وكأنها قاعدة بدأت تترسخ مع كل عملية إرهابية، وهو أن جميع التونسيين الذين نفذوا العمليات مروا من ليبيا للمران. ففي عملية يوم الجمعة الماضي على شاطئ القنطاوي، أخذت التحقيقات تشير إلى أن المنفذ سيف الدين الرزقي تدرب على السلاح في ليبيا، وهو ما صرّح به علانية أمس الثلاثاء رفيق الشلي كاتب الدولة للأمن القومي في تونس.

الشلي يشير بوضوح إلى منطقة معينة في ليبيا، كفضاء تدريب للتونسيين: صبراتة. هذه المدينة التي لا تبعد الا قرابة 100 كيلومتر عن الحدود التونسية هي اليوم بالنسبة للأمن التونسي موقع خروج التونسيين الذين يقومون بعمليات إرهابية في داخل تونس.

في عملية باردو يوم 18 مارس والتي أسفرت عن 22 قتيلا، تأكد للمحققين أن صابر الخشناوي وياسين العبيدي مرا من صفوف داعش وتدربا في معسكر فوق الأراضي الليبية. نفس الأمر مرجح بالنسبة لمنفذ عملية القنطاوي. وترجح التقديرات الأمنية أن جميع هؤلاء الإرهابيين ذهبوا إلى ليبيا في شهر ديسمبر 2014.

وتقول معطيات أخرى انه يوجد في صبراتة معكسر كان خاصا باحتضان التونسيين الفارين من البلاد بعد تصنيف وزارة الداخلية التونسية تنظيم أنصار الشريعة تنظيما إرهابيا في جويلية 2013. وكان هذا المعسكر يدار من قبل أحد زعماء هذا التنظيم أحمد الرويسي الذي يعتبر المتهم الرئيس في اغتيال كل من شكري بلعيد ومحمد البراهمي سنة 2013. قبل أن يعلن الرويسي انتمائه إلى داعش وقت الإعلان عن الفرع الليبي في أواخر سنة 2014. في بداية العام الحالي ترددت أنباء بأن الرويسي قد لقي حتفه في مدينة سرت.

إن قناعة المحققين بمسؤولية هذا المعسكر في تفريخ الإرهابيين التونسين يلقي الضوء على معضلة إستراتيجية ستعيش تونس على وقعها في المرحلة القادمة. فالسياسة الخارجية لتونس معروفة بالحياد وهي تتبع هذا التوجه في ليبيا أيضا، ولكن أي فاعلية لهذه السياسة الآن؟