأول تراجع الإنتاج إلى أقل من 200 ألف برميل يومياً في أوقات متفرقة من العام بسبب التوترات الأمنية، والثاني يتعلق بهبوط أسعار النفط بأكثر من 40% خلال الأشهر الخمسة الماضية.

وتعتمد العضو في أوبك، على إيرادات النفط في تمويل 95% من نفقاتها سنوياً، على الأقل، يُخصص أكثر من نصفها لرواتب موظفي القطاع العام والدعم الحكومي لعدد من السلع الأساسية، بينها الخبز والوقود وخدمات، مثل العلاج في المستشفيات بالمجان وكذلك العلاج في الخارج. وبلغت إيرادات ليبيا من النفط حتى نهاية سبتمبر/أيلول 9.5 مليارات دولار، فيما وصل الإنفاق إلى 23.2 مليار دولار. وتوقعت وزارة النفط الليبية مطلع يوليو/تموز، أن يرتفع الإنتاج النفطي إلى 1.2 مليون برميل يومياً بنهاية العام الجاري، في حين بلغ متوسط معدل الإنتاج في النصف الأول من العام الجاري 350 ألف برميل يومياً.

غير أن تراجع الإنتاج كلف البلاد خسائر في الإيرادات بنحو 35 مليارات دولار نتيجة إغلاق موانئ تصدير النفط. وعلاوة على ذلك، تواجه ليبيا حالة من الانقسام المالي، حيث تسلمت حكومة الإنقاذ الوطني التابعة للمؤتمر الوطني المنتهية ولايته، جميع حسابات الوزارات في طرابلس، وتقوم بالصرف من الميزانية على النفقات الحكومية، في حين تعقد حكومة عبد الله الثني، التابعة لمجلس النواب المُنعقد بطبرق، جلساتها في مدينة البيضاء، وتمارس عملها هناك.

وقال عميد كلية الاقتصاد بجامعة طرابلس، أحمد أبو لسين، إن ليبيا ستلجأ إلى صندوق النقد الدولي منتصف العام المُقبل على الأكثر، للاقتراض، في حالة استمر التطاحن الدموي في البلاد بالتزامن مع تراجع أسعار النفط عالميا، لأن الاحتياطيات المالية من العملة الصعبة بدأت تنزف، مؤكداً أن الدولة لا تمتلك موارد مالية لمصروفات العام المُقبل سوى الأخذ من الاحتياطي العام الذي يُضعف العملة، أو اللجوء للاقتراض من المصارف المحلية.

وعلى صعيد إنتاج النفط، قال محمد الحراري، الناطق الرسمي باسم المؤسسة الوطنية للنفط، إن الإنتاج متذبذب في حدود 700 ألف برميل يومياً وأعلى سقف لهُ منذ مطلع العام الجاري كان عند 950 ألف برميل يومياً، وذلك خلال أكتوبر/تشرين أول الماضي.

وأكد أن ثمة محاولات فنية بشأن تشغيل حقل الفيل النفطي البالغ إنتاجه 86 ألف برميل يومياً، مشيراً إلى أن عدم تشغيل الحقل حتى صباح أمس (الإثنين)، نتيجة سوء الوضع الأمني هناك.