تكررت محاولات تركيا في الآونة الأخير، لمد أذرعها أكثر من مرة إلى العمق الليبي، في محاولة للعبث بأمن البلاد من خلال دعم الميليشيات الإرهابية بالسلاح أو عبر محاولات تأجيج الأوضاع والتحريض ضد الجيش الليبي، وسط انتقادات متصاعدة لدور أنقرة المشبوه في هذا البلد الممزق بالانقسامات منذ سنوات.

آخر التدخلات التركية في ليبيا جاءت هذه المرة عن طريق انتقادها لتعمليات الجيش الليبي في جنوب الليبي في استعداء جديد للقوات المسلحة الليبية. حيث وجه المبعوث التركي إلى ليبيا، أمر الله إيشلر، الإثنين، انتقادات للعملية العسكرية التي أطلقها الجيش ضد عصابات المعارضة التشادية المسلحة والجماعات الإرهابية والعصابات الإجرامية في الجنوب، معتبراً أنها "مخالفة للاتفاق السياسي. وقال إيشلر في حديث نقلته وكالة الأناضول التركية، إن "قوات حفتر تمكنت من القضاء على المعارضين بسهولة بفضل الدعم الجوي الذي تتلقاه من مصر والإمارات، وتواصل صراع القوى في البلاد". وأوضح إيشلر أن الحل في ليبيا يكمن في "إظهار إرادة دولية قوية"، مشيرا إلى أن بلاده تؤدي دورا إيجابيا في الأزمة الليبية، كما دعا كافة الأطراف للتعامل بإيجابية مع الأمر و"الابتعاد عن تطبيق المعايير المزدوجة"، بحسب زعمه.

وقوبلت تصريحات المبعوث التركي بانتقادات واسعة في الأوساط الليبية، وإعتبر رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح، الأربعاء، في بيان، أن تصريحات المبعوث التركي "تدخل مرفوض في الشأن الليبي الداخلي واعتداء على سيادة ليبيا"، مؤكداً أن تركيا "ومن خلال هذه التصريحات تواصل دورها في تقويض إنهاء الأزمة في ليبيا وبسط الأمن بالبلاد، ودعم الجماعات الإرهابية وتقديم الدعم المادي واللوجستي لهذه الجماعات المتطرفة وذكّر صالح بشحنات الأسلحة التي تم ضبطها من السلطات اليونانية والليبية، وخرجت من دولة تركيا والتي كانت متجهة لميليشيات ليبيا، مطالباً أنقرة بتغيير موقفها ووقوفها إلى جانب الشعب الليبي، "بدلا عن دعم الإرهاب والتطرف وتقويض الأمن في ليبيا الذي تحقق بفضل تضحيات أبناء القوات المسلحة وضبط السلطات الليبية في عدة مناسبات شحنات أسلحة قادمة من تركيا. وآخر هذه العمليات جاء مع ضبط سلطات الجمارك الليبية، مطلع فبراير الجاري، لمدرعات قتالية وسيارات رباعية الدفع قادمة من تركيا، إلى جماعة مسلحة مجهولة، في ميناء الخُمس البحري غرب البلاد. لتضاف هذه الحادثة إلى سلسلة حوادث مشابهة خلال السنوات الماضية وتعتبر هذه الشحنة الثالثة في أقل من شهرين في مسعى واضح لدعم أنقرة للمليشيات التي تراجع نفوذها بشكل كبير وبدأت في الانهيار.

وأثارت هذه الشحنات المتتالية ضجة وتنديدا واسعا في ليبيا وخارجها، رافقتها مطالب بإدانة تركيا أمميا بتهمة خرقها لقرار مجلس الأمن القاضي بحظر بيع ونقل الأسلحة إلى ليبيا، وفتح تحقيق لمعرفة دورها في تأجيج الفوضى وتعطيل التسوية السياسية في بلد يعاني منذ سنوات من انتشار السلاح وحمل المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، العميد أحمد المسماري، تركيا "مسؤولية تدمير قواعد الأمن والسلم في ليبيا، وعمليات الاغتيال في صفوف الأمن والجيش والمحامين، إلى جانب ضلوعها بعدد من العمليات الإرهابية". وقال المسماري، في مؤتمر صحفي في يناير الماضي، أن أنقرة تخرق قرارات مجلس الأمن التي تحظر تزويد الإرهابيين بالسلاح، فضلًا عن خرق القرار الخاص بحظر توريد السلاح إلى ليبيا وتتحمل تركيا جانبا كبيرا من الفوضى التي تعيشها ليبيا منذ سنوات، بسبب استمرار تزويدها للميليشيات المسلحة المتشددة بالأسلحة والذخائر.

