نشرت جريدة لومند الفرنسية خريطة عن النزاع الدائر في ليبيا، عنونتها بـ "الخارطة الليبية في طريق الانفجار". رغم هذا العنوان المثير، فإن القراءة المصاحبة للخريطة بدت أكثر رصانة والتصاقا بتقدم الأحداث على أرض الواقع.

ينطلق المقال من خبر غلق أكبر موانئ نقل النفط الليبي، ميناء السدرة. يعتبر كاتب المقال أن بلوغ القتال إلى المرافئ النفطية هو إشارة واضحة لدوافع الصراع الليبي التي تتخفى عادة وراء التجاذبات السياسية أو العقائدية. الموانئ التجارية تعد هي الأخرى بؤرة للصراع، حيث تصدت قوة جوية موالية للحكومة في طرابلس لاقتراب مسلحين من ميناء سرت، أحد أهم الموانئ التجارية. يرى الكاتب أن كل ذلك يتم في إطار تنازع حكومتين للسيطرة على نقاط تصدير النفط في خطوة يراها كلا الطرفين أساسية للسيطرة على الدولة الليبية.

أهم ما توضحه الخريطة إذن هو توزيع الموانئ حسب القوى المسيطرة عليها مع تبيان الموانئ الناشطة من المتوقفة. كما تشير لتوقف منشآت النفط في الغرب الليبي عن العمل، بينما تظل المنشآت الأخرى تحت تهديد السلاح.

نقطة صراع أخرى ذات دلالة عالية هي المعبر الحدودي الرئيسي بين ليبيا وتونس، معبر راس جدير، حيث يشير اقتراب المعارك منه لما يمكن اعتباره أول خطوات تدويل الصراع، بجر القتال على مشارف بلد جار.

تطرح الخريطة أيضا أطرافا أخرى في الصراع الليبي، غير تلك المعلنة في المقال مثل الأمازيغ (تبين الخريطة أنهم العنصر الرئيسي في الشمال الغربي)، أو الطوارق الذين يسيطرون على الجنوب الغربي ويبحثون عن اعتراف بهم كمواطنين من درجة أولى.

توضح الخريطة أيضا خطوط مرور الأسلحة عن طريق الصحراء الجزائرية، من وإلى مالي. علاوة على تجارات أخرى مثل المخدرات ومختلف أنواع التهريب. وتشير كذلك لمطالب انفصالية بارزة مثل استقلال اقليم برقة. مطالب تتقاطع على نفس الجزء من الخريطة مع أطماع الجماعات الأصولية في انشاء إمارة اسلامية.

أخيرا، نتساءل لماذا تم اخيار عنوان "الخارطة الليبية في طريق الانفجار"؟ يبدو أن الحديث عن انفجار الخارطة الليبية مرتبط بمؤشرات ظهور داعش في ليبيا، خاصة أن تحركاتها في المنطقة ترافقت مع عودة الحديث عن تقسيم العراق..