ويرى الكثيرون أنّ تركيا تهدف إلى إشعال الوضع الليبي عبر دعمها للميليشيات، وإطلاق تصريحات مناوئة للجيش الوطني الليبي الذي يسعى لتطهير البلاد من الارهاب ونقل موقع "ارم نيوز"، عن الناشط الحقوقي الليبي جمال الفلاح، إنّ تركيا تقوم بدور سلبي في ليبيا عبر إغراق البلاد بالأسلحة ودعم الميليشيات الإخوانية، مشيرًا إلى أنّ ما تقوم به أنقرة يربك جهود المصالحة بالبلاد. وأضاف الفلاح، إنّ الموقف التركي من عمليات الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، يدلّ على أنّ أنقرة تقف في خندق الإرهاب ضد الأمن والاستقرار من جانبه اعتبر الناشط المدني والسياسي الليبي زكريا تاجوري، أنّ التصريحات التركية المناوئة لعمليات الجيش الوطني الليبي في الجنوب، خير دليل على دعم أنقرة للإرهاب في ليبيا، والمنطقة عمومًا. وأبدى تاجوري استغرابه من التدخلات التركية السافرة في الشأن الداخلي الليبي، مضيفا : "أعتقد أن الأزمة الليبية لن تنفرج مادامت تركيا تتدخل في شؤوننا الداخلية، وتدعم الميليشيات المتشددة بالمال والسلاح". بحسب موقع ارم نيوز. وتأتي الانتقادات التركية في وقت يواصل فيه الجيش الوطني الليبي تقدمه في الجنوب حيث تمكنت القوات الليبية مساء الخميس من السيطرة على حقل الفيل النفطي ثاني أكبر الحقول النفطية في الجنوب الغربي للبلاد والذي تشغله شركة مليتة للنفط والغاز، وهي شركة ليبية إيطالية. وقالت غرفة عمليات الكرامة التابعة للجيش الليبي في بيان صحافي، إن "قوات الجيش الليبي تمكنت من بسط سيطرتها الكاملة على حقل الفيل النفطي جنوب البلاد"، مشيرة إلى أن القوات تستعد لتسليم الحقل إلى قوات حرس المنشآت النفطية كونها الملكفة بتأمين حقول النفط الليبية ويأتي ذلك بعد يوم من نجاح قوات الجيش الوطني، في فرض سيطرتها، على مدينة مرزق جنوب غربي البلاد. وأعلن اللواء عبد السلام الحاسي، قائد غرفة عملية الكرامة التابعة للجيش، في بيان نقلته وسائل إعلام محلية، سيطرتها على كامل المدينة، ومباشرتها ملاحقة فلول الإرهابيين والعصابات الأجنبية الفارة من المدينة وكان الجيش قد أعلن الأسبوع الماضي سيطرته على حقل الشرارة أكبر الحقول النفطية في الجنوب.

كما تمكنت قوات الجيش الليبي خلال الأسابيع الماضية من السيطرة على أكبر مدن الجنوب مدينة سبها وكذلك مدن أوباري وغدوة، وعدة مؤسسات حيوية منها حقل الشرارة ومحطة كهرباء أوباري الغازية وعدة نقاط عبور بالقرب من الحدود التشادية والنيجر وجاءت تصريحات المسؤول التركي متناغمة مع المواقف التي وُصفت بالعدائية لحلفاء تركيا فى ليبيا وخاصة جماعة "الإخوان المسلمين" من العملية العسكرية فى الجنوب التي يسعى من خلالها الجيش الليبي لدحر التنظيمات الارهابية والعصابات التشادية التي استباحت الأراضي الليبية ويثير تقدم الجيش الليبي في الجنوب، مخاوف تيار الاسلام السياسي وعلى رأسها جماعة "الاخوان المسلمين"، والجماعة الليبية المقاتلة، من اقتراب القوات المسلحة من العاصمة طرابلس. وهو ما دفعها لمحاولات متعددة هدفت لعرقلة تقدم الجيش بدأت بدفع المبعوث الأممي لانتقاد العمليات العسكرية، والضغط على حكومة الوفاق للدفع بقوات لمواجهة الجيش، لتصل الى حد دعوة مجلس الأمن الدولي للتدخل ضد الجيش في الجنوب الليبي وتسيطر المليشيات المسلحة منذ سنوات على العاصمة طرابلس، وعدد من مدن الغرب الليبي، وتصر قطر وتركيا على تواجد هذه المليشيات وذلك لتنفيذ أجندتها التي تهدف إلى نهب ثروات الشعب الليبي. وتعاني طرابلس من أزمة سيولة نقدية وأزمة الوقود وتهريب السلع الأساسية، فضلا عن المعاناة التي يعيشها السكان في سبيل الحصول على جزء بسيط من رواتبهم الذي يصرف من عائدات النفطوكان المتحدث الرسمي باسم الجيش الليبي العميد أحمد المسماري، قال في وقت سابق، إن تركيا تقود تحالف دولي بأموال قطرية لتدمير الدولة الليبية.

وأضاف "المسماري" في اتصال هاتفي مع قناة "إكسترا نيوز" الإخبارية، أن هناك محاولات تركية مستمرة لدعم الإرهاب والجريمة في ليبيا ومحاربة الجيش الليبي، وأن المنطقة مهددة بالإرهاب التركي وأشار إلى أن معارك الجيش الليبي ضد الإرهاب في الجنوب مستمرة بلا هوادة، ونحن لا نريد أن تكون هناك دولة متطرفة في جنوب ليبيا، مؤكدا "يوجد مخطط لتقسيم الجنوب وإنشاء دولة متطرفة".

وطالب "المسماري" مجلس الأمن بعمل حظر دولي على تركيا، مؤكدا أن معركة الجيش الليبي هي محاربة الإرهاب ويبدو واضحا أن الانتقادات التركية الأخيرة لعمليات الجيش الليبي في الجنوب تصب أيضا في سياق محاولات عرقلة تقدم القوات المسلحة، حيث تسعى انقرة إلى دعم الجماعات الموالية لها بهدف مد أذرعها والسيطرة على البلاد خدمة لمصالحها وأطماعها في هذا البلد الغني. وتمثل انتصارات الجيش الليبي بحسب المراقبين اجهاضا لمشروع تركيا والجماعات الموالية لها في ليبيا